خلال الشهر الأخير، أدى خمسة عرب أميركيين قسم اليمين للانضمام إلى شرطة مدينة ديربورن، بينهم عنصران لضبط مواقف السيارات وتطبيق القوانين البلدية. وكانت بين العناصر الخمسة، الشرطية أمل شموط التي نال توظيفها لدى الدائرة تغطية إعلامية عالمية باعتبارها أول شرطية محجبة في الولايات المتحدة.
ولا شك أن الخطوة التي اتخذتها دائرة شرطة المدينة هي خطوة في الاتجاه الصحيح تأتي بعد انتقادات واسعة تعرضت لها على مدار العام الماضي، بعدما قام اثنان من عناصرها بإرداء قتيلين أسودين غير مسلحين، في حادثين منفصلين، خلال شهر واحد. وقد ولّد حادثا القتل مشاعر الاستياء لدى مجتمع الأفارقة الأميركيين في مدينة ديترويت الذي نظم مظاهرات غاضبة وصلت حتى أبواب دائرة الشرطة في مدينة ديربورن.
وفي شهر نيسان (أبريل) الماضي، كانت صحيفة «صدى الوطن» قد نشرت تقريراً عن مغادرة أربعة عناصر من دائرة شرطة ديربورن، حيث عزا اثنان -حسبما أبلغا الصحيفة- أسباب مغادرتهما، إلى تعرضهما للبلطجة من قبل زملائهما بسبب خلفيتهما الإثنية. وبرحيل العناصر الأربعة تنامى شعور لدى أوساط الجالية العربية بوجود سياسة عنصرية ضد توظيف العرب الأميركيين في الدائرة التي يشكل الأميركيون البيض معظم عناصرها رغم أن نصف سكان المدينة تقريباً هم من الجالية العربية.
وأمام سيل الانتقادات، تقدم قائد الشرطة رونالد حداد في أواخر نيسان الماضي بطلب إلى وزارة العدل الأميركية للإشراف على الدائرة حتى نهاية العام الجاري بهدف إجراء إصلاحات فـي مسألتي استخدام القوة ضد المدنيين واعتماد سياسة توظيف بما يعكس التنوع الإثني فـي المدينة.
وجاءت دعوة حداد للسلطات الفدرالية بالتدخل، بعدما كشفت «صدى الوطن» عن نتائج استطلاع داخلي شمل عناصر الدائرة مظهراً معارضة لتوجهات حداد نحو تنويع القوة البشرية في الشرطة. وقد قال أحد العناصر المشاركين في الاستطلاع إن حداد يخفّض من مستوى الدائرة من خلال عمله على إظهار التعددية والتنوع بين صفوفها بما يعكس النسيج السكاني لمدينة ديربورن.
ويأتي توظيف خمسة عرب أميركيين -الشهر الماضي- ليؤكد تجاوب دائرة ديربورن مع المطالبات المحقة بتوظيف أبناء الجالية في شرطة المدينة.
وفي هذه المناسبة، نحث العناصر الخمسة الجدد على التحلي برباطة الجأش وعدم الاستسلام لأية ممارسات ترهيبية أو تمييزية محتملة ضدهم من قبل بعض زملائهم، لأن ترسيخ التنوع ليس بالأمر السهل، وعلى العرب الأميركيين أن يكتسبوا بأنفسهم مكاناً لهم على الطاولة، وعليهم أن لا ينتظروا من أحد أن يمنحهم ذلك.
ومع ذلك، لا يمكننا التقليل من آثار البلطجة في أماكن العمل، ففي شهر آذار (مارس) الماضي توفي المجند المسلم في سلاح مشاة البحرية الأميركية راحيل صدّيقي، وهو من مدينة تايلور، بعد تعرضه للإهانة من قبل مدربيه في وحدته العسكرية مما دفعه الى الانتحار بحسب ما كشفت التحقيقات التي أدت الى توقيف ٢٠ ضابطاً ومدرباً في معسكر باريس التدريبي بولاية ساوث كارولاينا حيث لقي صدّيقي مصرعه.
وبالعودة الى ديربورن، على قائد الشرطة حداد أن يبادر لتأمين بيئة عمل مسالمة لجميع عناصر الدائرة والعاملين فيها بمختلف انتماءاتهم، بما يضمن المساواة الكاملة بين الجميع.
لا شك أن عناصر الشرطة يقومون بأداء مفصلي وأساسي في المجتمع، فهم يعرضون حياتهم للخطر عند إيقاف كل سيارة، ولا شك أن جميع أفراد المجتمع يشعرون بالامتنان للجهود التي يبذلها عناصر الشرطة من أجل فرض الأمن والنظام، لكن مقتل كفين ماثيو وجانيت ويلسون اللذين قضيا برصاص عنصرين من شرطة ديربورن وضع دائرة شرطة المدينة في قلب الجدل الدائر بالولايات المتحدة حول عنصرية بعض رجال الشرطة وممارساتهم التمييزية والعداونية تجاه السود والملونين عموماً.
وحتى الآن لم يتم كشف الكثير من المعلومات حول ظروف إطلاق النار في الحادثين المؤسفين.
ومع أن التحقيقات ليست بيد دائرة شرطة ديربورن، إلا أن الدائرة لم تكشف لغاية اليوم عن أي من ملابسات وحثيثيات بشأن الحادثين. ولا شك أن غياب الشفافية يؤدي الى غياب الثقة.
وأكثر من ذلك، فإن مكتب المدعي العام لمقاطعة وين لم يوجه أية تهم في أي من الحادثين حتى الآن، رغم مرور عام تقريباً على مقتل ماثيو، الأمر الذي يثير تساؤلاً محقاً بشأن سير التحقيقات وأسباب استغراقها كل هذا الوقت.
من أجل أسر الضحايا ومن أجل دائرة الشرطة وكامل المجتمع.. فإن حادثي مقتل ماثيو وويلسون يجب أن يقفلا بالطريقة الصحيحة والعادلة لدرء أية شبهات بالتمييز العنصري الذي لا يتردد الكثيرون من سكان المدن المجاورة، ولاسيما ديترويت، بوصم شرطة ديربورن به.
وكجالية عربية نرحب بانضمام العناصر العرب الأميركيين الجدد الى الدائرة، آملين بمزيد من التنوع في الشرطة.
Leave a Reply