ناتاشا دادو – «صدى الوطن»
كثفت شرطة ديترويت خلال الأيام الماضية عمليات المداهمة لمحطات البنزين فـي المدينة، فـي إطار جهودها لمكافحة انتشار المخدرات فـي المنطقة بالتعاون مع أجهزة أمنية محلية وفدرالية، غير أن المحصلة فـي كثير من الأحيان كانت تحرير مخالفات بحق أصحاب المصالح التجارية الذين وجدوا أنفسهم عالقين بين نارين، فـي ضوء التحولات التي تشهدها مدينة ديترويت.
قائد شرطة ديترويت جيمس كريغ يبلغ مايك عجمي بإغلاق محطته بعد ضبط بيع «عدة تعاطي المخدرات». |
بسام صالح، وهو فنان محلي معروف، يملك واحدة من محطات البنزين التي «زارتها» شرطة المدينة فـي نهاية الأسبوع الماضي، كجزء من محاولاتها لتضييق الخناق على المحطات التي تبيع أدوات وعدة تعاطي المخدرات (الهيروين). وقد «غطّ» عناصر الشرطة على محطة صالح بعد أيام على مداهمة محطة «سونوكو» على الميل الثامن التي يملكها رجل الأعمال مايك العجمي، والتي تم إغلاقها لمدة يومين بعد ضبط أدوات لتعاطي الهيروين تباع بداخلها، قبل أن يعاد افتتاحها مع تعهد صاحبها بتركيب نظام كاميرات مراقبة متطورة.
العجمي احتج على قرار الإغلاق، وأكد أنه لا يتاجر بالمخدرات بل فقط يبيع عدة وأدوات يطلبها الناس، وأضاف أن قائد شرطة ديترويت جيمس كريغ، الذي قاد المداهمة بنفسه تحت عدسات وسائل الإعلام المحلية، كان عليه أن يحذره قبل اتخاذ قرار الإقفال.
صالح قال لـ«صدى الوطن» ان عناصر الشرطة الذين داهموا محطته «لم يفعلوا شيئاً سوى القيام بعملهم بعد ضبط محطة أخرى تبيع مستلزمات المخدرات». وأضاف «عليهم أن يتأكدوا أن المحطات الأخرى لا تقوم بالشيء نفسه وتبيع مواد غير مشروعة».
وأردف أنه لم يكن لديه أي سبب يدعوه للقلق عندما زارت الشرطة محطته وتابع «اننا لا نبيع الأشياء التي يمكن أن تؤذي الآخرين».
وجاء إغلاق محطة وقود عجمي بعد ٢٤ ساعة فقط من مداهمة عناصر شرطة ديترويت، وشريف مقاطعة أوكلاند، ومكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) وشرطة ولاية ميشيغن عدداً من المنازل والمحال التجارية على طول شارع وودورد فـي ديترويت، يوم الثلاثاء ٢١ تموز (يوليو) الماضي، حيث تم اعتقال ١٢ شخصاً ومصادرة كميات من مخدرات الهيروين والكوكايين والماريوانا والبنادق الحربية.
وقال كريغ ان الأشخاص الذين يستخدمون المخدرات كانوا يأتون إلى محطة عجمي لعلمهم أنهم يمكنهم أن يحصلوا على عدة التعاطي التي كانت تباع كحزمة متكاملة فـي محطة «سونوكو» (ولاعة وسيف ولفائف وأنابيب للتنشق).
وبعد ضبط الممنوعات وضع كريغ لافتة صفراء على باب محطة البنزين تقول ان «المحل مغلق» . لكن العجمي أكد أن محطات أخرى كثيرة تقوم بالأمر نفسه وقد جرى استهدافه هو فقط.
وبينما كان يتحدث الى كريغ، حاول العجمي تبرير بيع مستلزمات المخدرات بالقول انه لم يكن فـي الواقع يبيع المخدرات. ورد كريغ بأنه ينبغي على صاحب المحطة معرفة ان إجراءات ما سوف تُتَّخَذ ضده لأنه يعمل خارج نطاق القانون.
من ناحية ثانية، تعقبت شرطة ديترويت وقامت بتضييق الخناق على محطات الوقود التي تبيع السجائر بالمفرق، سيجارة سيجارة، أي «لوسيز» (loosies). ويقول أصحاب محطات الوقود أنهم لا يجنون المال من وراء بيع السجائر الفرادى ولكن إذا لم يمتثلوا ببيعها للزبائن الذين يطلبونها لأنهم لا يملكون ثمن علبة كاملة، فمن المحتمل أن تحدث مواجهة ويتعرضوا لمشاكل.
وأوضح صالح الذي حصل على عدة مخالفات جانبية «اذا لم نبِع هذه الاشياء فسنتعرض للصداع والمشاكل».
وعلى مدى عقود، كان أصحاب الأعمال الصغيرة من التجار العرب الأميركيين العمود الفقري للاقتصاد فـي ديترويت. بل هم أيضاً مصدر المواد الغذائية والسلع الأساسية لكثير من سكان المدينة.
وأشار صالح الى «ان بعض أصحاب محطات البنزين قد يكونوا يبيعون مستلزمات المخدرات من دون معرفة الغرض منها» وتابع «انهم ربما لا يعرفون ما المقصد منها. لكنني بالطبع أنا ضد بيعها».
وحث صالح الشرطة على التركيز أيضاً على الاشخاص الذين يبيعون المخدرات فـي الشارع، وهذه قضية رئيسية بالنسبة له كصاحب مصلحة تجارية فـي ديترويت.
ناصر بيضون، وهو رجل أعمال وعضو لجنة «تراي كاونتي» للأعمال التي تدافع عن أصحاب محطات الوقود فـي منطقة ديترويت، دعم قرار كريغ باغلاق محطة العجمي لكنه استدرك بالقول انه يعتقد أنه كان المفروض اعطاء عجمي إنذاراً قبل ذلك.
«كنا نأمل أن يكون هناك نوع من التحذير ونحن لا نوافق على بيع شيء غير قانوني»، اكد ناصر بيضون.
ونظمت «تراي كاونتي» اجتماعات بين كريغ وأصحاب محطات البنزين لمناقشة قضايا عالقة.
وقال بيضون من المقرر عقد اجتماع آخر من شأنه أن يشمل فقط أصحاب المحطات فـي ديترويت يوم ١٠ آب (اغسطس) المقبل.
والحملة على بيع معدات ومستلزمات المخدرات تأتي فـي أعقاب شكوى أصحاب المحطات من تلقي مخالفات متكررة لنفس الجرم، على الرغم من لقائهم مع كريغ وغيره فـي قسم شرطة ديترويت للبحث فـي هذه المسألة.
ويقول رجال الأعمال إنهم يحصلون على مخالفات وغرامات لعدم وجود الرخص المطلوبة حتى بعد دفع رسوم المخالفات يحصلون على مخالفة وغرامات إضافـية، وهم يكونوا عادة فـي صدد انتظار مفتشي البلدية لكي يحضروا الى محطاتهم ويتحققوا من كل شيء قبل اكتمال عملية الترخيص.
فـي شهر تشرين الأول (أكتوبر)، قال كريغ لـ«صدى الوطن» إنه سيفرض حظراً على إصدار مخالفات تتعلق بالتراخيص لأصحاب محطات الوقود. ولكن بعض أصحاب الأعمال يقولون ان الإصدار المفرط للمخالفات لم يتوقف.
وكان كريغ أكد لـ«صدى الوطن» أنه لا يريد استنزاف قدرات دائرته فـي التعامل مع قضايا الترخيص، مشيراً إلى «أن مسألة التراخيص ينبغي أن يتم التعامل معها من قبل دائرة المباني فـي ديترويت ودائرة السلامة والبيئة».
وذكر بيضون «ان الاجتماعات مع شرطة ديترويت كانت مفـيدة ولم تعد تذاكر المخالفة الصادرة ضد أصحاب محطات البنزين مفرطة كما كانت عليه فـي السابق». وأضاف «ساعدت الاجتماعات فـي رفع مستوى الوعي حول «مشروع المنارة»، وهو برنامج خاص يعمل على تحويل محطات البنزين الى ملاذات آمنة للأشخاص الذين يستشعرون الخطر فـي شوارع ديترويت، وتوفر لهم فرصة الاختباء والاتصال بالشرطة.
واستطرد «هناك أشخاص لا يزال يجري تغريمهم وأعتقد أن الرقم قد انخفض بشكل هائل. ولم أعد أسمع ان كثيراً من الناس يشكون من تذاكر المخالفة».
ومضى بيضون الى القول «ان رجال شرطة الآداب الذين يتعاملون مع المخدرات والدعارة، كانوا يصدرون ضبط مخالفة لأصحاب محطات البنزين، ولكن هذا قد توقف منذ ذلك الحين. والآن يتم إصدار المخالفات من قبل الضباط المدربين الذين تحدّد لهم المحطات التي عليهم زيارتها».
ووفقاً لبيضون، يجري الآن تغريم أصحاب محطات البنزين لبيعهم السجائر فرادى (لوسيز) وكذلك أدوات وعدة تعاطي المخدرات، بدلاً من قضايا التراخيص.
وأضاف «فـي الوقت الراهن (عناصر الشرطة) يستهدفون المحطات ومحلات بيع الخمور التي تحتوي على مواد غير قانونية» ملاحظاً ان أصحاب المحطات غير منظمين كما يجب، وعليهم أن يصبحوا أكثر نشاطاً فـي إطار العمل الجماعي لمواجهة التحديات التي قد تواجههم مع التحولات التي تشهدها مدينة السيارات.
وخلص إلى القول «يجب ألا يكونوا فقط فـي موقع رد الفعل عندما يحدث شيء ما، بل يجب عليهم أن يكونوا جزءاً من منظمة تتحدث باسمهم وتراعي مصالحهم».
Leave a Reply