ديترويت - أدت جهود مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) الى توجيه تهم بالفساد والرشوة لاثنين من المسؤولين المنتخبين في منطقة ديترويت الكبرى، إضافة الى استقالة الرئيس التنفيذي لشركة «ريزو» لجمع القمامة، والتي كانت محور التحقيقات بشأن الفساد التي أجراها المسؤولون الفدراليون. وتفجرت فضيحة شركة «ريزو» بعد ثبوت تورطها برشوة مسؤولين بلديين في مدن وبلدات مقابل توقيع عقود معها أو تجديد العقود القائمة، وذلك عبر شراء أصوات الأعضاء في المجالس البلدية، بحسب ما أظهرت التحقيقات التي ساهمت سريعاً بأفول نجم هذه الشركة التي صعدت بسرعة الصاروخ في غضون عقد ونيف وحازت على أبرز العقود البلدية في منطقة ديترويت الكبرى، وفي مقدمتها عقود جمع القمامة في مدن ديترويت وديربورن وليفونيا وستيرلنغ هايتس وورن إضافة الى عشرات المدن والبلدات الأخرى.
وكشفت وثائق المحكمة الفدرالية في ديترويت عن تحقيق موسع في الفساد المنظم في الدوائر الحكومية، حيث وجهت التهم مؤخراً الى مسؤول ثان في مقاطعة ماكومب بتلقي رشوة من «ريزو» في مقابل المساعدة في إرساء مناقصة لصالح الشركة. وعقب مثول المتهم الثاني أمام المحكمة بوقت قصير قدم تشاك ريزو جونيور الرئيس التنفيذي لـ«ريزو» استقالته، ليتبين أيضاً أنه تم بيع الشركة العملاقة لشركة كندية باسم «جي أف أل» التي قال رئيسها باتريك دوبيجي أنه لم يكن لديه علم بوجود تحقيقات فدرالية حول نشاطات شركة «ريزو» قبل شرائها.
وأكد دوبيجي أن «جي أف أل» قامت بشراء شركة «ريزو» قبل أسابيع من تفجر فضيحة الفساد، مشيراً الى أنه علم بالموضوع لأول مرة عبر تقرير نشرته صحيفة «ديترويت فري برس»، وأضاف أنه «كان لا بد لتشاك ريزو الإستقالة خدمة لمصالح الشركة والعملاء»، لافتاً الى أنه سيقوم بتولي المهام التنفيذية مؤقتاً لحين تعيين مدير تنفيذي جديد للشركة التي لا تزال شاحناتها ذات اللون الأحمر الزاهي في شوارع مدن وبلدات المنطقة.
وجاءت إستقالة ريزو بعد ظهور عضو المجلس البلدي لبلدة ماكومب كليفورد فريتاس (43 عاماً) أمام المحكمة الفدرالية مصفد اليدين، بتهمة تلقيه رشوة 7500 دولار من شركة «ريزو» في مقابل الكشف عن معلومات حساسة حول المناقصة البلدية مما ساعد الشركة على الفوز بعقد جمع القمامة من البلدة عام 2015، كما وجهت لفريتاس تلقي رشوة أخرى بـ35 ألف دولار في مقابل إقرار مرسوم بلدي يتيح إضافة تكاليف جمع القمامة على فواتير المياه للسكان في بلدة ماكومب، ما من شأنه توفير مبالغ من المال على شركة «ريزو».
شركة كندية
الشركة الكندية المالكة حالياً لـ«ريزو» لديها الكثير لتقوله. فإدارتها لم تكن تعلم بأمر الرشاوى والفساد وإلا لما أقدمت على شرائها، بحسب دوفيجي الذي أكد أن السلطات الفدرالية لم تبلغ شركته بالتحقيقات الجارية بشأن «ريزو» كما لم تتناهَ لمسامع المسؤولين في «جي أف أل» أية معلومات بشأن هذا الموضوع قبل نشره في الصحف ووسائل الإعلام.
وأضاف أنه بسبب التهم الفدرالية الموجهة لشركة «ريزو» سيتم شطب اسم الشركة في جميع المدن والبلدات الـ٥٥ المرتبطة معها وتغييره الى «جي أف أل»، وتابع دوفيجي بالقول «سنقوم قريباً بطلاء جميع الشاحنات باللون الأخضر ووضع علامة «جي أف أل» التجارية بدلاً من شعار ريزو»، مؤكداً أن الشركة الكندية ومقرها الرئيسي في مدينة تورنتو، كانت تخطط منذ البداية لاستبدال لون الشاحنات والشعار التجاري إلا أنها استعجلت الأمر بعد تفجر فضيحة الرشاوى.
ولفت الى أن تشاك ريزو جونيور وعائلته لم يكونوا يحتفظون بأكثر من 15 بالمئة من أسهم الشركة عند بيعها.
والجدير بالذكر أن شركة «ريزو» لم توجه لها اتهامات فدرالية حتى الآن، وأكد دوفيجي بأن خدمات شركته «جي أف أل» لن تتأثر تجاه المواطنين كما أن الـ500 الى 600 موظف العاملين في الشركة سيحتفظون بوظائفهم خلال المرحلة الانتقالية التي تستمر عدة شهور في التحول من «ريزو» الى «جي أف أل».
صعود صاروخي..
ويشار الى أن «ريزو للخدمات البيئية» ومقرها ستيرلنغ هايتس، كانت قبل 15 سنة مجرد شركة صغيرة تتولى إزالة الثلوج من شوارع مدينة هامترامك التي كانت زبونها الوحيد، قبل أن تصبح اليوم الأكبر والأشهر في جنوب شرقي ميشيغن، ولديها عقود لإزالة القمامة مع 55 بلدية. وتمكنت «ريزو» خلال السنوات الماضية من الصعود بسرعة الصاروخ في مجال جمع القمامة، وذلك عقب فوزها بعقود بملايين الدولارات، إثر تقديمها عروض زهيدة في المناقصات البلدية.
وكانت العروض التي تقدمها «ريزو» أدنى بكثير من الشركات المنافسة وقد نجحت خلال السنوات الخمس الماضية بمضاعفة حجمها وقاعدة زبائنها من 20 بلدية في العام 2011 الى 55 حالياً. وقد بدأت فضيحة «ريزو» تتكشف قبل بضعة أسابيع إثر توجيه تهم بالفساد لعضو المجلس البلدي في بلدة كلينتون، دين رينولدز، على خلفية تلقيه رشوة من «ريزو» لمساعدتها على الفوز بمناقصة جمع القمامة مع البلدية.
وكان مكتب «أف بي آي» في ديترويت قد كشف خيوط المؤامرة عبر موظف في «ريزو» لم يكشف عن إسمه قام بالتعاون مع المحققين والإيقاع بفريتاس الذي تم ضبطه لاحقاً بالصوت والصورة وهو يقبض رشوة نقدية بقيمة 2000 دولار، من قبل عميل سري. ومن غير المعروف بعد ما إذا كانت التحقيقات ستتوصل الى توجيه تهم بالفساد لمسؤولين بلديين آخرين في مدن المنطقة، لاسيما تلك المرتبطة بعقود مشبوهة مع «ريزو».
Leave a Reply