واشنطن وباريس حكمتا بالإعدام على العقيد الليبي معمر القذافي. الرئيسان الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي لم يكونا راغبين بأن يخرج القذافي حيا، من المطاردة التي بدأها حلف شمال الأطلسي في آذار الماضي في ليبيا، خوفا من أن يتكلم كثيرا أمام محكمة الجزاء الدولية “ويتحول إلى قنبلة نووية”.
صحيفة “الكنار الأنشينه” الفرنسية أخذت على عاتقها تكذيب الروايات التي قدمها “الأطلسي” عن “صدفة” وجود القذافي في موكب للسيارات كان يهم بالهروب من سرت، عندما قامت طائرتان فرنسية وأميركية من دون طيار بالتناوب على قصفه ما أدى إلى جرح القذافي وأسره من قبل قوات المجلس الوطني الانتقالي وتصفيته. وتدحض رواية الصحيفة مطالبة الغربيين والأمم المتحدة بإجراء تحقيق لكشف ملابسات قتل القذافي، بقولها إن وحدة فرنسية خاصة كانت على مقربة من مكان اعتقال العقيد الليبي، وتعرف تفاصيل كثيرة عن تصفيته.
وكذبت الصحيفة الفرنسية، الصادرة الأسبوع الماضي، ما كان “الأطلسي” قد ردده خلال حملة القصف الجوية الطويلة لدعم قوات “الانتقالي” على الأرض من أنها لم تكن تستهدف اغتيال العقيد “لأنه لا يوجد ما ينص على ذلك في المهمة التي أوكلها للأطلسيين قرار مجلس الأمن 1973، والذي يكلف الأطلسي وطائراته حماية المدنيين” في ليبيا من كتائب القذافي.
وفي 19 تشرين الاول، وقبل ساعات قليلة من قصف موكب القذافي في سرت، اتصل عقيد من “البنتاغون” بأحد قادة الاستخبارات العسكرية الفرنسية المكلف بمطاردة الرئيس الليبي وأعلمه بأن الفخ قد احكم إغلاقه على القذافي وأن طائرات الاستطلاع الأميركية قد حددت مكان وجوده في احد أحياء سرت، وأضحى مستحيلا على العقيد أن يفلت من قبضة مطارديه.
وقال المسؤول الأميركي لمحدثه الفرنسي “إن ترك هذا الرجل على قيد الحياة سيحوله إلى قنبلة نووية”. واستخلص المسؤول الفرنسي أن البيت الأبيض قد اصدر حكمه على القذافي وينبغي تفادي محاكمته، التي ستشكل منبرا دوليا له. “حكم الإعدام لم يكن متوفرا نصا في القرار الدولي” كما نقلت الصحيفة عن دبلوماسي فرنسي “لكن يجب ألا ننافق بعضنا بعضا، فقد حاولت الطائرات الفرنسية والبريطانية تصفيته، من خلال قصف مخابئه في طرابلس”.
وذكر الدبلوماسي الفرنسي أن “القذافي، صديق الغرب في سنواته الأخيرة، كان سيذكر بعلاقاته الممتازة مع الاستخبارات المركزية الأميركية والفرنسية، والمساعدات التي كان يقدمها لأصدقائنا الأفارقة، والصفقات التي كان يعقدها مع البعض والبعض الآخر وأشياء أخطر بكثير. لا احد يعلم”.
وكانت قوات فرنسية وأميركية خاصة تقتفي على الأرض أثر القذافي المحاصر في سرت. وأرسلت الاستخبارات الفرنسية وحدة من 50 رجلا إلى مدينة سرت. وقال مسؤول أمني فرنسي إن مهمة الوحدة الخاصة “هي تسليم القذافي وأفراد أسرته إلى مجموعة الثعلب” وهي مجموعة تعمل بإمرة قوات الإنتقالي في سرت، و”منع إفلات القذافي من مطارديه الليبيين”.
وكان ساركوزي قد كلف الجنرال بنوا بوغا، رئيس أركانه الخاص بالإشراف على عملية ملاحقة القذافي. وعمل الجنرال بوغا على تنفيذ مهمته بالتنسيق مع قيادة الاستخبارات العسكرية الفرنسية والوحدة الفرنسية الخاصة العاملة على الأرض في ليبيا. وقالت “الكنار الأنشينه” إنه “لم تكن قيادة الاستخبارات العسكرية تتحرج في الإفصاح عن أن مهمتها هي التصفية الجسدية للزعيم الليبي” بخلاف الأليزيه، الذي كان يختبئ خلف العبارات الحريصة، كما قال احد مستشاري الرئيس.
وفي العشرين من تشرين الأول (أكتوبر)، عند الثامنة والنصف صباحا، أطلقت طائرة أميركية من دون طيار صاروخا على موكب من 75 سيارة كان يغادر سرت بسرعة كبيرة. وقامت طائرة ميراج فرنسية، ترافقها طائرة استطلاع أخرى، بتوجيه قنبلتين بالليزر نحو الموكب، ودمرت 21 سيارة، وجرحت القذافي.
وتقول الصحيفة إن عناصر الوحدة الفرنسية كانوا على مسافة جعلت أحد ضباطها يروي “أن القذافي وقع في أسر مقاتلي الانتقالي، وأن الجمهور اخذ يهتف الله أكبر وضرب الأسير، فيما حاولت، عبثا، أصوات قليلة بين المقاتلين ثني رفاقهم عن قتله” من دون أن يستطيع الفرنسيون أو الأميركيون التدخل.
Leave a Reply