لا أحد يعلم أو يتصور ماذا كان العالم ليفعل لو لم يخلق الله أميركا.. هذا تساؤل أورده الكاتب أحمد بهجت في عموده الصحفي في جريدة “الأهرام” المصرية، حيث قال: “إن تصور الدنيا بغير أميركا مستحيل لأن دورها في العالم حيوي ومهم وخطير وهو يشبه دور الشيطان، والدنيا لا تصلح بغير هذا الدور”.
وتصور أيها القارئ معي أحوال الشرق الأوسط بدون أميركاواختراعها العجيب والشنيع: اسرائيل، وصنائعها من الدمى المتحركة: رؤوساء وزعماء وملوك العرب.. الذين لولاها لم يكونوا موجودين، فتخيلوا أحوالنا بدونهم!..
الآن أميركا بعظمتها وجلال قدرها وكل سفرائها ووزراء خارجيتها يعيثون في لاشرق فتنة وتفريقاً بين الشعوب والطوائف. وبالرغم من أن رؤوساء بلاد العرب، أوطاني، يرون ويقشعون ما تعمله أميركا بهم ولهم، فلا يملون ولا يكلون من محبتها والاختباء تحت عباءتها بعد خلعهم عباءة الكرامة والشرف. أمرها لهم واجب وطاعتها على العين والراس ويأديايها السوداء، عبر سفرائها تعبث في مقدمات ومؤخرات أولئك الحكام الراسخين في الجهل، فيزيد ذلك التباغض والكره والتباعد فيما بينهم، والتعلق والتمسك بالسحر والأسلوب الأميركي بينما يقهقه تمثال الحرية الذي يقف في مدينة نيويورك هازئا وساخرا منهم.
نحن نعلم أن البشر يبنون التماثيل لتخليد ذكرى الموتى، وهذا ما فعلته أميركا، بعد أن ماتت الحرية اختناقا من اضواء وعربدة مدينة نيويورك. دفنت أميركا الفقيدة (الحرية) حيث ماتت وأقامت لها تمثالا عظيما ليصلي الناس من أجل سلامها الروحي، ورغم كل هذا، لازال أكثر زعماء العرب متمسكون بخيار السلام بينهم وبين اسرائيل تحت رعاية أميركا.. أي خيار وأي سلام “الخيار عملوه سلطة والسلام الله يرحمو”.
يعني معقول، أهبل يحكي وعاقل يسمع، أميركا، القوة العسكرية والسياسية العظمى في العالم الملتزمة التزاما مطلقا بالتصدي لمن توسوس له نفسه تكدير خاطر اسرائيل أو انتقادها على جرائمها الشنيعة في فلسطين المحتلة. حاليا الاقتصاد الأميركي في انحدار ومعظم الشعب الأميركي، دافع الضرائب المسكين، من فئة آكلي “الهمبورغر” و”الهوت دوغ”، لا تأمين صحي لديهم، يعانون من البطالة ويرزحون تحت الأوزان الثقيلة وضغط الدم المرتفع ولا أحد يبالي بهم، مادام الحساب جاري، دافق من هنا الى تل أبيب لينعم بنو صهيون بالرفاهية الصحية والاجتماعية، هذا عدا عن الفيتو الضامن لاسرائيل في مجلس الأمن كلما تعلق الأمر بعتاب اسرائيل وليس عقابها لأن إسرائيل لا تريد السلام مع العرب ولا تسعى اليه. السلام هو الموت لإسرائيل.
وبعد كل هذا، مازالت أغلب القيادات العربية الهزيلة، المستهلكة لحبوب الفياغرا، بدل أن تعلن عن عجزها وفشلها الذريع في التعامل مع أميركا وقطتها السمينة المدللة اسرائيل، مازالوا وبدون حياء ولا خجل يظهرون على الفضائيات ويتكلمون في الاذاعات وينشرون في النشرات والمجلات ان أميركا هي الراعي والداعم للسلام في المنطقة! هل هناك أبدع وأمتع من ذلك؟ لا أظن..
خلاصة القول، ربما لو لم يكن هناك أميركا، لما كانت هناك اسرائيل، لكن ما الذي كان سيشغل بال الزعماء العرب ومن كان سيزرع الفتن والمآسي بينهم. ربما أنا وأنت كنا لا نزال نعيش في أرض تنتظرنا هناك، في بقعة ما. أرض نهجرها لشعب آخر يرحل من هنا ويذهب الى هناك ليستعمرها ويحتلها ويمص دمنا ليبنيها.. شكراً أميركا!!
Leave a Reply