بلال شرارة
المحللون الاسترتيجيون، أقصد الجنرالات اللبنانيون المتقاعدون، الذين على حد علمي على الأقل يعرفون عن الحرب الحقيقية بقدر ما أعرف صيني (أي ولا كلمة) والمدنيون الجنرالات الذين يحللون ويستنتجون، هؤلاء الذين يتربعون على الشاشات ويملؤون الهواء لا أدري من أين أتوا بخبراتهم حول تمهيد أسلحة لمسارح العمليات (أغلبهم لم يشارك بأي حرب حتى الاهلية اللبنانية ولم يشارك فـي عمليات المقاومة ولم يكن حتى على مسمع من المصطلحات العسكرية).
أنا اعرف بواسطة قراءة الصحف والمعلومات ومتابعة محطات التلفزة العالمية -أعرف- أن وحدات استخبارية تابعة للجيوش ووحدات استطلاع ومراقبه جوية من طائرات «أواكس» الى كل انواع الطائرات دون طيار وأقمار صناعية تخدم عمل الوحدات البرية العسكرية ولكن نحن الجماهير الغفورة نزعم أن الذين يخدمون علينا، لا يعرفون، ويشتغلون بنا، ويقدمون خدمات «الأكشن» لمحطات التلفزة ولمعلمين نعرفهم ولكننا لا نتجرأ عليهم.
بعض الجنرالات يتنقلون ببساطة من مسرح العمليات السوري الى العراقي الى اليمني الى الليبي.. ياسبحان الله ما اشطرهم!.
مرات ومرات يسبقون قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ويرسمون خطواتها المقبلة، وكذلك الأرض بالنسبة الى الضربات الجوية الروسية وحركة الجيش السوري التي ترافقها. الأمر نفسه يتكرر على مسار الحركة الميدانية للجيش العراقي على الجبهات بإتجاه الموصل، ويتعاكس المحللون على محاور اليمن، جنرال ينصر الجيش واللجان الشعبية وجنرال آخر ينصر التحالف السعودي وقوات هادي.
السادة اللبنانيون العباقرة الضالعون فـي علوم الحرب يخلفون وراءهم قتلى وجرحى ويمررون اصابعهم على جغرافـية الحروب الدائرة على مساحات الدول فتصبح المسافة بين حلب وأعزاز توازي مسافة خنصر هتلر بين روستوف وموسكو، وهم الجنرالات العباقرة فـي أقسى حالاتهم قاموا بمهمة الامن الى جانب اللادفاع عن سيادتنا الوطنية، أي أنهم بالواقع ساهموا بعمليات قمع المتظاهرين ونحن دوخناهم فـي حيلة المظاهرات الطيارة (المعذرة من الجيش اللبناني فقد اختلفت مهماته وخبرته على الحدود الجنوبية والشرقية والغربية). أما بالنسبة للمدنيين (المحللين) فهم ولا واحد منهم عاش أو مشى ذات يوم فـي مناطق الحروب و«لم يدعس» أرض العمليات على الأقل مثل سماسرة تجارة الأرض. أنا أشعر أن هؤلاء يشبهون طنين «الزلاقط» على اللحمة النيئة، ولأنهم لا يقدمون ولا يؤخرون فـي الأمر شيئاً فقط يروجون أخبار ويبخرون و«يدبّرون أمرهم» مقابل ثلاثين من فضة.
بالنتيجة، من يتجه للانتصار فـي الشرق، ليس حركة جيوش عواطفنا بل مشروع السيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية والذي يجري عدا ذلك (على الأرض) هو حوار بالنار بين «الفدرلة» و«الكونفدرلة».. ويجري (أنا أحلل) إخراج التداخلات الاقليمية لصالح الدول الكبرى وتحديداً التفاهم الأميركي الروسي.
الآن هناك من ينتظر أن تبدل نتائج الانتخابات الأميركية النتائج الميدانيه فـي سوريا.. على الأرض..
وهناك من ينتظر انتهاء الانتخابات الايرانية..
وهناك من جعلنا ننتظر نتائج مفاوضات إيران و5+1..
وهناك من انتظر نتائج اجتماعات باريس لوزراء دفاغ أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا..
وهناك من يرمي بإستنتاجته على اجتماعات ممكنة لدول البريكس أو لحلف شمال الاطلسي وكأنه يعرف النتائج مسبقاً..
المحللون لو يتركوننا وشأننا.. بل وهمّنا..
أنا لم اسمع بأسماء قرى ريف حلب أو بالفواصل الجغرافـية بين المحافظات السورية..
أنا لم أرَ حلب أو الموصل أو عدن أو بنغازي بعيني..
كلام المحللون «شيلالوب»..
Leave a Reply