رون بول: لا للمجلس الاحتياطي الفدرالي.. لا للحروب
.. لا للمساعدات الخارجية.. بما في ذلك إسرائيل
روتشستر هيلز – خاص “صدى الوطن”
على هامش المناظرة الجمهورية بين المرشحين للرئاسة التي استضافتها “جامعة أوكلاند” في مدينة روتشستر هيلز، التقت “صدى الوطن” المرشح الجمهوري للرئاسة النائب رون بول في فندق قريب من موقع المناظرة لتطرح عليه عدة أسئلة حول حيثيات وأسباب ترشحه وأجندته السياسية.
ومعروف عن بول، الذي جلس على كنبة في غرفته المتواضعة في الفندق، دون رجال أمن أو حراسة، مواقفه المناوئة للمجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي)، الذي يعتبره، السبب الأول لتدهور قيمة الدولار وتضعضع الاقتصاد الأميركي، كما يطالب بول الذي يحسب على التيار الاستقلالي داخل الحزب الجمهوري الذي يرفض سيطرة الدولة على مفاصل الحياة الأميركية. واكتسب بول شهرة واسعة لجرأته في مواقفه الصريحة والناقدة لسياسة الاحتياطي الفدرالي والنظام المصرفي، إضافة الى مواقفه المناهضة للحرب وغيرها من المواقف الشجاعة التي خطت مسيرة وهوية هذا الرجل الاستثنائي.
– كيف بدأت تجربتك السياسية والاجتماعية في ميشيغن وحملتك الانتخابية فيها؟
– كانت اول تجاربي في ميشيغن في بداية الستينات، عندما جئت لأكمل دراستي في الطب وأمضيت سنتين فيها. ومنذ ذلك الحين وأنا ازور ميشيغن دائما، كما انني جئت منذ أربع سنوات من أجل الترويج للحملة الانتخابية الرئاسية السابقة وها انا اليوم أعود اليها للغاية نفسها.
– كيف تصور سير الحملة الانتخابية الآن؟
– تختلف الحملة الانتخابية اليوم كثيراً عما كانت عليه منذ أربع سنوات بالرغم من الحماسة العالية التي واكبت تلك المرحلة. وذلك بسبب الركود الاقتصادي. فالوضع الاقتصادي الآن أسوأ من أي وقت مضى، والسياسات الخارجية للولايات المتحدة ايضاً تغيرت، ويعود ذلك الى أن الأميركيين بمعظمهم تعبوا من سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وتعبوا من الحرب في أفغانستان. والحملات المناهضة للحروب على الشرق الأوسط في أوج عملها.
– هل تعتبر انك تُعامل بإنصاف من قبل وسائل الاعلام الأميركية الرئيسية؟
– لا اعتقد ان وسائل الاعلام تنصفني بالرغم من أن المقابلات التلفزيونية عادلة من حيث العدد، الا ان حملتنا الانتخابية لا تذكر في وسائل الاعلام. ففي مناسبة سابقة، أجرينا حملة انتخابية قرب مدينة مينيابوليس وشارك فيها 3000 مواطن، الا ان وسائل الاعلام لم تغط الحدث او تعره أي اهتمام. ولكن هذا لا ينفي ان الحملة الانتخابية تسير على الوقع الصحيح وأننا نتلقى الدعم من الجمهور في حملتنا الانتخابية كذلك عبر الانترنت.
– هل تعتقد أن هذه الحملات الانتخابية هي فرصتك الذهبية اليوم لايصال رسالتك الى الرأي العام التي ربما في السابق لم تكن تصل بصورة مباشرة؟
– تتميز الحملات الانتخابية في نقلها الآراء ووجهات النظر والاستطلاعات الى الرأي العام. فالحملة الانتخابية الأولى، منذ أربعة سنوات، ساعدت على خلق الحماس في المناقشات الانتخابية وكذلك انضمام الكثير من المواطنين الى حملتنا الانتخابية ودعمها من كل جوانبها.
– لقد اطلقت شعار “الامبراطورية الأميركية في الشرق الأوسط” لتصف فيه مواقفك المناهضة من الحرب الأميركية على افغانستان والعراق.. واعتبرت ان أميركا غير قادرة على تحمل أعباء هذه الحروب. هل يؤثر موقفك على شعبيتك وعلى حملتك الانتخابية؟
– الواقع أن الناس تقترب من موقفي وتدعمه، والسبب انهم تعبوا من الهزائم التي اصابت أميركا في هذه الحروب والأعباء المادية التي كلفت الاقتصاد أثماناً عالية والتي يدفع ثمنها المواطن الأميركي والاقتصاد الأميركي يومياً. وحسب قراءتي ودراستي للتاريخ الأميركي، الذي اثبت فشل سياسته الخارجية منذ عام 1960 خلال الحرب الأميركية ضد فيتنام، فقد استنتجت اننا لطالما أخطأنا في سياستنا الخارجية وانخراطنا الدائم في حروب مختلفة في اماكن متعددة من العالم. هذه الحروب أثقلت كاهل المواطن الأميركي بأعباء لا يمكن أن يتحملها بعد اليوم. كما ان الدستور الاميركي كان واضحاً في شرح كيفية التعامل مع السياسات الخارجية ولا يعطينا الحق في شن حروب عشوائية. فواضعو الدستور كانوا أذكياء وحكيمين في مسألة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للأمم الاخرى وعدم التورط في التحالفات المشتركة التي دائماً ما تتورط فيها السياسة الاميركية. وأعتقد ان هذه السياسة فاشلة ويجب ان يوضع لها حد وأن تصل الى نهاية.
– بالنسبة الى ما يحدث في ايران اليوم، حول برنامج السلاح النووي، والتهديد بشن حرب عليها. عبرت في احدى مواقفك أن على الولايات المتحدة أن تجد سبيلاً للصداقة مع ايران. لماذا برأيك هذا الطرح معزول في الوقت الآني ولا يؤخذ بالاعتبار؟
– يجب ان نكون دائماً منفتحين على الحوار مع الآخر ولذلك عندنا الآف الدبلوماسيين، والدبلوماسي عليه ان يكون دبلوماسياً. أذكر جيداً عام 1962 في ذروة أزمة الصواريخ الكوبية، قامت حكومتنا وعلى رأسها الرئيس كيندي بالتحاور مع السوفيت ورئيس الوزراء السوفياتي السابق كروشيشيف، وهم على أبواب حرب نووية، وتوصلوا الى اتفاق يقضي بأن يسحب السوفيت قواعدهم الصاروخية من كوبا وان تسحب الولايات المتحدة قواعد الصواريخ من تركيا وأوروبا الشرقية، الأمر الذي غير مسار الحرب.
على السياسة الاميركية اليوم أن تفتح باب الحوار مع ايران. فبالرغم من التقارير الصادرة حديثاً حول امتلاك ايران أسلحة دمار شامل وتخصيب السلاح النووي، فان هذه الاتهامات تعتبر مجرد ادعاءات ما دام ليس هنالك اثباتات حقيقية. قد ذكر انه وجد أدلة في ملفات على احدى الكومبيوترات، الامر الذي قد يكون صحيحاً الا أنه ليس سبباً كافياً ليدفع بالولايات المتحدة الى شن حرب على ايران. أعتقد ان الناس تبالغ في ردود فعلها حول المعلومات التي نحصل عليها والحرب لن تجلب أي مكاسب لأي طرف. أعتقد ان هكذا حرب سوف تكون نتائجها مدمرة في الشرق الأوسط ومدمرة لأسعار النفط ومدمرة للعديد من حياة الناس وكذلك للأميركيين.
– كنت دائماً منتقداً لسياسة الولايات المتحدة في دعمها المفتوح للجيش الاسرائيلي ولاسرائيل بشكل خاص في منطقة الشرق الاوسط، كيف كان لك ان شكلت هذا الرأي الخاص؟
– لست ضد السياسة الأميركية الداعمة لاسرائيل فقط وانما ضد الدعم المادي والامدادات بالسلاح لأي كان. والمفارقة ان الولايات المتحدة تدعم اسرائيل وتمدها بالسلاح والمساعدات المالية ودول المنطقة المجاورة تحصل على امداداتها الخاصة ايضاً من دول اخرى. المقصود من هذا الموقف ليس توجيه الاصابع ضد اسرائيل بشكل خاص وانما الوقوف ضد الامدادات التي نقدمها لهم. فأنا ضد تجارة السلاح وضد المساعدات الخارجية القائمة على مبدأ الحروب وأعتقد ان سياساتنا الخارجية يجب ان تكون محررة من هذه القيود.
– يبدو أن العرب الأميركيين والعرب المسلمين في أميركا هم “كبش محرقة” خصوصاً لدى الحزب الجمهوري، هل تعتقد ان ذلك غايته كسب ثقة الناس؟
– اعتقد ان ذلك كان من نتائج ضربات الحادي عشر من ايلول(سبتمبر)، فيمكن فهم أسبابها ولكن هذا ليس صائباً.
– حول الكتاب الذي نشرته “انهاء الفدرالية” يعتقد البعض أن مواقفك قد تراجعت واختلفت عن السابق ولا تحمل ذات الطابع الجياش التي كانت عليه، ماذا تقول لهؤلاء؟
– لا أزال اتلقى المجاملات حول ثبات آرائي منذ بداية عملي السياسي أي منذ 30 عاماً. موقفي هو نفسه حول “الفدرالية” منذ عام 1970 وهو ما حفزني للترشح للرئاسة، فآرائي لم تتغير.
– تحرك “احتلوا وول ستريت” يكتسب زخماً مع مرور الوقت ويبث أثاره حول العالم، ما هو موقفك وموقعك في هذا التحرك؟
– الامر يعتمد على التوجه الفردي للمعتصمين لأن المسألة معقدة الى حد ما. البعض يريد معاقبة السوق الحرة والبعض الآخر يريد معاقبة رجال الأعمال والأثرياء الذين يستغلون الدولة ومساعدات البنوك وبرنامج المساعدات في حالات الطوارئ، والناس الذين يعيشون على حساب الدولة. أنا أؤيدهم في الشعارات التي تنتقد “المجلس الاحتياطي الفدرالي” ورجال الاعمال الذين يحصلون على الفوائد من الدولة. ولكنهم عندما ينتقدون السوق الحرة وحدها بسبب ان احداً كان ناجحاً في عمله وقدم الافضل لنا كمواطنين، أعتقد ان هذه مسألة ذات خطورة كبيرة. فعلينا ان نميز بين رجال الاعمال ورجال البنوك المدعومين من الحكومة والذين يحصلون على امتيازات خاصة والتي بالنسبة لي يجب اعادة النظر فيها وتقليص التمويل أو ايقافها.
– ما رأيك بالحركة الصهيونية في الولايات المتحدة الذين يتحكمون بالكونغرس الأميركي ووسائل الاعلام وغيرها من المؤسسات..؟
– لا اعتقد ان أحداً يتحكم بنا، وهذه مسؤوليتنا ومسؤولية الرئيس في تعميق السيادة الوطنية وفهمها.
– يبدو أن آراءك السياسية والوطنية تحمل في طياتها مشروعاً سيادياً مختلف عن سابقيه وتحمل مرحلة انتقالية للسياسة الأميركية في حال تم انتخابك لمنصب رئاسة الولايات المتحدة، برأيك كيف ستتمكن من تنفيذ هذه التغيرات الجذرية كتلك التي تتعلق بتغيير الاحتياط الفدرالي؟
– أكثر الصلاحيات الممنوحة للرئيس تتعلق بالسياسات الخارجية. فبامكانه نقل القوات العسكرية وانهاء الحروب واعادة الجنود الى بلادهم، هذه مسألة بالطبع أسهل بكثير من تغير “الاحتياط الفدرالي” الذي يتطلب التشريع. ان منهجي في السياسة يعتمد على قوننة التنافس في الفدرالية وقوننة الذهب والفضة في المناقصة القانونية. فالمال الذي يدخل السوق المالية التنافسية عليه ان يكون ذات قيمة حقيقية. واذا اراد الناس استخدام الذهب والفضة في السوق المالية فهذه أمر مسموح، الاساس أن يكون كل ما يدخل السوق المالية ذا قيمة حقيقية.
– بالحديث عن وكالة أمن النقل، “التخلي عن الحرية في مقابل الأمن”، قضية لطالما طرحتها، ما هو رأيك بها اليوم؟
– لقد صوتت ضد هذا القانون ويجب ان يلغى، فمن الخاطئ تفتيش الناس في المطارات دون مذكرة، ولم يعد هنالك اي حماية للمواطن تحت البند الرابع من الدستور الأميركي. لم يعد أحد يتمتع بالخصوصية، الا ان حكومتنا عندها الخصوصية الكاملة والمسألة يجب ان تكون بالعكس. والقضية سوف تصبح اسوأ اذا لم يطرأ التغيير في الرئاسة والكونغرس الاميركي…
ولد رونالد بول في 20 آب (أغسطس) 1935 وهو الطبيب الاميركي وعضو الكونغرس الاميركي الذي يسعى ليكون مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات 2012 الرئاسية. يمثل بول ولاية تكساس في مجلس النواب الأميركي عن دائرة الجنوب والجنوب الغربي من مدينة هيوستن والتي تضم أيضاً غالفستون. ويعمل بول في لجان مجلس النواب للشؤون الخارجية والخدمات المالية وفي اللجنة الاقتصادية المشتركة. وهو أيضاً رئيس اللجنة الفرعية للخدمات المالية والسياسة النقدية المحلية والتكنولوجيا.
Leave a Reply