مريم شهاب
على الرغم من ذيول المحن التي تحيق بأهلنا وأحبابنا في بلادنا الجميلة، وأيضاً بالرغم من همروجة الانتخابات ودعايات المرشحين عندنا هنا في ديارنا، وما يرافقها من تحركات في «الجو السياسي» وانفعالات وتأويلات وتعليقات، يجود بها المعلقون والمرشحون للنيل من منافسيهم وشتمهم.. إلا أنه توجد في مكان ما، نافذة للجمال والحب والسحر!
وإن كنت مثلي –أيها القارئ العزيز– مع المثل القائل: «هيك الدني، منعيشها مرَّة»، فإني أقول لك عِشها، وفي زمن الهبل والهوبرة، تعال ننضم إلى حزب الورد والجمال والحب والشعر وتراتيل المساء. وإن سألتني من انتخبت اليوم، أجيبك: أنتخب كل فنانٍ موسوم بالحب والخيال وخفَّة الظل. قل لي ماذا تفعل وأنت محاصر بتفاهات السياسة وخطب المرشحين لنفخ الذات وبروزة الشهادات؟ ماذا تعمل وأنت مرغم على سماع خطابات رجال الدين المُمِلَّة وطوفان من «الوقوقات» البدائية الهوائية التي يسمونها أغاني وتذيعها الموجات المحلية التي تنتهج بمعظمها الانحدار في الذوق والإحساس وانعدام الموهبة.
ألا تطيب لك العودة إلى الغناء الصادق الدافىء الذي ينبع، كلاماً وأداء ولحناً، من القلب، ويخاطب الوجدان ويسمو بالروح؟ سوف تفرح جداً عندما تسمع عن «صالون الفن» الذي يديره الأستاذ نشأت المندوي ويرعاه فنانون ذواقون ومثقفون يسعون للدفاع عن مسامعنا وأذواقنا التي ربّيناها على عشق الجمال وعلى احترام وحب عميقين للغناء السليم بعناصره الثلاثة؛ الشعر واللحن والأداء، والذي كان لي شرف حضور حفلته الأخيرة يوم السبت 3 تشرين الثاني على مسرح ثانوية ستيرلنغ هايتس، بدعوة من الفنان المتألق الأستاذ زياد نصر الذي كان نجم الحفل بامتياز، والذي أبدع في الغناء الطربي ونقلنا بصوته الصافي من متعة الاستماع إلى لذَّة الإصغاء للألحان بقيادة الفنان الموسيقي الرائع نشوان فاضل، إضافة إلى أداء مطربات ومطربين آخرين وضيف الحفلة الفنان إسماعيل فاضل الذي أنشد المقام العراقي الرائع وأبدع في النغمات الشرقية التي لا يوازيها غناء من حيث النشوة التي يخلقها في النفس، مما دفع أحد المستمعين الفهمانين –وهو مأخوذٌ بما يسمع– إلى القول: لما بيكون في هيك روائع في الغناء العربي، لماذا لا تُسَمِعنا الإذاعات المحلية نهاراً وليلاً إلَّا التفاهات المملة والمزعجة التي يرميها علينا الجاهلون والمتصنعون من «النجوم الستار»؟.
Leave a Reply