كل سنة، ومع بداية الصيف نسمع بفاجعة ناتجة عن حادث سير مروع، ضحاياه من المراهقين المتخرجين حديثاً من الثانويات أو على ابواب التخرج منها. إنه «موسم الموت» على الطرقات. وتدل الإحصاءات بأن مثل هذه الحوادث تحصل عادة وتتكرر عند أواخر العام الدراسي وتترافق مع إحتفالات التخرج التي يرافقها التجمعات على الطرقات العامة، بحيث يفقد البعض من الشباب قدرته على التحكم في قيادة السيارة فتقع الحادثة وعادة ما تكون مفجعة.
وفي محاولة لتسليط الضوء على هذه الحوادث المتكررة أقامت مديرية شرطة ديربورن ندوة صحفية للحديث عن النتائج الوخيمة للسياقة الطائشة، أو في حالات إنشغال السائق بالتحدث على الهاتف أو إرسال رسائل نصية أو الأكل أو التعبير عن مظاهر الفرح مع الرفاق، وذلك لمساعدة الشباب على تجنب حوادث السير، والإحتفال بالتخرج بحذر والتمتع بعطلة فصل الصيف، وأجمع المشاركون في الندوة الصحفية على أنّ هذه الظاهرة تحمل نفس مخاطر السياقة في حالة السكر. وكان هدف الندوة الصحفية التي عقدت صباح يوم الجمعة قبل الماضي، أمام المركز الرئيسي لشرطة ديربورن على شارع ميشيغن أفينيو، هو توجيه رسالة تحذيرية لمعالجة هذه المعضلة التي تودي بحياة بعض المراهقين في كل عام. ومن أجل لفت إنتباه السائقين الى تلك المخاطر، قامت مديرية الشرطة بوضع سيارة فورد تعرضت لحادث سير مروع على جانب ميشيغن أفينيو لتذكير السائقين بمخاطر السياقة الطائشة و الغير مسؤولة خاصة ونحن على أبواب موسم التخرج المدرسي.
وقد اكدّ بعض مؤسسات المجتمع ورجال الأعمال الذين شاركوا في هذه الندوة على أهمية التذكير بكوارث حوادث السير، وبأن الوقاية من مخاطرها خير من علاج تداعياتها. وكان للطلاب مشاركة في الندوة حيث تحدث جاد الحركة وهو ناشط في الصف الحادي عشر وأحد قادة الطلاب في ثانوية فوردسون ورئيس «الجمعية الوطنية الشرفية» بالثانوية، فقال «يجب ان نضع لافتات داخل المدارس تحذر من مخاطر السياقة أثناء الإنشغال بالمكالمات او الرد على الرسائل النصية، حتى يراها الطلاب فتذكرهم بنتائجها السيئة. وأقترح رفع لافتتين يكتب على الأولى: «مكالمة واحدة يمكن أن تحطم كل شيء» وعلى اللافتة الثانية «إرسال النصوص .. قتل للنفوس».
كما دعى الحركة أيضا منتجي الهواتف المحمولة لإستخدام تكنولوجيا جديدة لتحديد المواقع الجغرافية بواسطة «جي بي أس» لتمكين السائقين طلب النجدة 911 في حال عدم تمكنهم من إستخدام هواتفهم النقالة وذلك للإتصال في حال تعرض أحدهم لحادث سير خطير، وتمنى على صانعي السيارات إبتكار تكنولوجيا لا تسمح بتشغيل السيارة اذا كان حزام الأمان غير مربوط، كما حث السائقين على وضع هواتفهم في أمكنة لا يستطيعون الوصول إليها أو إعطاء الموبايل للراكب المرافق ليجيب او يرسل رسالة نصية بدلاً عنهم.
فالقضية بالنسبة الى الحركة شخصية أيضاً، فقد تعرضت زميلة له في المدرسة الى حادث سير مؤسف،حيث صدمها سائق كان مشغولاً أثناء قيادته للسيارة فلم ينتبه الى الضوء الاحمر على شارع شايفر. ويؤكد أنه في خلال الخمس ثواني التي تستغرقها قراءة رسالة نصية بإمكان سائق مار من شارع فورد رود قرب مدرسته أن يجتاز مسافة ملعب فوتبول بأكمله، «قراءة رسالة نصية ممكن إن ينتظر» يضيف الحركة الذي لاحظ مبالغة الشباب في إستعمال الهواتف حتى أصبح الأمر شبه هوس، في حين أنّ إستعمال الهاتف ليس بتلك الضرورة بل يمكن تأجيله من أجل سلامة الجميع.
وكان للجهاز التربوي رأي في القضية حيث ترى تارا حداد وهي مدرسة في ثانوية إدسيل فورد انه يجب على الطلاب التعلم على «مسار الاختبار» وهو عبارة عن شارع صمم خصيصاً لتجارب قيادة السيارات للسائقين الجدد قرب المركز الرئيسي لشركة فورد وللتدرب على مخاطر السياقة الطائشة، ولإختبار السياقة والإنشغال معاً. وقد أستعمل طلاب ادسيل فورد منحة بألفي دولار مقدمة من شركة فورد لإجراء إستبيان بين زملائهم في المدرسة حول سلوكيات السياقة، وتتمحور الإسئلة حول الخيارات الأنجع للتحذير من مخاطرها، بوضع شاشة في المدارس او لافتات يكتب عليها إحصائيات حوادث السير أو إقامة إجتماعات في المدرسة لنشر الوعي في صفوف الشبيبة، أو تصوير فيديو وتوزيعه، أو إطلاق حملة إمضاء تعهد من السائقين بعدم إرسال رسائل نصية أثناء السياقة.
بعض الطلاب شاركوا في هذه التجارب، وهديل حيدر هي واحدة من بين عشرين طالباً من الذين جربوا قيادة السيارة في «مسار الإختبار» وقد وجدت حيدر بأن التجربة كانت «عظيمة جداً ومفيدة»، وقد رافقها لحضور الندوة زميلان لها في المدرسة وهما صفاء ناجي وبنجامين تامف.
بعض المؤسسات والشركات كان لها رأي في الموضوع، حيث قال جيم غراهام من شركة فورد إن برنامج «مسار الإختبار» الذي أنشأته فورد قرب مركزها الرئيسي في ديربورن منذ عشر سنوات، يشارك فيه طلاب من حوالي أربعين مدرسة وثانوية كل عام. وحسب غراهام «هناك ثلاث ركائز للسياقة الآمنة وهي ربط حزام الأمان، وخفض السرعة وتجنب الإنشغال الجانبي بأي شيء مثل الهواتف المحمولة أوتناول الطعام».
وتحدث رئيس البلدية جاك أورايلي فأكد انه يعرف التحديات التي تواجه الجميع للحفاظ على تركيز السائقين الشباب أثناء السياقة لأنه أب لثلاثة من الشباب البالغين. المشكلة بالنسبة الى اوريلي ليست السائقين الشباب، لان كثير من السائقين يتجاهلون اشارات الوقوف وقد شاهد نماذج لذلك قرب مدرسة دوفال الابتدائية بالقرب من منزله. وقال اوريلي انه لا يعتقد في جدوى مراقبة بوليس ديربورن للمخالفين من خلال نصب الأفخاخ لمتجاوزي السرعة القانونية، بل يؤمن باستخدام البيانات للتركيز على المناطق التي يحدث فيها عدد كبير من حوادث المرور.
واضاف اوريلي «على السائقين ان يسألوا أنفسهم حين يتلقون رسالة نصية على هواتفهم، هل يجب علينا الإجابة على الرسالة النصية او على المكالمة الآن؟». وهو السؤال ذاته الذي يشغل تفكير أسامة بيضون مساعد مدير ثانوية ديربورن هاي، لانه لازال يتذكر عندما تلقى مكالمتين أثناء عمله في ثانوية فوردسون منذ عدة سنوات، لإبلاغه بوفاة طالبين بحوادث سير مؤسفة، لذلك لا يترك بيضون مناسبة إلاّ ويؤكد على طلابه إحترام قوانين السير والسلامة، مشيراً الى انه يراقب السائقين من الطلاب حول الثانوية وخاصة في موسم التخرج، وفي بعض الحالات يستدعي السائقين لتنبيههم على مخاطر السياقة المتهورة، ويضيف بيضون بأنه إستدعى أكثر من ستة طلاب في الأسبوعين الماضيين لهذه الغاية.
وتحدثت نانسي ماكين من شركة «تريبل أي» لتأمين السيارات عن ترتيبات يستطيع السائق القيام بها للتخفيف من أخطار السياقة في حال الإنشغال الجانبي، ومنها التحضير المسبق لخرائط الطريق والتحقق من ظروف حركة المرور قبل الإنطلاق الى الوجهة المرغوبة، وعند الضرورة يمكن للسائق ان يركن سيارته على جانب الطريق في مكان آمن ليتحدث على الهاتف او لإرسال أو قراءة رسائل نصية اوللإطلاع على البريد الإلكتروني.
ورغم التركيز على مخاطر السياقة المتهورة أو اللهو خلال القيادة فلم ينسَ المشاركون في الندوة المخاطر الناتجة عن السكر والسياقة معاً، فقد تحدثت في هذه الإطار آنجيل هريس وهي من مؤسسة «أمهات ضد القيادة في حالة سكر» وقالت بأن الإحصاءات تدل على إن أكثر من ٦٠٠٠ مراهق أميركي يموتون على شوارع أميركا سنوياً في حوادث سير بينهم ٢٠٠٠ بسبب حوادث سير مخمورين. وهي تعتقد بأن هذه الأرقام سترتفع بشكل لافت إذا أقر تخفيض السن القانوني لتناول الكحول من ٢١ الى ١٨ سنة.
Leave a Reply