الصاروخان من طراز “غراد” اللذان سقطا الاسبوع الماضي على ميناء إيلات الاسرائيلي والعقبة الاردني، كان لهما وقع شديد الوطأة على أجهزة الامن في الدول المطلة على هذا الكوريدور المائي في شمال البحر الأحمر، خاصة اجهزة الامن الاردنية والمصرية، لم تستطع في الساعات الـ24 الأولى، ان تحدد الموقع الذي اطلق منه الصاروخان ولا الجهة المسؤولة عن اطلاقهما، واكتفت تلك الاجهزة بالقول، انها حادثة معزولة ربما يقف وراءها ارهابيون، ويعنون بذلك منظمة “القاعدة” باعتبارها في نظرهم القادرة على الوصول الى هكذا منطقة حساسة، تقوم بحراستها جيوش واساطيل نصف دزينة من الدول، ويعتبر الوصول اليها من عناصر ارهابية ضربا من المستحيل.
ظلت اجهزة الأمن العربية صامتة الى ان جاءها الخبر اليقين من جهاز الاستخبارات الاسرائيلي (الموساد)، بأن من أطلق الصاروخين هم مقاتلون من حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، تم اطلاقهما من نقطة في شبه جزيرة سيناء المصرية، وأن هذا النوع من الصواريخ تستخدمه المنظمة في قصف مستوطنات اسرائيلية انطلاقا من غزة، ويصل مداها الى 40 كيلومترا، وقد عثر اثنان من الغواصين الاسرائيليين على اعقاب هذين الصاروخين في مياه البحر الأحمر.
يدلل صدق الرواية الاسرائيلية هذه المرة، أن حكومة الكيان الصهيوني كانت اصدرت تحذيرا قبل حادثة الصواريخ بفترة قصيرة، حذرت فيه الرعايا الاسرائيليين المصطافين في منتجعات مصرية في منطقة سيناء، بضرورة المغادرة خشية تعرضهم لحادث ارهابي محتمل، الهدف منه أسر سياح اسرائيليين لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين في السجون الاسرائيلية.
البعض يسأل كيف أمكن لمقاتلين من “حماس” محاصرين في جيب معزول هو قطاع غزة، ترقبهم القوات الاسرائيلية والمصرية ليل نهار، برا وبحرا وجوا، ان يخترقوا الحدود ويصلوا بأسلحتهم الى أقرب نقطة لميناء اسرائيلي هو الثاني في اهميته التجارية والاستراتيجية بعد ميناء حيفا في الشمال، ويضربوه بصواريخهم؟ كيف أمكنهم ذلك وقد بنت مصر في وجوههم حاجزا فولاذيا على طول حدودها مع غزة، بتمويل مباشر من الولايات المتحدة، فيما نصبت اسرائيل قبة حديدية على حدودها مع القطاع تمنع وصول صواريخ المقاومة الى مستوطناتها؟
والاجابة على هذا السؤال، لينتظرها المشاهدون في حلقة مصورة عن تفاصيل هذا الهجوم، ربما تبادر “حماس” الى بثها على شاشة احدى المحطات الفضائية، مثلما فعلت في حادثة الهجوم على نقطة مراقبة عسكرية داخل اسرائيل، واسرها للجندي جلعاد شاليط، والتي عرضت على شاشة “الجزيرة” الفضائية، تبين ان المقاومة استغرق منها التخطيط لتلك العملية وتنفيذها ستة أشهر، تم فيها حفر نفق من غزة الى الاراضي الاسرائيلية باعماق واطوال هائلة، هؤلاء في غزة لا خوف عليهم، فقد أصبحوا تحت وطأة الحصار عباقرة في حفر الانفاق.
Leave a Reply