واشنطن – يقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن على جانبين مختلفين تماماً إزاء عدد كبير من الملفات الشائكة، ما يضع الناخبين أمام خيارين متناقضين بشكل شبه تام، وفيما تشير استطلاعات الرأي إلى تقدم المرشح الديمقراطي في معظم الولايات المتأرجحة، إلا أن الرئيس الجمهوري يعول على تكرار مفاجأة 2016 وإحداث «موجة حمراء» كاسحة في انتخابات الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
يتمتع ترامب بهامش مريح نسبياً للاحتفاظ بمنصبه لأربع سنوات إضافية، فهو بإمكانه خسارة أكثر من ولاية سبق وأن فاز بها في الانتخابات الماضية، التي تمكن فيها من جمع 304 أصوات من أصل 538 صوتاً تشكل المجمع الانتخابي.
أي أن ترامب يمكن أن يخسر، مثلاً، ولايات ميشيغن وويسكونسن وآيوا، ويبقى فائزاً في السباق الرئاسي الذي يتطلب جمع 270 صوتاً على الأقل.
لكن في المقابل، يتطلع الديمقراطيون إلى قلب العديد من الولايات التي فاز بها ترامب في 2016، فهناك تسع ولايات منها –على الأقل– يتصدرها بايدن حالياً، بحسب استطلاعات الرأي، وهي على التوالي (بحسب الحجم الانتخابي): فلوريدا (29 صوتاً)، بنسلفانيا (20)، أوهايو (18)، ميشيغن (16)، جورجيا (16)، نورث كارولاينا (15)، أريزونا (11)، ويسكونسن (10)، وآيوا (6).
وإذا تمكن بايدن من الفوز فعلاً بجميع تلك الولايات المتأرجحة، فسيكون الناخبون قد قالوا «ارحل» كبيرة لسيد البيت الأبيض، بمنحهم المرشح الديمقراطي 374 صوتاً من المجمع الانتخابي في حال احتفاظه بالولايات التي فازت بها المرشحة الرئاسية السابقة هيلاري كلينتون.
غير أن ترامب الذي كثف من مهرجاناته الانتخابية في الآونة الأخيرة، بعد انقطاع قسري فرضه وباء كورونا، يراهن على تحقيق نتيجة معاكسة تماماً، وهذا ما يمكن قراءته بتتبع تنقلات الرئيس في ربع الساعة الأخيرة من السباق الانتخابي، حيث أقام ترامب مهرجانات حاشدة في ولايات خسرها قبل أربع سنوات، مثل مينيسوتا (10) ونيفادا (8) ونيوهامشير (3).
وفي حال فوز ترامب بهذه الولايات الثلاث فإنه سيرفع رصيده في المجمع الانتخابي إلى 325 صوتاً، بشرط احتفاظه بالولايات التي حصدها في سباق 2016، وبذلك يكون الرئيس الجمهوري قد وجه صفعة قاسية إلى الديمقراطيين ووسائل الإعلام الرئيسية ومؤسسات استطلاعات الرأي كما حصل قبل أربع سنوات.
أما في حال كانت النتائج متقاربة، ولم يتمكن أي من المرشحين من تحقيق انتصار كاسح، فإن معرفة هوية الفائز قد تتطلب عدة أيام لاسيما في ظل الإقبال القياسي على التصويت الغيابي وصعوبة فرز الأصوات وإعلان اسم الرابح في ليلة الانتخابات كما جرت العادة.
ويذكر أنه في سباق 2016، صوت نحو 139 مليون أميركي، بينهم 33 مليون صوت غيابي. ويقدر محللون أن تكون نسبة المشاركة هذه السنة أعلى من 150 مليون ناخب وقد أدلى نصفهم –تقريباً– بأصواتهم غيابياً حتى الآن.
ويخشى المراقبون من حدوث توترات في الشارع الأميركي في حال تأخر إعلان النتائج، سواء من الجماعات اليمينية المؤيدة للرئيس مثل «براود بويز»، أو الجماعات المرتبطة بالديمقراطيين مثل «حياة السود مهمة» و«أنتيفا».
وفي السياق، أعربت «منظمة العفو الدوليّة» عن قلقها العميق من مجريات الانتخابات الأميركية، وقالت في بيان لها من جنيف، إن «التوافر الواسع للأسلحة الناريّة فضلاً عن التحريض على العنف والتشجيع الموجهين لمؤيدي التفوّق الأبيض –سواء في المستويات العليا من السلطة أو من قبل أولئك المنتخبين لخدمة الشعب– يضع البلاد في موقع يعرضها بشكل خطير للاضطرابات المدنيّة والسياسيّة».
ودعت المنظمة، السلطات الأميركية إلى أن «تضمن عدم تعرض أيّ شخص لأيّ شكل من أشكال الترهيب المسلح أثناء الاقتراع، ويجب أن تضمن حرية التعبير والتجمع السلمي بغض النظر عن نتيجة الانتخابات».
ولا يستبعد المراقبون تدخل المحكمة العليا بشكل رئيسي لحسم نتيجة الانتخابات الرئاسية كما حصل في انتخابات العام 2000.
ويخشى الديمقراطيون وصول القضية إلى أعلى سلطة دستورية في البلاد لاسيما بعد تثبيت القاضية المحافظة أيمي كوني باريت بدعم من الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، مما جعل كفة المحكمة العليا تميل بشكل كبير إلى القضاة المحافظين (6 مقابل 3 ليبراليين).
ويشار إلى أن الرئيس ترامب كان قد توقع أن ينتهي موضوع الانتخابات بيد المحكمة العليا في ظل تشكيكه في عمليات الاقتراع عبر البريد، وخشيته من حدوث عمليات تزوير واسعة النطاق، لاسيما في الولايات الديمقراطية التي أرسلت بطاقات الاقتراع عبر البريد إلى كل الناخبين، في حين أن معظم الولايات اشترطت طلب البطاقات مسبقاً.
Leave a Reply