مريم شهاب
هل اليهود هم شعب الله المختار؟ وهل هم حقاً الذين أنعم الله عليهم وفضَّلهم على العالمين؟ سألتني ابنتي هذه الأسئلة مؤخراً أكثر من مرّة.
لقد لفت انتباهها إلى ذلك، ما تروّجه وتكرّره بعض وسائل الإعلام والدعاية الأميركية، وما يدور في نقاشات البعض في المجتمع الأميركي وخصوصاً في ولاية فلوريدا حيث تعيش ابنتي مع عائلتها، وتحديداً في أورلاندو، مدينة السحر والخيال واللامستحيل في درب تحقيق الأحلام.
ماذا تتوقع أيها القارئ الكريم، أن يكون جوابي لابنتي التي دخلت في العقد الرابع من العمر، والتي تربت في زمن الرفاه وقلة الاكتراث بالمسؤولية مثل الكثيرين من جيلها الذين أضاعوا السنين في مشاهدة الأفلام الهابطة وقراءة مجلات الموضة وصرعات الأزياء وزواج وطلاق الفنانين والفنانات، ومشاهدة برامج الثرثرة والنميمة وما أكثرها على التلفزيونات.
لكن هذا كان قبل زمن كورونا. وربّ ضارة نافعة. على الأقل، خففت هذه الجائحة من الاستهتار والاستسهال في كل ما يجري حولنا. كورونا جعلت ابنتي تقرأ بعض الكتب الثقافية والقصص الإنسانية الواقعية عن أوجاع يعاني منها الكثيرون حول العالم، وهي أشد بكثير من كورونا… فالشعب الفلسطيني المسلوب الإرادة في أرضه ووطنه من قبل شذاذ الصهيونية العالمية، الذين يقتلون الطفل الفلسطيني وكأنه نملة. هذا الفكر الذي امتطى عربة الدين اليهودي سفهاً وكذباً ورمى بشرائع نبي الله موسى من أجل بناء الإمبراطورية الصهيونية ومملكة إسرائيل فوق أنقاض مملكة نبي الله سليمان.
هم أنفسهم الصهاينة الذين يدفعون الملايين للمتزمتين والمتعصبين وبرامج من يدّعون أنهم مسيحيون لتحقير الدين الإسلامي والقرآن بأسلوب دنيء يجعل السامع يصدّق ما يقال.
إنه الأسلوب الناعم مثل الشرر تحت الرماد. وحين تستدعي الحاجة يلتهب عنصريةً وناراً كما يحدث الآن في وطننا الولايات المتحدة الأميركية. فلتكن ثورة وليكن خراب، ليكن تكسير للممتلكات وتدمير للحياة. لماذا هذه التماثيل والنصب وما نفعها؟ بل يجب تغيير التاريخ في أميركا. فليقتل الناس بعضهم بعضاً سنة وشيعة، عرب وكرد، مسيحيين ومسلمين، «حماس» و«فتح»، «إخوان» وعلمانيين، فرساً وأتراكاً.. وكل ما يمكن نبشه من التاريخ لإشعال الفتن التي تخطط لها عقول شيطانية تدّعي أن يدها فوق يد الذي خلقها، كما ادّعى قارون من قبل «إنما أوتيته على علم منّي».
ولأقدم جواباً مقنعاً لابنتي، سألت بعض المشايخ وراجت بعض التفاسير لآيات عديدة وردت في القرآن الكريم، منها الآية 47 من سورة البقرة: «يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضّلتكم على العالمين». كانت معظم الأجوبة أن الله أنعم على بني إسرائيل بتحريرهم من عبودية فرعون وأنه فضّلهم على العالمين بكثرة الأنبياء والمرسلين.
بالطبع، لم اقتنع بمعظم الأجوبة. توسع النقاش بيني وبين ابنتي. بالطبع اليهود ليسوا أذكى شعوب الأرض ولكنهم أناس منظمون جديون يراعون الحلال والحرام في ما بينهم، يخلصون لعقيدتهم ولهم قادة عظام ورواد خدموا دولتهم وشعبهم، بعكس زعماء العرب الذين يعملون لأمجادهم ونسائهم وجيوبهم.. كما وجدت أن اليهود يعيبهم التكبر على الآخرين، تحت مظلة أنهم «شعب الله المختار» دون سائر العالمين، لأن في ذلك تمييزاً وتفرقة وظلماً بين الإنسان وأخيه الإنسان. والظلم مذموم في السماء وعلى الأرض، وإن لم ترحموا من في الأرض فلن تنالوا رحمة السماء.
Leave a Reply