خاص «صدى الوطن»
من أجل مزيد من التنوع وتمثيل الأقليات والمسلمين في مجلس النواب الأميركي جاءت رغبة الدكتور سيد تاج للتقدم للانتخابات العامة عن مقعد الدائرة الـ١١ عن ميشيغن في الكونغرس الأميركي، والتي تضم شمال غرب مقاطعة وين (مدن ليفونيا، ريدفورد، وستلاند غاردن سيتي، وين، كانتون وبليموث) وجنوب غرب مقاطعة أوكلاند (مدن نوفاي، نورثفيل، وايت لايك، ميلفورد، وساوث ليون).
ودكتور تاج، الذي يخوض هذا السباق كمرشح ديمقراطي، سيستفيد من الانتكاسة الجمهورية التي تسبب بها تنحي النائب الجمهوري عن الدائرة ثاديوس ماكوتر الذي أثار قراره بلبلة وتخبطاً داخل الحزب الجمهوري الذي يتمتع بمعاقل أساسية في الدائرة، حسب الترسيم الجديد، ولاسيما في ليفونيا ونوفاي.
تمثيل المسلمين ليس السبب الوحيد الذي أقنع تاج بخوض السباق الى الكونغرس الأميركي، فالطبيب الهندي الأصل يعتبر نفسه محظوظاً جداً لأنه استطاع من خلاله مسيرته المهنية الناجحة أن يوفر حياة كريمة لعائلته مكنت أبناءه من تحصيل التعليم الجامعي، لكنه يعلم في المقابل أن عشرات ملايين المواطنين الأميركيين لا تتوفر لهم الفرصة نفسها، وهذا ما دفعه الى الترشح ودخول الندوة التشريعية في واشنطن.
ويؤكد تاج لـ«صدى الوطن» أنه يهدف من خلال ترشحه الى توفير مزيد من فرص العمل للأميركيين وليس بهدف جعل منصبه في الكونغرس مجرد مهنة جديدة لكسب النفوذ والأموال «فلقد كنت محظوظا في حياتي وعملي، وهدفي الآن هو رد الجميل للوطن الذي أعطاني الكثير».
عمل تاج كطبيب لمدة أربعين سنة وقضى فترة قصيرة كرئيس للقسم الطبي بمستشفى «أوكوود» في ديربورن ثم قضى عشرات السنين في خدمة مرضاه بعيادته الخاصة في ديربورن. ويأمل الدكتور تاج في أن يكون العضو المسلم الثاني في الكونغرس الأميركي بعد النائب كيث أليسون (ديمقراطي عن مينيسوتا) ويقول «لقد لاحظت أنه لا يوجد لنا تمثيل أولا كأقليات وثانياً كمسلمين، وهاذان السببان دفعاني للترشح».
ولا يخفي تاج تخوفه من استمرار تدهور الحريات المدنية الأميركية التي باتت «على المحك» وكذلك من خطورة تصاعد المشاعر المعادية للمسلمين في البلاد «فعندما تقوّد الحريات المدنية تنسف فرص الحياة السعيدة». ويرى تاج أن بعض الأحكام الواردة في قانون الوطنية (باتريوت آكت) تتناقض مع القيم والمبادىء الأميركية، والأمر نفسه ينطبق على قانون «الدفاع الوطني» الذي اعتبره من أسوأ القوانين التي تضر بالحريات المدنية لاسيما تفويض الجيش والسلطات الأمنية بملاحقة واعتقال الأميركيين دون محاكمة أو إذن قضائي حتى لو كانوا متواجدين على الأراضي الأميركية. «فتوقيف وحبس أي مشبوه بتهم إرهابية الى فترات غير محدودة ومنعه من حقه في محاكمة عادلة أمر مناف لقيم ودستور الولايات المتحدة» يؤكد تاج الذي يؤيد بقوة مطالبات الحقوقيين بإلغائه منذ أن وقعه الرئيس باراك أوباما في ليلة رأس السنة الماضية.
وتعهد تاج برفع صوت أبناء الأقليات الذين يتعرضون للتمييز وإيصاله الى الكونغرس الأميركي مشدداً على أنه سيعمل على محاربة أساليب التنميط التي تعتمدها بعض الوكالات الأمنية، لاسيما ضد العرب والمسلمين.
وقد تلقى الناشطون في مجال الحقوق المدنية عديد الشكاوي من مواطنين يؤكدون انهم تعرضوا للتمييز العنصري من قبل موظفين يعملون في الوكالات التابعة لوزارة الأمن الداخلي. كما انتقد تاج مساهمات الحزب الجمهوري في تعزيز الكراهية ضد المسلمين عبر مشاريع قوانين تستهدف «الشريعة الإسلامية» والمهاجرين (مثل قانون أريزونا) وتقلل من مساحة الحريات المدنية وتقوي من سياسة التمييز والتنميط ضد العرب والمسلمين.
خوضه السباق الإنتخابي عن الدائرة ١١ ليس تجربته الإنتخابية الأولى، فالدكتور تاج، الذي لطالما أثارت حفيظته ظاهرة الإسلاموفوبيا التي شهدت طفرة بعد اعتداءات ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١، سبق أن دخل غمار السياسة عام ٢٠٠٨ إثر ترشحه لعضوية مجلس أمناء مدينة كانتون (شبيه للمجلس البلدي) حيث تمكن من الفوز وتمثيل التنوع المستجد على ساحة المدينة في تلك الفترة. يريد تاج من خلال ترشحه أيضاً أن يوصل رسالة لكل الأميركيين «بأنهم يستطيعون أن يثقوا بالمسلمين».
والدكتور تاج «مواطن أميركي مسلم وملتزم بدينه» وهو يؤكد، بلكنته الهندية الطابع أنه ليس قلقا من حالة الشك التي تحاصر عقيدته ولا من كونه هندياً، فيقول «حقيقة لا يهمني أن يقول لي شخص بأني مسلم أو إرهابي لأني أعرف من أنا وماذا أفعل»، وأضاف «أؤمن أني كإنسان لا بد لي أن أكون صادقاً، وأن أقول الحقيقة، لا أن أكذب على الناس وأسبب الضرر للآخرين، أنا أؤمن أن هذه المبادىء هي ركائز ديني».
ورغم أنه من الحزب الديمقراطي تعتبر حظوظ تاج مرتفعة في الدائرة الـ١١ التي تعتبر دائرة «حمراء»، لاسيما أن النائب الجمهوري المستقيل، ماكوتر، ترك منصبه إثر فضيحة جمع حملته لتواقيع مزورة لإعادة انتخابه.
وسينافس تاج المرشح الجمهوري كيري بونتيفوليو الذي فاز بالانتخابات التمهيدية في آب (أغسطس) الماضي. ويعتبر تاج أن حظوظه مرتفعة ولا يستبعد امكانية ترحيب الناخبين الجمهوريين به لاسيما في مدينته كانتون ذات التوجه المحافظ الواسع والتي تمكن من الفوز بعضوية مجلس أمنائها رغم ترشحه عن الحزب الديمقراطي. ويقول في هذا الصدد «لا يمكن لأحد أن يمنع انتخابي إذا قرر المواطنون انتخابي وقد فعلوا وسيفعلون».
والجدير بالذكر أن الدكتور تاج ولد وترعرع في الهند ثم سافر الى بريطانيا حيث أكمل دراساته وهو متزوج من صوفيا وهي فنانة وكاتبة وشاعرة. وقدم الدكتور تاج الى الولايات المتحدة في سنة 1982 بحثا عن حياة افضل لعائلته التي يعيش معها في منزلهم في كانتون.
وعلمت «صدى الوطن» أن العديد من الأطباء العرب الأميركيين في منطقة ديترويت قاموا بالتبرع لصالح حملة تاج، الذي لقي تاج دعم كثير من القيادات الاسلامية مثل الشيخ محمد المرديني إمام «المركز الاسلامي في ديربورن» والسيد حسن القزويني إمام «المركز الاسلامي في امريكا» ومن داوود وليد المدير الإقليمي لـ«مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» (كير-ميشيغن)، قبل أن يحصل الأسبوع الماضي على دعم «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك).
وكذلك في نطاق حملته الانتخابية والبحث عن الدعم التقى الدكتور تاج بالجالية الهندية الأميركية، والتي لها كثافة معتبرة في مدينة كانتون، ويقول تاج في هذا الصدد «إنهم يرون أنفسهم فيّ… واعتقد أني إذا نجحت سيمثل ذلك فرصة لتدعيم نجاحهم في هذه البلاد».
ورغم أنه مرشح عن الحزب الديمقراطي، يحافظ تاج وهو يجلس خلف المكتب الذي يدير منه حملته، على مرونة سياسية واضحة، فقد أشاد بحاكم الولاية الجمهوري ريك سنايدر مثنياً على دعمه المهاجرين وإعتراضه على التدابير الاخيرة التي حاولت تطبيقها سكرتيرة الولاية روث جونسون والتي كانت تطالب الناخبين بتأكيد أنهم يحملون الجنسية الأميركية ليتاح لهم الإقتراع، وهي خطوة ستربك العملية الإنتخابية وتستهدف المهاجرين بشكل واضح، بحسب تاج «فهذا البلد يتكون من مهاجرين وجميعنا هنا كقطع الفسيفساء». وتعهد تاج بالتركيز على تطوير نظام الرعاية الصحية في البلاد، في حال انتخابه، مستفيداً من خبرته الطويلة في مجال الطب. ويقول الدكتور تاج إن القوانين الحالية التي تخص الاطباء أعدها أناس ليسوا أطباء وليس لهم اي علاقة بالمجال الطبي، أما عن الناس فيقول «لقد اهتممت دائما كطبيب بالناس لذلك اخطط الآن لنفس الشيء والاهتمام بخدمتهم عندما اكون عضواً في الكونغرس.. فالحصول على العناية الصحية حق لكل إنسان».
Leave a Reply