سامر حجازي – «صدى الوطن»
أعلنت شرطة مدينة ديربورن هايتس الأسبوع الماضي أنها ستبدأ بتطبيق سياسة جديدة تجاه النساء المحجبات بعد دعوى قضائية رُفعت ضدها فـي وقت سابق من هذا العام على خلفـية إجبار شابة مسلمة على خلع حجابها أثناء الحجز.
وجاء قرار شرطة ديربورن هايتس فـي إطار تسوية مع ملاك قازان (٢٧ عاماً) التي نالت قضيتها تغطية إعلامية وطنية فـي وقتٍ مبكِّر من هذا العام، بعد أنْ قاضت شرطة المدينة لانتهاك حقوقها المدنية عقب إجبارها على خلع الحجاب أمام رجال الشرطة أثناء اعتقالهم لها بتهمة القيادة من دون رخصة.
وفـي حين كانت المحاكم الفدرالية تنظر فـي الدعوى، توصل كلا الطرفـين إلى اتفاق مشترَك لتسوية النزاع خارج المحكمة. وبعد مناقشات طويلة على مدى عدة أشهر، تمكَّن الطرفان من الإتفاق على إحداث سياسات تغييرية جديدة لدى دائرة الشرطة تلائم الوضع الخاص للمحجبات.
التغيير الأول الأكثر أهمية هو أن الشرطة لن تطلب بعد الآن من امرأة مسلمة خلع حجابها أثناء عملية الحجز. ثانياً، سوف يتم تنفـيذ عملية التفتيش الجسدي من قبل شرطية أنثى، وإذا لم تكن متوفرة فـي ذلك الوقت يمكن تنفـيذ إجراءات التفتيش من قبل موظفات فـي الإدارة أو أنثى من وكالة أمنية أخرى.
كما سيتم توفـير ملابس خاصة للمحجبات وغطاء بديل للرأس من شأنه أن يسمح لها بتغطية شعرها طالما بقيت رهن الاحتجاز.
وقال محاميا قازان، سيريل هول وأمير مقلد، إن السياسة الجديدة فـي ديربورن هايتس هي الأولى من نوعها فـي الولايات المتحدة، وقد أعربا عن أملهما بأن تشكل هذه الخطوة سابقة يحتذى بها من قبل باقي دوائر الشرطة.
ومنذ الاعلان عن قضية قازان على الملأ، تقدمت عدة نساء مسلمات أخريات فـي ميشيغن بدعاوى قضائية ضد إدارات الشرطة المحلية، مدعيات بأنهن أجبرن على نزع الحجاب أمام رجال الشرطة الذكور. وفـي الأسبوع الماضي، رفعت اللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز (أي دي سي) شكوى مماثلة ضد شرطة ديربورن.
وتم التعويض لقازان أيضاً بمبلغ لم يُكشف عنه من قبل البلدية بسبب الإذلال والاحباط اللذين واجهتهما أثناء حادث الاعتقال وتداعياته. ففـي أعقاب القبض عليها، ادعت أنها كانت مصدومة لدرجة أنها غابت أيضاً عن جلسة المثول امام المحكمة.
وكانت النتيجة ان وضعت البلدية مذكرة تفتيش من أجل اعتقالها. لكن قازان مثلت فـي نهاية المطاف لدى قسم الشرطة مع مقلد، حيث تم حجزها مرة ثانية. الا ان عناصر الشرطة سمحوا لها هذه المرَّة بأن تبقي على حجابها أثناء التقاط صورة لها.
وتمت الموافقة على قرار التسوية والتعويض لقازان فـي اجتماع لمجلس البلدية الشهر الماضي.
«ملاك منتشية وفرحة للغاية لأنها تمكنت من حل هذه المشكلة على وجه السرعة»، أوضح مقلد متابعاً «إنها سعيدة جداً لهذا القرار. لقد عانت من رد فعل عنيف للوقوف بعناد وراء معتقداتها، لكنها كانت شجاعة جداً بصمودها».
وقال مقلد لـ«صدى الوطن» «باعتقادي أن هذه هي أفضل سياسة لأي بلدية أو وكالة إنفاذ قانون يمكن أن تُتَّبَع بحق السجينات والنساء المسلمات»، وأضاف «سوف تستخدم هذه السياسة كمرجع لجميع الوكالات الأمنية لكي تضع سياسات تعكس ما حصل لدينا هنا».
وأكد مقلد ان السياسة الجديدة تحافظ على كرامة النساء المسلمات ومعتقداتهن الدينية وتعالج أيضاً القلق الكامن لدى الجهات الأمنية من حيث السلامة العامة حيث يُخشى من استخدام الحجاب لإخفاء ممنوعات مثل السلاح وأشياء أخرى.
وأشاد مقلد بقائد شرطة ديربورن هايتس لي غافن ورئيس البلدية دان باليتكو لاستجابتهما لمخاوف السكان والتوصل إلى قرار تسووي.
وأردف «قدرنا على حل القضية من خلال المفاوضات وأعتقد أن رئيس البلدية وقائد الشرطة أدركا أنهما يريدان أن يقوما بعملٍ صحيح، وأعتقد أنهما بذلا جهداً بحسن نية لمحاولة حل هذه القضية. وهما قاما بعمل ممتاز فـي محاولة لحل النزاع».
وقال مقلد إنَّ قازان مغتبطة لأنها كانت السبب الذي أدى لهذا التغيير فـي السياسة العامة، على الرغم من ردود الفعل الحادة التي تلقتها بسبب الاعلان عن ظلامتها. وأثارت شكواها نقاشاً حول ما إذا كانت الحقوق المدنية تتفوق على سياسات القانون وحفظ الأمن.
وصرح قائد الشرطة غافن لـ«صدى الوطن» أن قسم الشرطة ومكتب رئاسة البلدية كانا منفتحين على النقاش حول كيفـية اتخاذ الخطوات اللازمة من قبلهما ليكونا أكثر حساسية من الناحية الثقافـية تجاه تعددية السكان وتنوعهم فـي المدينة».
ومضى للقول «نحن نريد أن نضمن أن لدى مواطني ديربورن هايتس حقوقاً مدنية ودستورية محمية ونحن نريد أن نفعل كل ما بوسعنا للعمل بإيجابية مع المجتمع».
وتتمحور شكوى السكان فـي مدينة ديربورن وديربورن هايتس منذ فترة طويلة حول أن قوات الشرطة لا تعكس التنوع القائم فـي المدينتين. وأشار غافن إلى أنه مع زيادة عدد السكان العرب الأميركيين فـي السنوات الأخيرة، انعكست هي الأخرى على زيادة مضطردة فـي اعتقال النساء المسلمات.
واستدرك «اننا اعتقلنا أناساً من جميع الألوان والأعراق وكل من يرتكب جُرماً سيُلقى القبض عليه. ونحن نشهد
اليوم زيادة فـي عدد السكان الشرق أوسطيين فـي مجتمعنا، وبالتالي هناك زيادة فـي الاعتقالات من بينهم فالكثير من الاعتقالات التي نؤديها هي انعكاس لعينات السكان الذين يعيشون هنا».
واستطرد «إن الإدارة ما زالت تسعى لتوظيف قوة بوليسية متنوعة. وحالياً من أصل ٨٢ عنصر من الشرطة، هناك ثلاثة فقط من الإناث، وقلة منهم فقط تشكِّل أفراداً من العرب الأميركيين أو الأفارقة»، وتابع «ان ادارة الشرطة تواصلت مع الجاليات المتنوعة خلال عملية التوظيف، بما فـي ذلك وضع إعلانات فـي صحيفتي «صدى الوطن» و«ميشيغن كرونيكل»، ولكن لم نحصل على عدد كافٍ من المتقدمين».
وأكد انه «يتطلع إلى ايجاد دائرة شرطة متنوعة ثقافـياً وهو أمل نحن نسعى اليه جاهدين رغم اننا وضعنا إعلانات فـي الصحف وأجرينا تحقيقات خلفـية من أجل التوظيف ولكن لم يتقدم إلينا عدد كافٍ من المتقدمين من منطقة الشرق الأوسط كما كنا نأمل وهذه مشكلة».
وكشف غافن عن «وجود ٤٠ مرشحاً فـي ملف التوظيف، كان من بينهم ١٠ فقط من الشرق الأوسط. وبعد اجراء التحريات والاختبارات الروتينية على المتقدمين للوظيفة تمكَّن إثنان منهم فقط فـي المضي قدماً إلى الأمام للفوز النهائي بالوظيفة. ان البلديات المحلية الاخرى تتبادل نفس المشاعر حيث تسعى لتوظيف عناصر شرطة متنوعين، ولكنها بالنتيجة تجد نفسها خالية الوفاض» بحسب غافن.
وخلص غافن إلى القول «نحن نحاول الحصول على ممثلين للمجتمع الشرق أوسطي ولكنهم لا يتقدمون للعمل واذا تمنعوا عن ذلك فكيف نحصل عليهم؟».
Leave a Reply