صنعاء – دخلت “الثورة اليمنية” على نظام علي عبدالله صالح أسبوعها الرابع، مع اشتداد وتيرة التظاهرات وتضعضع الحزب الحاكم الذي بدأ يخسر بعض التحالفات الداخلية، وكانت آخر تنازلاته الخميس الماضي حيث أعلن صالح أمام عشرات الآلاف عن مبادرة، يمكن وصفها بـ”مبادرة التنازلات الكبرى”، لحل الأزمة السياسية في البلاد تدعو إلى الانتقال من نظام الحكم الرئاسي إلى نظام برلماني، والاستفتاء على دستور جديد للبلاد وتوسيع نظام الحكم المحلي كخطوة أولى نحو الفدرالية.
وكان الرئيس صالح قد حاول احتواء التظاهرات عند اندلاعها مطلع شباط (فبراير) الماضي بإعلانه عن عدم نيته التمديد لولاية جديدة أو التوريث لابنه، لكن ذلك لم يخفف من حدة المعارضة له خاصة بعد اعتماده على مؤيديه، أو من يسمونهم معارضوه بـ”البلطجية”، لمواجهة التظاهرات السلمية ما أدى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
ودخلت المواجهة العنيفة، في مدينة صنعاء، في مزيد من التأزم عندما استخدمت الشرطة الرصاص الحي الأربعاء الماضي لأول مرة منذ بدء الاعتصام في ساحة امام جامعة صنعاء في 21 شباط (فبراير)، رغم استخدامها له في مدن عديدة أخرى لاسيما في الجنوب.
وكان المتظاهرون يحاولون نصب خيام في شارع يبعد حوالي مئة متر عن ساحة الاعتصام، الامر الذي حاولت الشرطة منعه. الا ان المتظاهرين تمكنوا في نهاية الامر من نصب هذه الخيام.
واستنكرت المعارضة المنضوية تحت لواء “اللقاء المشترك” الأسلوب القمعي وإمعان نظام صالح بجرائمه، وحمل الناطق الرسمي باسم “اللقاء المشترك” محمد قحطان في بيان “السلطة ممثلة بالرئيس علي عبدالله صالح شخصياً المسؤولية الكاملة عن الجرائم”..
وتزامنت هذه التطورات مع تعزيز التدابير الامنية حول المنشآت الحيوية والبنوك في صنعاء حسبما افادت مصادر امنية، مع ترجيحات بمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة في صنعاء والمدن الكبرى الأخرى التي تشهد تظاهرات ضخمة ولاسيما في إب وتعز وعدن. ولا تخلو أي مدينة يمنية من تظاهرات احتجاجية مع خفوت صوت المؤيدين في الأسبوع الماضي.
وكانت المعارضة اعلنت تصعيد تحركاتها الاحتجاجية ضد النظام وسط رفض المعتصمين في صنعاء ومدن يمنية اخرى الحوار مع الحكومة.
مبادرة صالح
وقال صالح أثناء افتتاحه أعمال المؤتمر الوطني إن المبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والشورى والفعاليات الوطنية لإعداد دستور جديد يقوم بالفصل بين السلطات بحيث يستفتى عليه نهاية العام 2011. وأضاف أنه رغم اقتناعه بأن أحزاب المعارضة و”اللقاء المشترك” سترفض هذه المبادرة كما رفضت مبادرات سابقة فإنه سيقدمها إبراء للذمة.
وتنص مبادرة صالح على الانتقال إلى النظام البرلماني بحيث تنتقل كافة الصلاحيات التنفيذية إلى الحكومة المنتخبة برلمانيا نهاية عام 2011 وبداية 2012، وتنتقل كل الصلاحيات إلى الحكومة البرلمانية.
ودعا صالح إلى التئام مجلس النواب من السلطة والمعارضة لإعداد قانون الانتخابات والاستفتاء وإقراره وتسجيل اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء.
وفي لهجة تصالحية مع الشباب المعتصمين ضد نظامه، قال إنه أمر الحكومة بالاهتمام بمطالب الشباب المعتصم في كل من باب جامعة صنعاء ومحطة صافر في تعز وفي عدن وفي أي محافظات أخرى. ووصفم بأنهم شباب المستقبل وأمل هذه الأمة، وأن الحكومة ستعمل على تلبية كل طلباتهم دون الاعتصامات والاحتقان والفوضى.
وقاطعت قيادات وقواعد حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم بالمحافظات الجنوبية المؤتمر احتجاجا على ما تعرض ويتعرض له أبناء اليمن وخصوصاً في المحافظات الجنوبية من القمع غير المبرر، والاستخدام المفرط للقوة في تفريق المتظاهرين مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.
ورأت أحزاب المعارضة أن مبادرة الرئيس جاءت متأخرة، وقال الأحزاب المعارضة انها اقترحت ما جاء في خطاب الرئيس في وقت سابق بيد أن مقترحاتها لم يؤخذ بها. ويقول المراقبون أنه حتى لو قبلت الأحزاب بعرض الرئيس فإن هناك شكوك بإمكانية إقناع مئات الآلاف المعتصمين في الساحات، والذين يزيدون يوما بعد يوم ويطالبون بإسقاط النظام، للعودة عن الثورة خاصة بعد سقوط قتلى وجرحى في سبيلها.
السفير الأميركي
من ناحيته، قال سفير الولايات المتحدة الأميركية بصنعاء جيرالد فايرستاين، الذي زار ميشيغن مؤخراً، ان إسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح ليس حلا ودعا لحوار بين جميع القوى السياسية في اليمن. ونسبت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” الأربعاء الماضي الى فايرستاين قوله “السبيل الأمثل لحل مشاكل اليمن، يتمثل بالحوار وليس بالتظاهرات، وأن إسقاط النظام لا يحل الإشكالات والتحديات التي تواجه اليمن في الوقت الراهن”.
ودعت واشنطن حكومة صنعاء الاسبوع الماضي عدم استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين اثر سقوط عشرات القتلى والجرحى في تظاهرات تعم اليمن منذ مطلع شباط الماضي وتدعو صالح للتنحي.
وكان الجيش اليمني انتشر حول القصر الرئاسي وميدان التغيير أمام جامعة صنعاء حيث يعتصم المحتجون المناهضون للنظام، وتعد هذه المرة الأولى التي يظهر فيها الجيش في شوارع صنعاء منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية.
Leave a Reply