سامر حجازي وخليل رمَّال- صدى الوطن
فـي أعقاب إعدام ثلاثة من المسلمين الأبرياء فـي حي هادئ فـي ولاية نورث كارولينا، أصدرت المنظمات الوطنية والمحلية العربية الاميركية والإسلامية والحقوقية بيانات إدانة واصفة الجريمة بأنها جريمة كراهية وتعصب.
وأعلنت فاتنة عبدربه، مديرة مكتب ميشيغن فـي اللجنة الاميركية العربية لمكافحة التمييز العنصري (أي دي سي – ميشيغن) «اننا نتواصل مع أسر الضحايا والجاليات حول مدينة «شابل هيل» للتعبير عن حزننا العميق لخسارتهم. وتظهر هذه المأساة حقيقة وجود كل أشكال التطرف الديني. الجاليات المستضعفة مثل جاليتنا بحاجة إلى أن تكون أكثر يقظة. اننا ندعو إلى التسامح والسلامة والوحدة الوطنية. نأمل أن تسلط هذه المأساة المروعة الضوء على الترهيب العرقي وجرائم الكراهية والعنف العنصري. ونحن نحث قيادة البلاد على سن وتنفـيذ التشريعات التي تحمي الجاليات المستضعفة». كما أصدرت رابطة الحقوق المدنية للعرب الأميركيين (ACRL) أيضاً بياناً مماثلاً بشأن هذه الجريمة المروعة، فقالت ان «الرابطة» يعمّها الحزن والغضب أثر اطلاق النار العبثي وقتل ثلاثة طلاب من المسلمين الأميركيين الأبرياء «الذين وقعوا كلهم ضحية جريمة مروعة».
وأضاف بيان «الرابطة» الصحفـي «يجب حث السلطات الأمنية الفـيدرالية والمحلية للتحقيق فـي هذه الجريمة من ناحية دوافع الكراهية والتعصب الديني».
وكان مساء يوم الثلاثاء العاشر من شباط (فبراير) قد شهد أبشع جرائم الكراهية فـي تاريخ أميركا الحديث بعد قتل طالب طب الأسنان المسلم ضياءء شادي بركات البالغ من العمر ٢٣ عاماً وزوجته يُسر محمد أبو صالحة (٢١عاماً) وشقيقتها رزان محمد أبو صالحة (١٩عاماً) بأسلوب الإعدام الذي تمارسه عصابات القتل عن طريق إطلاق عيارات نارية فـي الرأس وذلك بمنزلهم فـي مدينة «شابل هيل» بولاية نورت كارولينا. القاتل المشتبه به جارهم كريغ ستيفن هيكس (٤٦عاماً)، وهو قوقازي ذكر أبيض، ألقي القبض عليه بتهم قتل ثلاثة من الدرجة الأولى. وهو محتجز من دون كفالة حتى جلسة المحكمة يوم ٤ اذار (مارس) المقبل.
وكان بركات طالباً فـي طب الأسنان بجامعة ولاية نورث كارولينا وزوجته التي عقد قرانه عليها منذ شهرين، من المقرر ان تتسجل بكلية طب الأسنان فـي فصل الخريف المقبل. ورزان أبو صالحة كانت مولعة بالتصوير والفن كما كانت طالبة فـي جامعة ولاية نورث كارولينا ايضاً، حيث كانت تدرس الهندسة المعمارية والتصميم البيئي. عائلة وأصدقاء الضحايا أحبطتهم الجريمة المروعة وتلقوا ضربة قاسمة، كذلك عم الحزن بين أوساط الطلاب فـي الجامعة من الذين عرفوا الطلاب الثلاثة عن كثب حيث وصفوا من قبل مجتمع «شابل هيل» بانهم طلاب مهذبون وبارعون وكان أمامهم مستقبل باهر. كما كان المرحومون مشاركين فاعلين فـي الأنشطة الخيرية غير الجامعية فـي المدارس ومع الجمعيات الخيرية فـي المدينة.
وفور تداول الحادث ووصوله إلى وسائل الإعلام، بدأت السلطات الأمنية فـي «شابل هيل» بتبديد تكهنات بأن الذي حصل لم يكن جريمة كراهية. ووفقاً للبيان الصادر عن الشرطة فـي المدينة ان القتل تم «بدافع شجار مستمر حول موقف للسيارات».
وبعد هذا البيان، بدأت وكالات الأنباء الوطنية بسرعة تقوم بمحاكاة ببغائية متماهية مع بلاغ الشرطة. «مسلح يقتل ثلاثة شبان من المسلمين على خلفـية نزاع حول موقف للسيارة»، قال العنوان فـي خبر لوكالة «رويترز». «الموت الناجم عن إطلاق النار فـي جامعة نورث كاولينا فجره الخلاف على موقف للسيارة»، كان عنوان شبكة «فوكس» التلفزيونيةاليمينية الهوى.
وعلى الرغم من هذه الرواية التي هي ربع الحقيقة فـي وسائل الإعلام، كان من الواضح أن الجاليات الإسلامية والعربية علمت القصد تماماً من وراء القتل وانه كان مرتبطا مباشرة بالدرك الذي وصلت إليه البلاد التي تشهد ذروة طفرة جديدة من حمى الكراهية المعروفة بالرهاب من الدين الإسلامي (اسلاموفوبيا). كما أثار إطلاق النار الإرهابي ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وشهد ولادة هاشتاغات مثل «انحياز الميديا» و«جريمة شابل هيل» و«أرواح المسلمين تعنينا» (MuslimLivesMatter #ChapelHillMurders#
وMediaBias#)، وبدأت هذه الهاشتاغات تتواتر بشكل كبير على تويتر وعلى التعليقات بالفـيسبوك.
والدا الضحية ضياء بركات خلال إضاءة الشموع في حرم جامعة نورث كارولينا عن أرواح الضحايا الثلاث |
منظمة «التحامل على الكراهية»، المدعومة من الشبكة الوطنية للجاليات العربية الأميركية (NNAAC)، وهي مشروع تابع للمركز العربي «أكسس» أصدرت بياناً انتقدت فـيه التغطية الإعلامية الباهتة للجريمة الثلاثية.
«ان المنظمة مستاءة جداً إزاء عدم وجود تغطية إعلامية لهذا الحادث، وخصوصاً بعد وقوع هذا الحادث الذي يصدم جداً ويثير القلق» حسبما ذكر البيان. واضافت «إن هاشتاغ أرواح المسلمين تعنينا» MuslimLivesMatter# قد انتشر كالنار فـي الهشيم لأن الجمهور يعتقد ان الجريمة تم ربطها بدين الضحايا. «دعاة الدفاع عن المسلمين»، وهي منظمة حقوقية مدنية ومقرها كاليفورنيا، دعت الرئيس أوباما والمدعي العام الفـيدرالي لعقد مؤتمر صحفـي لإدانة الجريمة الإرهابية فـي «شابل هيل».
والد الضحيتين من الإناث، الدكتور محمد أبو صالحة، قال لجريدة «نورث كارولينا نيوز اند اوبزورفر» انه يجزم ان إطلاق النار تم على أساس ديني وعرقي. وكان الضحايا الثلاثة قد تعرضوا لمضايقات سابقة ومتعددة من قبل القاتل هيكس فـي الأيام التي سبقت إعدامهم». وأضاف الوالد المفجوع «هذه جريمة كراهية ولم يكن الخلاف حول أماكن لوقوف السيارات. هذا الرجل قد تعدى على ابنتي وزوجها عدة مرات من قبل، وتحدث معهم ومسدسه فـي حزامه. وكانوا غير مرتاحين منه، لكنهما لم يكونا يعرفان انه سيذهب إلى هذا الحد المتطرف».
وقال أبو صالحة ان ابنته المتزوجة، التي عاشت فـي البيت المجاور لهيكس، ارتدت الحجاب الإسلامي، وابلغت عائلتها قبل أسبوع أن لديها «جار حاقد».
علاوة على ذلك، فإنَّ كتابة لهيكس على صفحته على الفـيسبوك مؤخراً تشير الى ان دين وثقافة الضحايا الثلاث راوداه لارتكاب جريمة القتل. وفـي وقت سابق من هذا الشهر، نشر المجرم صورة من جمعية «الملحدين المتحدين الأميركيين» يتساءل عبرها «لماذا يعارض المتشددون المسيحيون والمسلمون المتطرفون تأثير بعضهم البعض عندما يتوافقون حول العديد من القضايا الإيديولوجية»؟ الإلحاد يبدو أنه موضوع مشترك على صفحة فـيسبوك هيكس، لأنها عبارة عن صور مع النصوص الساخرة من الدين. اما البرامج التلفزيونية التي يحبها هيكس فهي «تجربة الملحد»، وهو يصف نفسه بأنه من محبي توماس باين وكتابه «عصر العقل» وريتشارد دوكينز وكتابه «وهم الله».
فـي منطقة مترو ديترويت، عمت الصدمة ومشاعر الحزن أوساط الجالية العربية والإسلامية على خسارة الضحايا الثلاثة. طلاب فـي جامعة ميشيغن-ديربورن أقاموا مسيرة شموع فـي فناء مركز الجامعة مساء الأربعاء، بقيادة حكومة الطلاب و«اتحاد الطلاب العرب» و«رابطة الطلاب المسلمين» و«طلاب من أجل التوعية الإسلامية».
«هؤلاء الطلاب يشبهوننا من خلال الحياة التي مارسوها» قالت رئيسة الحكومة الطلابية سارة الحلو، وأضافت «انها دعوة لليقظة الحقيقية بالنسبة للكثيرين منا، لأنه لا يهم أين نعيش فـي الولايات المتحدة فـيمكن أن نكون ضحايا تماماً مثل ضياءء ويُسر ورزان. وسواء كانت هذه جريمة كراهية أم لا، علينا أن نكون على بينة من ما يدور حولنا. ومهما كان الدافع وراء القتل، لم يستحق هؤلاء الطلاب ذلك المصير المأساوي». وكانت عضو مجلس نواب ولاية ميشيغن السابق رشيدة طليب أيضاً وسط الحضور فـي الوقفة الإحتجاجية وألقت كلمة مؤثرة. طليب نشيطة جداً فـي حراك «التحامل على الكراهية» وانطلاقاً من ذلك حثت الطلاب على الإنضمام الى محاربة الحقد. وقالت «هؤلاء الشبان يشبهوننا. نحن أكثر الناس رأفة، نحن نحب إطعام الناس، نحن نحب ثقافتنا ونحن نجعل الناس يضحكون. الذي حدث كان إرهاباً موصوفاً، ونحن بحاجة إلى أن نكون قادرين على الخروج واستخدام وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي لدينا، هذه هي نتيجة الكراهية والحقد الذي يؤدي إلى العنف. نحن بحاجة إلى ان نكون قادرين على الوقوف معاً وهذه الحركة الموجهة ضد الكراهية هي الطريقة الفضلى للقيام بذلك ».
وقال الشيح محمد المارديني مدير المركز الاسلامي الأميركي فـي ديربورن لـ«صدى الوطن» أن المركز سيعقد وقفة احتجاجية تأبينية للضحايا يوم الأحد ١٥ شباط (فبراير) الجاري بالتعاون مع المؤسسات العربية والإسلامية فـي المنطقة وذلك عند الخامسة مساءً والدعوة ستكون مفتوحة للمجتمع.
وأضاف «اننا كجالية مسلمة علينا الوقوف معاً ونرفض هذه النزعة العدوانية التي تستهدف مجتمعنا فـي بلدنا العظيم الولايات المتحدة. هذه مأساة للجميع فـي أميركا. وهذه الأفعال الجرمية ليست جزءا من قيمنا الأميركية». أيضاً ردَّاً على الإرهاب فـي نورث كارولينا تقام هذه النشاطات الاحتجاجية تكريماً لأرواح الشهداء وتضامناً مع عائلاتهم وللتنديد بالإرهاب:
صلاة الجمعة: ١٢:٣٠ ظهراً فـي المركز الإسلامي على شارع فورد فـي ديربورن بعنوان الوحدة فـي الصلاة والتضامن مع أسر ضحايا الإرهاب فـي ولاية نورث كارولينا.
كما دعا دار الحكمة الإسلامية فـي ديربورن هايتس بالتضامن مع المؤسسات العربية والإسلامية الى فطور فـي الساعة ١١من صباحً يوم الأحد الواقع فـي ١٥ شباط (فبراير) تكريماً لأرواح الشهداء. ودعا «كونغرس المؤسسات العربية الأميركية فـي ميشيغن» الجالية «الى مشاركة فاعلة فـي جميع المناسبات والنشاطات ذات الصلة وذلك لادانة الارهاب والوقوف معاً كجالية واحدة».
Leave a Reply