“صدى الوطن” أيدت وتؤيد جميع الثورات في وجه الحكام الذين قبعوا على صدور الشعوب العربية، لإيمانها بأن هذه الشعوب تستحق أكثر بكثير من الحال الذي أوصلها إليه هؤلاء. فأفقدوا هذه الشعوب ذات الطاقات البشرية والثروات الهائلة مكانتها على الخارطة العالمية. ولكننا ننظر الى ما يحصل في سوريا، بعين مختلفة، لأن سوريا شكلت حالة خاصة بين الدول العربية.
فهذه الدولة بقيادة الأسد كانت استثناءً لأشقائها العرب الذين ذهبوا بعيداً في مجاراة الغرب والالتحاق بمشاريعه وأصبحوا أدوات في أجندة الولايات المتحدة ومن خلفها إسرائيل، فوصلت القضايا العربية الى الحضيض من مصر الى ليبيا الى العراق ولبنان.. وصولاً الى القضية المركزية فلسطين.
وحدها سوريا، حملت القضايا العربية وشكلت سداً أمام المشروع الأميركي في المنطقة منذ التحول العربي “للسلام” مع إسرائيل، من اتفاقية “كامب دايفيد” الى “وادي عربة” و”أوسلو”، إضافة الى غزو العراق والعدوان على لبنان وغزة.. فحققت إنجازات كوّنت عائقاً أمام مشروع الشرق الأوسط الجديد، من خلال مساندة حركات المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين، بشكل لا ينكره أي مراقب. وإن كان بعض المراقبين يغوصون في مسألة النوايا ويعتبرون الخطوات العملية التي قام بها النظام السوري لدعم الخط المقاوم بأنها “تجارة أوراق سياسية” وما شابه ذلك..
إن فرادة الدور السوري في المنطقة، تحتم النظر إلىه بصورة مختلفة. وهذه الفرادة لا تنبع فقط من دوره الإقليمي الممانع، إنما أيضاً من خلال تشكيله صمام أمان يمنع انفجار صراع إيراني-عربي، أو سني-شيعي في المنطقة، مع وجود عدة أطراف، في المنطقة وخارجها، تعمل على تأجيجه.
ولكن دور النظام وسياسته الخارجية المميزة، لا يبرر استمرار النظام على نهجه الأمني في كبت الحريات العامة وملاحقة المعارضين، فضلاً عن استشراء الفساد والمحسوبيات الى حد لا يمكن التغاضي عنه، فلا بد لهذا النظام أن يستجيب لنبض الشارع العربي الذي يطالب بالحريات من المحيط الى الخليج، وأن يبادر بإصلاحات تلبي طموحات الشعب السوري الذي أثبت أنه حاضن العروبة وحامي المقاومة وعرين التسامح الديني والعرقي الأول في المنطقة.
ونحن على يقين أن هذا النظام ما لم يقدم لشعبه ما يطالبه به سيكون مصيره السقوط، مهما اختلفت وسائل الالتفاف والروايات الرسمية، للأحداث التي تهز المدن السورية، صحيحة كانت أم مختلقة. مع العلم أن ما لا شك فيه أن هنالك أطرافاً إقليمية ودولية تتربص بهذ النظام وتسعى الى إخضاعه الى دفتر شروط، والتاريخ غير البعيد شاهد على ذلك.
عهدنا في النظام السوري شجاعته في مواجهة القضايا الخارجية وحسن إدارته لملفات عجزت الدول العظمى عن السيطرة عليها، كما عهدنا فيه استقلاليته بعدم الارتهان السياسي والمالي لأية جهة خارجية، تحالف معها أم عاداها، لذلك لا نشك بقدرة النظام على معالجة الأزمة التي يتعرض لها بالسبل التي ترضي الشارع السوري وتلبي مطالبه العادلة في عملية الانفتاح والإصلاح وفتح فضاء الحريات ومكافحة الفساد.
“صدى الوطن”
Leave a Reply