ربما لا يعلم فريق الرابع عشر من اذار بأن سقف سلاح المقاومة هو اعلى بكثير من سقف البيان الوزاري الموكل صياغته الى لجنة وزارية، رفض النائب وائل ابو فاعور ان يكون فيها «سنكرياً». واستنكر الوزير طارق متري على الرئيس نبيه بري تصريحه الانتقاصي الذي لم يحترم «زعامة الوزير» وتمثيله الشعبي العارم في الشارعين اللبناني والعربي، وربما في الشارع العالمي ايضاً؟. كان يمكن نفي مهنة «السنكرة» عن النائب ابو فاعور لو ان الامور المطروحة، داخل اللجنة الوزارية الموكلة صياغة البيان الوزاري، من قبيل معالجة مشاكل الصرف الصحي، او مكبات النفايات وحرقها، او التلوث البيئي وما يتبعه من تلوث للمياه البحرية وخسارة لبنان لثروته السمكية، او تحديد اوجه الصرف في كازينو لبنان وتخفيض تعرفه الدخول الى المرابع الليلية دعماً للسياحة الوطنية. ولصح القول عندها بأن النائب ابو فاعور كان الكفة الراجحة وكان مقرراً ومحدداً لسياسات «الدولة» في هذه المضامير. ولكان الرئيس بري سارع الى الاعتذار عن هفوته من النائب «المعجزة» ومن الزعيم العريق الوزير طارق متري.
المعضلة الاساسية والحقيقية هي سلاح المقاومة الثقيل، وليس سلاحها الفردي والمتوسط والخفيف. بمعنى آخر ليس المستهدف سلاحها الذي استخدم في احداث 7 ايار في بيروت، انما سلاحها الاستراتيجي الثقيل الذي حرر لبنان عام 2000، والذي هزم اسرائيل في حرب تموز 2006، وحرر الاسرى واعاد جثامين الشهداء في تموز 2008.
وهو السلاح الذي يجعل اسرائيل تفكر جدياً في مسألة وضع مزارع شبعا تحت رعاية الامم المتحدة، اذا ضمنت في المقابل نزع سلاح حزب الله او تقييده من خلال ادراج القوات العاملة في المزارع، (في حال تم وضعها تحت وصاية الامم المتحدة) تحت احكام الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، اي استخدام القوة العسكرية عند كشف او رؤية اي مظاهر مسلحة في منطقة المزارع، مع ما يتبع ذلك من ملحقات تحددها الحاجة العسكرية والامنية، فيتوسع نطاق عمل القوات الاممية للضرورات الامنية، وتكفي اضافة عبارة واحدة هي «المناطق المحيطة للمزارع» لتصبح المنطقة الواقعة جنوب الليطاني في قبضة الفصل السابع.
فعندما تتحرك دبلوماسية اقوى دولة في العالم تجاه المنطقة، وتبادر الى طرح الانسحاب الاسرائيلي من مزارع شبعا لسحب الذرائع من يد المقاومة، واضعاف موقفها الداخلي لجهة تحرير الارض بعد ان سقطت ذريعة تحرير الاسرى من السجون الاسرائيلية وفقاً للمنطق الاميركي، مع اللجوء مجدداً، الى لعبة الفصل السابع الذي اسقطته المقاومة في حرب تموز 2006 من متن القرار 1701 ، عندها يصبح على النائب وائل ابو فاتور ان يختار بين مهنة «السنكرة» وبين ملاقاة الضغط الاميركي على المقاومة في منتصف الطريق، اي حرفة العمالة المقنعة.
فالحكومة الحالية المنتظِرة على عتبة البيان الوزاري هي نتاج تسوية الدوحة، والاخيرة هي نتاج احداث 7 ايار في بيروت، وتلك الاخيرة بدورها سببها محاولة السلطة اللعب بأمن المقاومة عبر القرارين الشهيرين: نزع شبكة اتصالات المقاومة ونقل رئيس جهاز امن المطار العميد شقير من مركز عمله.
والمفارقة ان يعمل فريق الاكثرية النيابية من خلال البيان الوزاري «لحكومة الدوحة» على انتزاع نص يحاصر المقاومة ويحدد دورها ليصبح اشبه بالفارغ ويخرج بنتائج تستبق الحوار الوطني المزمع برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان. والاكثرية تعلم بأن مسألة السلاح لن تحل من خلال البيان الوزاري، فهي لن تستطيع الخروج بنص ترفعه كصك تنازل في وجه «حزب الله»، وكل ما تتوسله الخروج بنص ضبابي يجعلها لا تعترف بالمقاومة الحالية، لانها تنوي وتحضر لخوض الانتخابات النيابية المقبلة بقضية مركزية عندها وهي مهاجمة سلاح المقاومة المذهبي والفئوي الذي اقتحم بيروت.!
Leave a Reply