من مسلسل “ويكيليكس”: نسيب لحود تمنى “أن تذلّ اسرائيل حزب الله”!
بيروت –
اعتاد اللبنانيون فكرة واقع حكومة تصريف الأعمال، بعد أن غرق السياسيون في أوحال السجال حول الحصص، بالتزامن مع غياب عنصر قوة لطالما كان الفيصل في حل الأزمات السياسية الداخلية، يتمثل في انشغال الأطراف الاقليمية والدولية بأحداث كبرى.
غير أن مؤشر ولادة الحكومة عاد ليرتفع مجددا، مع دخول الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد على خط تذليل العقبات، التي تنعكس على شكل خلاف يظهر تباعا للعلن بين جنرالي بعبدا والرابية العماد ميشال سليمان والعماد ميشال عون، الى جانب ضغوط يمارسها فريق في المملكة العربية السعودية لا يزال يؤمن بـ”قدرات” سعد الحريري.
الرئيس الأسد استقبل النائب سليمان فرنجية عارضا معه، بحسب وكالة “سانا”، “الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة اللبنانية والاوضاع على الساحة العربية”. في حين تحدثت تقارير صحفية عن زوار لبنانيين اخرين الى دمشق من بينهم شقيق الرئيس المكلف طه ميقاتي والنائب وليد جنبلاط، اضافة الى المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل.
على وقع هذا الحراك، تبدلت التسريبات حول حجم الحكومة ومعها حصص الأقطاب، ما بين تشكيلة من 26 وزيرا بعضهم من التكنوقراط أو من 30 وزيرا بانتظار رضوخ معارضي الجنرال عون لمطلبه بتمثيل اوسع لتياره كنتيجة واقعية لحجمه السياسي.
وتوجّه عون، بعيد اجتماع كتلته الاسبوعي الى الأطراف المعنية بتشكيل الحكومة، بالقول”اذا كنتم تريدون حكومة تكنوقراط فنحن لدينا، ولكي يكون اي احد هو العقدة يجب ان يكون يطلب امرا مستحيلا خارج الحقوق والعرف، واما اذا كان يطلب امورا داخل العرف والحقوق فلا يكون يعرقل”.
واشار عون الى ان “الحكومة اكانت تكنوقراط او غيرها تبقى مسؤولية الاكثرية الجديدة، وأي أحد يريد الدخول للحكومة يجب ان يكون لديه هوية سياسية”، لافتا الى ان “مدة تشكيل الحكومة غير محدودة بزمن، لكن هناك مهلة معقولة يعرفها رئيس الحكومة المكلف، ولم اعرف حتى الآن عدد الوزارات ولا ما هي”.
وتساءل عون: “الا يحق لنا ان نكون الاكثرية ونشكل الحكومة؟ او يحرقون الدواليب؟ ما الضوابط القانونية للحكم الديمقراطي؟ هل نفصّل على أهواء الموجودين؟ لا هذا غير مقبول، واذا اردتم استخدام معيار القوة فنحن جاهزون”.
وعن اجتماعه برئيس جبهة “النضال الوطني” وليد جنبلاط قال: “اجتماع تقييمي وكنا مرتاحون بنهاية اللقاء”.
بدوره، أبدى رئيس المجلس النيابي نبيه بري موقفا أكثر تقاربا مع عون في مواضيع عديدة، فأشار في دردشة صحفية الى أنه “سيقف إلى جانب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون في مواجهة الفساد”، وأنه سيذهب حتى النهاية في هذا الملف، بل “إن الكثيرين قد يتفاجأون بالشراسة التي سأبديها متى بدأت تلك المعركة، لأنني أريد أن توضع النقاط على الحروف لمرة أولى وأخيرة، بحيث تُفتح كل الدفاتر مرة واحدة وننتهي من التعميم في الأحكام”.
وأضاف بري: مجلس الجنوب تعرض للكثير من التجني والافتراء لأنه تجاوز أحيانا بعض القواعد بغية تأمين أفضل الشروط لدعم ابن الجنوب وتمكينه من الصمود في أرضه ومساعدته على إعادة إعمار ما يهدمه العدوان الإسرائيلي، أما أنماط الهدر الحقيقي والإفساد الفعلي فلا يُضاء عليها بالقدر الكافي، ولعل الأخطر على هذا الصعيد يتمثل في ثقافة الفساد التي أُدخلت الى حياتنا السياسية من خلال الرشوة الصريحة وشراء الولاء، كما تبين من خلال “الاعترافات الموثقة”.
وفي ما يخص الحملة المستجدة لفريق الرابع عشر من آذار ضد سلاح المقاومة، فلفت بري انتباه المنخرطين في هذه الحملة الى أن “السلاح الطائفي هو الأخطر على البلد وهو أصل العلة، لانه تسبب بالكثير من النزاعات في الماضي ويهدد بإنتاج المزيد منها في المستقبل”، مشددا على أن “المقاومة هي بالنسبة الينا خيار إستراتيجيي وحضاري وليست مجرد بندقية وصاروخ، وبالتالي فاننا نعتبر انها غير معنية بكل ما يحكى حاليا عن السلاح، لان هذا الكلام الذي يُلقى على عواهنه لا ينطبق عليها”.
وإذ إستعاد بري محطات من الماضي، ليستدل على ان التاريخ يعيد نفسه، أوضح أنه “للعلم، ايام الانتداب الفرنسي، كان هناك أيضا من يسعى الى إقامة حزام أمني ومن يعتبر ان المجاهدين في جبل عامل هم رجال عصابات وليسوا مقاومين، وهذا ما دفعني الى تخليد ذكراهم من خلال إطلاق اسمائهم على العديد من الامكنة في الجنوب، منعا لتشويه التاريخ والحقيقة، وما تتعرض له المقاومة اليوم التي يصفها بعضهم بأنها ميليشا هو امتداد للمنطق ذاته وللثقافة ذاتها.. لم يتغير شيء للاسف والأخطاء ذاتها تتكرر”.
في المقلب الآخر، تابع رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري هجومه على “حزب الله”، فحذّر من مخاطر استخدام لبنان “منطلقاً وورقة في تأجيج الصراعات الداخلية في البلدان العربية”، في ردٍ على الكلمة الأخيرة السيد حسن نصر الله التي تناول فيها الثورات في العالم العربي.
ولفت الحريري الى انه “استمعنا قبل ايام الى مواقف صدرت عن قيادات رئيسية في “حزب الله”، خُصصت لزج لبنان ،في خضم التحركات التي تشهدها بعض البلدان العربية الشقيقة، وهي مواقف تتحرك على أساس ان هناك تحركات “بسمنة” وتحركات “بزيت”. فما هو مقبول في طهران وعربستان وقمّ ومشهد، مرفوض في المنامة وغيرها من العواصم، وما هو مرفوض في طهران مقبول في سواها”.
الحريري، وفي كلمة له خلال استقبال وفود بيروتية في بيت الوسط، اعتبر ان “هناك من يريد ان يتخذ من لبنان، ساحة لتصدير الثورات الى البلدان العربية، ويتصرف مع التحركات الشعبية العربية كما لو انه الاب الروحي والفكري لتلك الثورات، وهو امر لا يخالف الحقيقة والواقع فحسب، ويحاول ان يسقط على الحركة الشعبية العربية اسقاطات لا علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، انما هو امر يتجاوز حدود التاييد والتضامن، ليجعل من لبنان ورقة في مهب الخلافات الداخلية للعديد من البلدان العربية”.
مسلسل “ويكيليكس”
تابعت وسائل الإعلام المحلية تناول وثائق “ويكيليكس” في شقها اللبناني. وفي جديدها أمنية النائب الأسبق نسيب لحود أن تذّل اسرائيل القوة العسكرية لـ”حزب الله”. واعتبر لحود ان البنية التحتية المدنية لحزب الله دمرت في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت “لكن القيادة وغالبية المقاتلين تمكنوا من البقاء على قيد الحياة”، مقترحا الا تلوم الولايات المتحدة “حزب الله” على الخسائر التي تعرض لها لبنان، وان تترك للبنانيين التوصل الى تلك النتيجة بأنفسهم.
وعن المشاعر المعادية للسياسة الاميركية في لبنان، رأى لحود انها امر متوقع، ناصحا بالتركيز على الفترة اللاحقة للحرب من أجل التخلص من هذه المشاعر.
أما وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال الياس المر، الذي يجهد هذه الأيام للتقليل من مستوى الخسائر السياسية التي تعرضّ لها جراء ما نُقل عنه حتى الآن في ملفي “ويكيليكس” والتحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فكان له أيضا حصة جديدة في الوثائق هذا الأسبوع، حيث كشفت وثيقة من وثائق “ويكيليكس” مؤرخة بتاريخ 10 اب 2006، أن المر “اكد ان انتشار 15000 جندي من الجيش في الجنوب يمكن ان يكون خلال 8 ساعات”، مشيرا الى ان “جميع الضباط القادة في الجيش موافقون كليا على هذه الخطة وانه لحظة انتشارهم في الجنوب سيستلمون العتاد العسكري اللازم من السعودية ودول الخليج”.
ولفت المر الى انه لا يعتقد “ان القبول الشيعي بخطة انتشار الجيش دلالة على ان الجيش قد يقع في فخ مواجهة اسرائيل في الجنوب”، زاعما ان “رئيس المجلس النيابي نبيه بري يصلي من كل قلبه ليتحرر سياسيا من حزب الله”.
واعتبر المر ان “حزب الله لن يتراجع الى الخلف الا بهدف التحالف مع تنظيم القاعدة الجديد”، أي مجموعات سنية جهادية في شمال لبنان والبقاع، لدعم الهجمات على الجيش اللبناني في هذه المناطق.
وفي وثيقة مؤرخة بتاريخ 16 اب 2006، خلال لقاء المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي بالسفير الاميركي في بيروت جيفري فيلتمان عقب اجتماعين مع كل من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ووزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت للبحث بشان المتغيرات في مطار بيروت الدولي، ناقش فيلتمان وريفي تفاصيل التعيينات الامنية الجديدة في المطار الهادفة الى منع تهريب السلاح. و وقال ريفي، بحسب الوثيقة، ان رئيس جهاز امن المطار العميد وفيق شقير “لم يعترض على تهميش دوره في المطار لان قوى الامن تعرف عنه كل شيء: ادمانه على الكحول ونشاطاته السابقة في التهريب”.
وعلى ذمة فيلتمان فان ريفي لا يثق بولاء ضباط الاجهزة الامنية الاخرى المكلفين بمراقبة رحلات الشحن، وتحدث ريفي بالتحديد عن ضرورة استبدال “عشرة ضباط شيعة”.
كذلك دعا ريفي الى تزويد مؤسسته بعشرة الاف بندقية من نوع كلاشينكوف أو ما يوازيها لتلبية حاجات الافراد الجدد الذين تضمهم المديرية الى صفوفها، ولفت الى ان المشكلة الوحيدة التي يعاني منها في عملية تجنيد شبان لبنانيين في مديريته تكمن في العدد غير الكافي من المتقدمين المسيحيين.
على صعيد أخر، اكدت وثائق “ويكيليكس” ما رددته أوساط المقاومة مرارا من دعم سوري مفتوح لها خلال حرب تموز، حيث كشف وثيقة جديدة أنه يوم 25 تموز 2006 التقى الرئيس السوري بشار الاسد كاتب سيرته الذاتية الصحافي الاميركي دايفيد ليش، وبعد اللقاء اجتمع ليش بالقائم باعمال السفارة الاميركية في دمشق ليخبره بتفاصيل الحديث الذي دار بينه وبين الاسد.
وأكد ليش ان الاسد مطمئن الى نتيجة الحرب الدائرة في لبنان، قائلا ان “صورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يُقهر دُمرت في لبنان”، مشددا على ان سوريا ستدخل الحرب ضد اسرائيل اذا اجتاح جيشها لبنان، ونقل ليش عن الاسد قوله انه اذا تمكن من تحرير مرتفعات الجولان فانه سيكون بطلا بنظر الشعب السوري.
وبانتظار أن تحرّك الأكثرية الجديدة في لبنان الملف القضائي ضد الشخصيات التي ورد ذكرها في وثائق “ويكيليكس”، وحده رئيس الهيئة التنفيذية في “القوات اللبنانية” سمير جعجع أطلّ ليفاخر بأن “كل ما تنشره وثائق ويكيليكس عنا صحيح ولا ننكره”، متهما “الفريق الآخر بانه استعان بوثائق امبريالية، وكل ما هو وارد في الوثائق اقوله كل يوم ولكن هم يأخذون انطباعات ينقلها سفير لكاتب والكاتب يرسلها الى مكتب لوزارة الخارجية وهناك احد يقوم بأرشفتها ثم تذهب الى احدى الصحف اللبنانية وتتم ترجمتها ويقولون انها وثائق فظيعة”.
وتوجه جعجع بسؤال لـ”حزب الله”: “من نصبك انت مقاومة؟ فنحن نعتبرك حزبا لبنانيا مسلحا ولا يمكنك ان تلزمنا بقولك انك مقاومة، وكل منا لديه افكاره السياسية ولا يمكن لـ”حزب الله” ان يحاكم اللبنانيين على نظرتهم للأمور”، لافتا في هذا السياق، الى ان “كل ما يقوم به الفريق الآخر بما يسموه “ويكيليكس” هو ضغط نفسي وتهويل وهم يعتمدون سلاحا آخر للتهويل وتخويف من يفكر غير عنهم”.
Leave a Reply