في بداية الأسبوع الماضي، نشر فيديو عبر حساب على موقع «فيسبوك» يحمل اسم «ديربورن أندرغراوند»، ينتقد رئيسة مجلس ديربورن البلدي سوزان دباجة، المرشحة لمنصب قاض في محكمة المدينة (الدائرة ١٩)، على خلفية دورها في قضية فدرالية تعود الى عشر سنوات خلت.
وإذ سبق للقيمين على مدونة «ديربورن أندرغراوند» الالكترونية أن وجهوا سهام انتقاداتهم العشوائية الى العديد من نشطاء وقيادات الجالية بمن فيهم ناشر صحيفة «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني، إلا أن رد دباجة على الاتهامات المساقة ضدها جاء مخيباً للآمال لاسيما وأنها حملت على منافسَيها في السباق الانتخابي، المحاميين آبي بزي وجين هانت، لعدم إدانتهما للفيديو المنشور ضدها، فما هي قصة هذا الفيديو؟
الحساب الفيسبوكي أورد وثائق صادرة عن المحكمة الفدرالية تتعلق بقضية تعود للعام 2004 حين وجهت الحكومة الفدرالية اتهامات جنائية لـ19 شخصاً من أبناء الجالية العربية متورطين بشبكة لتهريب وبيع السجائر، وكان المتهم الرئيسي في تلك القضية شخص يدعى عماد حمود، غير أنه كان بين المتهمين الآخرين زوج سوازن دباجة، مجيد حمود، الذي وجهت له عدة اتهامات بانخراطه وتربّحه من تلك الشبكة الإجرامية.
وثائق الادعاء الفدرالي تشير الى أنه في شهر أيار (مايو) من العام 2004، تم نقل ملكية عقار في مدينة ديربورن (العقار رقم ١٩٨١ في قاطع ديربورن مانور) من اسم مجيد حمود وزوجته سوزان حمود الى متهم آخر في القضية يدعى عماد هيدوس مقابل ٦٧ ألف دولار. ويشير الادعاء الى أنه تم امتلاك هذا العقار بأموال غير شرعية.
وسوزان حمود هي نفسها رئيسة مجلس ديربورن البلدي، سوزان دباجة التي قررت اعتماد اسم عائلة دباجة عند إطلاق مسيرتها السياسية والمهنية بعد توجيه الإتهام لها.
والجدير بالذكر أن سوزان دباجة لم يرد اسمها كمتهمة في القضية التي توصلت في شهر كانون الأول (ديسمبر) 2008، الى إدانة زوجها مجيد حمود عقب اعترافه بالاشتراك بالشبكة الإجرامية والتربح منها عبر بيع السجائر المهربة من خارج الولاية.
وفي آذار (مارس) 2009، حكم عليه بالسجن لمدة ١٢ شهراً في سجن فدرالي مع دفع غرامة بقيمة 75 ألف دولار.
الفيديو الذي نشرته صفحة «ديربورن أندرغراوند» تميّز بضحالة انتاجه وتعمده الإثارة الزائدة، كما أن اتهام دباجة بأنها كانت طرفا في تلك الشبكة الإجرامية ادعاء مبالغ به رغم أنه يستند إلى حقائق واردة في وثيقة فدرالية.
لكن الملفت في الموضوع هو طريقة تعامل دباجة مع الانتقادات الموجهة اليها، لاسيما وأنها تعتمد على حقائق من تاريخها كان لا بد لها من أن توضحها للعامة بدل اللجوء الى أسلوب التكذيب السطحي عبر حسابها على «فيسبوك».
وكما هو معلوم فإن أي سياسيّ معرض لأن يُنبش تاريخه في خضم المعارك الانتخابية الأكثر شراسة، فيكون ذلك بمثابة اختبار لشفافيته وقدرته على تحمل المسؤولية والتعامل مع الظروف الصعبة، وهو اختبار فشلت فيه دباجة بامتياز لعدم دحضها اتهامات «ديربورن أندرغراوند» التي شككت بأهليتها لمنصب قاض يحكم بإسم العدالة والقانون.
كنا نتمنى على دباجة أن تواجه هذه الحقائق بتجرد ومسؤولية، بدلاً من أن تكتفي برد على «فيسبوك» وصفت فيه محتوى الفيديو بالأكاذيب والتضليل، رغم الحقائق الواردة فيه، ولجأت الى حشر أطفالها في المسألة بقولها إنهم «تأثروا نفسياً» بسبب المعلومات الواردة فيه، مكتفية بالتأكيد على أنها ستستمر بالوقوف من أجل «قيم ديربورن».
صحيح أن دباجة لم تتم إدانتها في القضية، وصحيح أيضاً أنها ليست مسؤولة عن جرائم أي شخص آخر حتى ولو كان زوجها، ولكنها كمرشحة لمنصب قضائي كان يتوجب عليها أن تتوجه إلى الناخبين بخطاب أكثر مسؤولية ومصداقية وشفافية بدلا من الاكتفاء بوصف الفيديو بأنه محاولة لنشر الإشاعات المغرضة ضدها، وضد عائلتها في استعراض انتخابي.
إن لعب دور الضحية والتلطي وراء براءة الأطفال قد يستدر بعض التعاطف و«اللايكات» ولكنه لا يدل على الإحساس بالمسؤولية ولا يغيّر من الحقائق شيئاً.
Leave a Reply