ديربورن – علي حرب
داهم حوالي عشرة أفراد من شرطة ديربورن الشهر الماضي منزلاً تسكنه عائلة عربية أميركية في المدينة تبيّن أنه ليس المنزل المقصود، رغم أن عنوانه يطابق العنوان الوارد في مذكرة التفتيش التي كانت بحوزة الشرطة.
وقد صعقت العائلة المكونة من أبوين وثلاثة أطفال، بأفراد الدورية وهم يدخلون المنزل رافعين مسدساتهم وأجهزة الإنارة اليدوية حيث لم يكن باب المنزل مقفلاً، وقد قام رجال الشرطة بإيقاظ الأطفال من نومهم كما استجوبوا الأم قبل السماح لها بوضع الحجاب على رأسها.
أما الأب فتم تقييده واقتياده من غرفة نومه في الطابق العلوي الى غرفة الجلوس في الأسفل، وقد أكد الأب، لـ«صدى الوطن» أن الحادثة المروعة التي تعرضت لها عائلته خلال آذار (مارس) الماضي «لا يمكن نسيانها بسهولة».
وكان أفراد الشرطة ينفذون حملة دهم وتفتيش بناءً على شكوى تقدمت بها إمرأة إدعت أنها تعرضت للإعتداء في مكان قريب من منزل العائلة، وعلى مايبدو -بحسب قائد شرطة ديربورن رونالد حداد- فإن المشتكية أعطت عنوان العائلة العربية عن طريق الخطأ ربما بسبب إضطرابها وتوترها. لذا من وجهة نظر الشرطة فإن العنوان كان صحيحاً حسب إفادة المرأة الضحية، لكن مواصفات سكان البيت لم تنطبق على المواصفات التي أعطتها المرأة عن المعتدي المزعوم وعندما تنبّهت الشرطة لوجود الخطأ أخلت المنزل، ولكنها تركت وراءها تجربة نفسية مروعة خصوصاً لدى الأطفال، حسب الأب، محمد، الذي لم يشأ الكشف عن اسمه الكامل.
وقال محمد عن هذه التجربة المرعبة أن الباب الأمامي للبيت لم يكن مقفلاً مما سمح لأفراد الشرطة أن يدخلوا بدون خلعه، ثم قاموا بتقييد يديه وجره مخفوراً من غرفة النوم إلى غرفة الجلوس ثم أيقظوا أولاده من النوم وفرقوا بينهم ثم قاموا بتفتيش زوجته المحجبة التي كانت تدرس في الغرفة السفلية (بايسمنت) رغم بكائها المستمر والطلب منهم عدم لمسها أو إيذاء الأطفال. وأضاف «ما شهدناه خلال ٣٠ دقيقة لا أتمنّاه حتى لأعدائي.. ابني البالغ من العمر سبع سنوات لا يزال يستيقظ كل ليلة ويسألنا إذا ما كان البوليس سيأتي مجدداً»، وأردف «أنا الآن مضطر للبقاء في المنزل أثناء الليل مما يؤثر سلباً على عملي الذي يتطلب مني السفر الدائم».
ووصف محمد أفراد الشرطة بأنهم كانوا «فظين ورديئين ووقحين»، وأبدى انزعاجه بشكل خاص من محققة كانت ترافقهم وترتدي ثياباً مدنية «حيث ظلت تصرخ في وجهي قائلة لا تتكلم وذلك رغم إكتشافها أنها داهمت المنزل الخطأ لكنها استمرت في طرح أسئلة غبية على زوجتي مثل: أين كنت الليلة الماضية؟».
وفي الأسبوع المنصرم، اتصل محمد بالمدير الإقليمي «للجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز» (أي دي سي- ميشيغن) فاتنة عبد ربه، التي بدورها نقلت الشكوى إلى قائد شرطة ديربورن الذي قام بنفسه بزيارة العائلة لكي يهدّىء من روعها في اليوم التالي للإتصال.
وأبلغ محمد «صدى الوطن» أن حداد أخبره بأنه سيتابع المسألة وحاول طمأنة أفراد العائلة بأنهم ليسوا مستهدفين بمذكرة التفتيش، وأضاف أن «حداد شخص لطيف».
كذلك إمتدحت عبد ربه قائد الشرطة على تجاوبه السريع وقالت إنه «في غضون ساعات قليلة حضر حداد إلى منزل موكلي حيث التقى العائلة وشرح للأطفال أن أباهم وأمهم لم يرتكبا أي خطأ واستمع بتواضع إلى قلق وفزع الأطفال بعد ترويعهم بهذا الشكل».
وكانت مذكرة التفتيش قد وصفت شكل المنزل على أنه شقة عليا وهذا لا ينطبق على عنوان منزل محمد المؤلف من بيت كامل.
وقالت عبد ربه «في واقع الأمر قامت الشرطة باقتحام المنزل عند الساعة الثانية صباحاً في حين كان بإمكان أي شخص في الأرض أن يقرأ المذكرة ويكتشف الغلط بسرعة، وهذا أمر يدعو للقلق»، غير أن حداد لم يوافق على كلام عبد ربه وشرح أن الفرق بين البيت الموصوف في مذكرة التفتيش والبيت المداهم لم يكن كبيراً فبيت محمد كبير وقد يبدو أنه منزل بطابقين». واستطرد أن ضباط الشرطة تصرفوا بحسن نية وقضوا في البيت فترة تتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة، وأضاف «مراجعتي الأولية تشير إلى أنهم أمضوا وقتاً معقولاً في المنزل للتحدث مع العائلة».
وتطلب عبد ربه من شرطة ديربورن بإجراء تحقيق بالحادث لمعرفة ما حصل بالضبط، وقالت «لي ثقة بأنه إستناداً إلى قيادية حداد فإنه سوف يجري تحقيقاً بالموضوع.. وأنا كمواطنة ولدت وأعيش في ديربورن، وعلى علم بالدينامية الخاصة في هذه المدينة، فإن سلوك القائد (الأسبوع الماضي) يشير إلى أن أي سوء تصرف سوف يتم التعامل معه بسرعة فائقة».
من جهته، أكد حداد «أن مراجعة شاملة للحادث سوف تجري وأنه من المبكر التأكد مما إذا إنتهك الضباط أي قانون من قوانين الشرطة».
أما الضحية من دون ذنب فإنه مازال مستاءً بشكل خاص من تعامل الشرطة مع زوجته وقال في هذا الصدد «عليهم أن يمنحونا بعض الإحترام وكان بإمكانهم إعطاء زوجتي دقيقتين من الوقت لتضع الغطاء على رأسها، لن تكون نهاية العالم في تلك الدقيقتين».
وعن هذا الموضوع أشار حداد الى «أن الشرطة لديها قوانين وإجراءات متبعة للتعامل مع النساء المحجبات، لكن في بعض الأحيان لا يملك ضباط الشرطة «رفاهية الوقت»، وعليهم التحرك بسرعة من أجل تأمين المكان، وأضاف «عندما ينفذ ضباط الشرطة مذكرة إعتقال أو تفتيش أو عندما يستجيبوا لشكوى ضد العنف الأسري عليهم تأمين كل غرف المنزل لمنع أي تصعيد خطير». وقال حداد لـ«صدى الوطن» إنه من الواضح «أننا نتفهم مخاطر كهذه من قبل الشرطة ونحن سنقوم بمراجعة سياسات وإجراءات الدائرة لكي نؤكد على السلامة العامة أولاً وكذلك ضباط الشرطة».
ويبحث محمد في إمكانية رفع دعوى قضائية ضد شرطة ديربورن لكنه يؤكد أن المال ليس هدفه بل جلَّ همه هو منع تكرار ما حصل لعائلته ولحماية حرمة بيوت الجالية وعدم إستباحتها بهذا الشكل».
Leave a Reply