لأنه الرئيس، ولأننا من عامة الشعب كان لزوماً علينا أن نستمع؛ ولهذا جلسنا (وعامتنا) نشنِّف آذاننا بصوته الرنان وهو يخطب فينا بكلماته المنمّقة.ولكن خطاب رئيسنا “المُفدى” لم يرقَ حتى لأدنى مستويات الخطابة؛ اللهم اذا إستثنينا إنتقاءه للكلمات الفارغة من كل محتوى.فكلماته تلك التي تناولت ما يُسمّى بـ”الربيع العربي”، تحاشت العرب وتطلعاتهم من حرية كانوا بأمسّ الحاجة إليها؛ تحاشت الدخول في أي تفاصيل ودهاليز عملية إنتقال السلطة، ذلك في البلدان التي رضي عنها؛ أما فيما خصّ البلدان الأخرى، فقد تحدث؛ وبدون حرج.انتقل سيدنا (وبإقتضاب) من تونس إلى طرابلس الغرب؛ فالقاهرة وتشدق بدعمه “للثوار”؛ فهؤلاء حلفاء الغد الذين هندس لهم الإطاحة بحلفاء الأمس.ولم يفته الإلتفات إلى منامتنا النائمة تحت عيون الخليج “الصاحي”؛ وهذا بالطبع من حُرصه على عدم التفريق بين المذاهب؛ حيث أنه الراعي لشيخنا وسيدنا.ولكنه لم يُهمل “شاهد العيان” السوري، وذلك تماشياً مع دستورنا الذي يكفل حُرية التعبير؛ فقد أفرز له الحيّز الأكبر من حديثه، ولم يدع كلماته تضيع سدى.فقد أسهب وأسهب عن دمشق والحريات المدنية، والأحزاب والتعددية السياسية (وطبعا هذا كله متوفر في السعودية، حليفة رئيسنا المسدد!)؛ حتى أصاب ذلك الشاهد نفسه بالغثيان.وبالطبع لم يُهمل عظيمُنا القضية الأهم؛ الجرح العربي النازف، خنجر الإستبداد المزروع في خاصرة الأُمة..فلسطين..فقد منّ عليها فخامته بأدنى حُدود العيش الكريم؛ حدود لم ولن يقبل بها مُغتصبوها؛ حدودا رسمها المُحتّل ليُسهل عمل المُغتصب.سيّدي الرئيس..بالنيابة عن أطفال أفغانستان والعراق؛ الذين يُقتلون يومياً تحت عنوان الحرية الجوفاء التي وعد بها سلفُك؛ التي لم ولن تقدر تقديمها ما زالت جنودك تحتل غُرف نومها..وبالنيابة عن أطفال مصر وتونس الحُلم الذين سيستيقظون على الكابوس الذي رسمته لهم..وطبعاً بالنيابة عن أطفال لبنان وفلسطين (وحتى سوريا والبحرين) الذين لن يستيقظوا من كابوس دعمِك لآلة الشر..وبالأصالة عن كلِ نفسٍ حُرة..جزيل الشكر.
Leave a Reply