صخر نصر
يحكى أن أحد ملوك الصين زار باريس منذ زمن بعيد فوجدها مدينة جميلة مزدانة بالأضواء، وفور عودته إلى بلاده قرر أن يجعل مملكته مضاءة بالأنوار كباريس فاستدعى رئيس وزرائه على الفور الى اجتماع عاجل وطرح عليه الفكرة طالبا منه دراستها وتحديد المبلغ اللازم لإنارة المدينة، وبعد أيام جاءه رئيس الوزراء حاملا الدراسة وطلب مليون قطعة ذهبية لإنجاز المشروع التاريخي ففتح الملك خزنته وناوله كيسا فـيه مليون قطعة ذهبية فأخذها رئيس الوزراء وانصرف إلى مكتبه .
وفـي اليوم التالي استدعى رئيس الوزراء وزير الكهرباء وأعطاه نصف مليون قطعة ذهبية طالبا منه تنفـيذ المشروع على وجه السرعة، وبدوره استدعى الوزير المحافظ وأعطاه ربع مليون وحثه على المضي قدما فـي المشروع قبل حلول العيد.
استدعى المحافظ قائد الشرطة وأعطاه مئة ألف قطعة ذهبية مؤكداً عليه تنفـيذ إضاءة تليق بالمدينة لجعلها كباريس تتلألأ فـي الليل فأخذ الضابط الذهب وفكر ملياً فاهتدى إلى فكرة تكليف المخاتير بهذه المهمة، فاستدعاهم على عجل وكانوا خمسة فأعطى لكل منهم كيساً فـيه عشرة آلاف قطعة ذهبية وأمرهم بحسن التنفـيذ وبسرعة، فذهب المخاتير إلى أحيائهم وجمعوا الناس وطلبوا منهم أن يضع كل منهم (لمبة )على باب بيته تحت طائلة الحبس والتغريم وهكذا ازدانت المدينة بالأضواء على نفقة الناس .
لا ندري إن كانت (مملكة) ديربورن قد أمرت الناس بوضع لمبات على أبواب بيوتهم وإضاءتها ليلا كي تنار شوارع ديربورن وتصبح كمدينة باريس، لكننا متأكدون أن شوارع ديربورن لاسيما الفرعية منها تغرق فـي ظلام دامس إلا من إنارة خجولة لاتكاد تصل إلى اسفلت الشارع متموضعة هنا وهناك على بعض الزوايا والتقاطعات كنوع من رفع العتب ليس إلا أمام دافعي الضرائب والناخبين الذين لن يتحمسوا كثيرا فـي الانتخابات الاخيرة بسبب الواقع الخدمي المزري لمعظم شوارع المدينة.
والانارة على الشوارع الرئيسة ليست بأفضل حالا من الفرعية فالظلام يخيم ليلا على معظم شارع وارن (الشارع الرئيس فـي ديربورن) والذي تتموضع على جانبيه معظم الفعاليات الاقتصادية والمطاعم العربية والمقاهي والمولات العربية لاسيما بين (غرين فـيلد وتشيس) حيث تنعدم الانارة فـي تلك المنطقة بشكل شبه تام حتى أصبح كالشوارع المخصصة للعشاق، وإن جازف أحدهم وعبر الطريق بشكل عرضاني فلا يتفاجأ إن نقل بعدها إلى المشفى إن لم يكن إلى جوار الرفـيق الأعلى بسبب صدمه بسيارة عابره لم ير سائقها المارة على الطريق بسبب الظلام الدامس وأنوار السيارات القادمة من الإتجاه المعاكس.
إذا كانت بلدية ديربورن تنوي تقليد الملك الصيني فعليها أن تطلب من الناس وضع مصابيح خاصة أمام أبواب منازلهم، أما إذا كانت بلدية منتخبة يهمها رضا الناس عنها وتحقيق رغباتهم وتأمين الخدمات لهم فعليها صيانة أعمدة الإنارة وإضاءتها، خاصة وإننا مقبلون على عام جديد ومن حقنا أن نحتفل بقدومه تحت الأضواء.
Leave a Reply