على مدخل أفران معروفة على شارع وورن في مدينتنا ديربورن، شجرة ياسمين، لا يهمها إهمال ولا عناية. ليست بهجة للناظر ولا للعصافير. لا تحاكي الداخلين ولا الخارجين. زهورها تذبل سريعاً دون سقي وأصحاب المكان يهملونها، كما لو كانت في رزقٍ غير رزقهم.
اعتادت على الإهمال حتى الاستقلال، لا يتذكرها أحد. يرمقها الزبائن، وما أكثرهم، دون أن يتوقفوا. كأنها موبوءة، ولكنها صامتة صمتاً جميلاً، أزهارها ذات الرائحة الزكية، تذبل بسرعة. تخنقها الأعشاب البريّة النابتة بين أعقاب السجائر.
هذه الشجرة عمرها من عمر الأفران التي تحمل اسمها. مرت سنون عدّة دون أن يعتني بها أحد. تقف بأغصانها اليابسة والخضراء المتشابكة، في حوض بائس تملأه مهملات المارة. تبدو بائسة كحال معظم واجهات محلاتنا العربية، خصوصاً على شارع وورن.
لا أجد مفراً من هذا السؤال المرير: لماذا؟ هل هذه المحلات لا تدر ربحاً؟ هل هي عاجزة عن تخصيص ميزانية بسيطة للعناية بمداخلها وإضفاء لمسة حياة وحضارة عليها؟
لماذا عندما ندخل أشهر محلات الحلويات والأفران والمطاعم على شارع وورن، يرجع إلينا البصر حسيراً من الإهمال وقلة النظافة.
تجدها من الداخل مزينة بالتعاويذ والتمائم والآيات، وفي خارجها المهملات والأتربة.
يقولون المُلك لله، ولا يعتنون به.
وحتى لا نكون من الظالمين، لا بد من الإشارة إلى أن محلين أو ثلاثة، تزهو مداخلها بالزهور والنظافة، فشكراً لهؤلاء الذين يقدمون صورة جميلة عن جاليتنا.
أما أولئك الذين لا يكترثون سوى لجمع الدولارات وإنفاقها على الحفلات الباذخة، فلن تجدهم يتبرعون بمال أو وقت سوى لمآرب شخصية ضيقة وإن تغلّفت بعناوين اجتماعية أو سياسية.
انظر إلى الكنائس والمراكز الدينيّة في المنطقة، تجد الفرق واضحاً بينها وبين جوامعنا ومساجدنا الكثيرة في ديربورن. لا أدري كيف يكون «باب الجنة» في أحد مراكزنا الإسلامية مهملاً ومملوءاً بكل هذه التصدعات والأخاديد!
إذا كان المدخل كله حفراً ومطبّات تعاني من إهمال مزمن عمره من عمر افتتاح المركز، فلا شك أن الطريق إلى الجنة.. مسدودٌ مسدودٌ يا ولدي!
Leave a Reply