ديربورن – علي حرب
قال عدد من الناخبين استطلعت آراءهم «صدى الوطن» فـي المراكز الانتخابية الواقعة فـي مناطق متفرقة من مدينة ديربورن خلال الانتخابات النصفـية التي جرت يوم الثلاثاء ٤ نوفمبر المشهود، إنَّ قضية التعليم هي العامل رقم واحد الذي أتى بهم إلى أقلام الاقتراع، لكن الإقبال لم يكن بالمستوى المطلوب.
وفـيما بدا وكأن الطقس الطبيعي انعكس على الطقس الإنتخابي الشحيح حيث أنَّ السماء أمطرت معظم الصباح وفـي فترة بعد الظهر يوم الثلاثاء، فأُلقي باللوم فـي عدم المشاركة الكثيفة فـي الاقتراع على رداءة الطقس، لكن هذا العامل الطبيعي لم يمنع الناس من الخروج بقوة للمشاركة فـي مراسم عاشوراء والمسيرة الحسينية الحاشدة فـي المساجد وهذا واجب ديني كان يجب أنْ يُستكمل بواجب إجتماعي ومصيري فـي صناديق الإقتراع.
وشملت الانتخابات سباقات للحاكمية فـي ميشيغن، ومجلسي الشيوخ والنواب الأميركين، ومجلسي النواب والشيوخ فـي الولاية، ومنصب «سكرتارية الولاية ومنصب المدعي العام للولاية (وزير العدل)، إضافة الى مناصب محافظي المقاطعات. ولكن أهم من كل هذه السباقات كان السباق لعضوية مجلس ديربورن التربوي، حسب الناخب جوزيف صلماصي الذي تحدث إلى «صدى الوطن» بعد الإدلاء بصوته فـي مركز اقتراع مدرسة «سانت الفونساس» فـي الجزء الشرقي من المدينة. وأضاف صلماصي «نريد تطوير وتحسين مدارسنا. هذه هي الاولوية».
وأردف أنه صوَّت لمارك شاور لمنصب حاكم الولاية لأن الحاكم الحالي ريك سنايدر «فرض ضرائب على المعاشات التقاعدية»، رغم أنه أشاد بالحاكم بسبب تعديله لميزانية الولاية.
وعبَّرت سناء عباس، التي صوَّتت فـي مركز إقتراع يقع ضمن مدرسة «ودورث المتوسطة» عن الشعور نفسه بأن التعليم هو أول إهتمام لها كناخبة. وقالت «أنا صوت للديمقراطيين. نحن نريد اخراج الجمهوريين من الحكم. لقد اقتطعوا من مساعدات التعليم وانتخاب أعضاء مجلس إدارة التربية هو بنفس القدر من الأهمية» معلنةً عن دعمها لترشيح غنوة كركبا لعضوية المجلس.
ناخبون يدلون بأصواتهم داخل أحد أقلام الإقتراع في ديربورن عدسة: بيل شابمن |
فـي مدرسة «ودورث» يوجد قلما اقتراع، وكان أكثر من ١٢٠ شخصاً قد صوتوا بحلول الساعة ١١ صباحاً، وهي حصيلة وصفها عامل فـي مركز الاقتراع بأنها «أكثر من المعتادة». وفـي نهاية اليوم الإنتخابي كان قد أدلى ٧٠٤ ناخب بأصواتهم فـي المدرسة، أي ما نسبته ٢٧.٨ فـي المئة فقط من الناخبين المسجلين فـي ذلك المركز.
وقالت زينب رمضان، وهي متطوعة فـي حملة المرشحة لعضوية مجلس ديربورن التربوي المحامية مريم بزي إنه فـي الصباح تفتقر الانتخابات عادةً الى الإثارة.
وتجمع المتطوعون أمام مراكز الاقتراع من أجل الالتفاف حول المارة وتسليمهم القوائم الانتخابية ومنشورات الحملات الانتخابية التي يتطوعون للترويج لها. وكان معظم متطوعي الحملات الانتخابية فـي شرق ديربورن المتواجدين فـي أقلام الاقتراع يتبعون المرشحين لعضوية مجلس ديربورن التربوي واللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي «أيباك» وذلك فـي ثمانية مراكز اقتراع زارتها «صدى الوطن». ولم يتواجد امام هذه المراكز متطوعون للمرشحين على مستوى الولاية او لمنصب الحاكم.
ولاحظت «صدى الوطن» أنَّ معظم الناخبين كانوا من كبار السن أو متوسطي العمر، وهي علامة مقلقة حول قلة إهتمام الشباب فـي العملية السياسية والمشاركة فـي الإنتخابات تصويتاً، رغم تطوع عدد لا بأس به منهم فـي حملات المرشحين المحليين ولا سيما العرب منهم.
فـي مدرسة «سالاينا» الابتدائية فـي الجزء الجنوبي من مدينة ديربورن «ساوثيند»، حيث يغلب عليها الطابع العربي الأميركي المُميَّز، كانت نسبة الإقبال على التصويت ٢٢ فـي المئة.
وقال الناشط علي بلعيد المكلاني، المدير التنفـيذي للجمعية الخيرية اليمنية الأميركية «يابا» إنَّ الإقبال على الإقتراع لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يلبِّ الحاجة الماسة للمشاركة فـي العملية الإنتخابية. لكنه أقر بأن الاهتمام بالسياسة المحلية يتزايد وأشاد بجهود منظمات المجتمع المدني «فـي استخدام وسائل التواصل الإجتماعي لتذكير الناس بالتصويت»، وأردف «الأميركيون اليمنيون هم ديمقراطيون عضوياً لأن الحزب الديمقراطي يقف مع الطبقة العاملة ويدعم جعل التعليم فـي متناول الجميع وينشد إصلاح وتطوير قانون الهجرة». وأدلى المكلاني بدلوه فـي سباق مجلس ديربورن التربوي، معرباً عن دعمه للمرشحين العرب وأكد قائلاً «نحن نريد «إنتخاب» الناس المؤهَّلين لعضوية مجلس التربية بغض النظر عن انتمائهم العرقي، ولكن إذا استطعنا الحصول على الناس المؤهلين من الذين يمثلوننا، فسيكون هذا أمرٌ رائع». وأعرب الشيخ جمال مجالي، الذي اقترع فـي «سالاينا» وهو متقاعد من شركة «فورد»، عن فخره واعتزازه بعملية التصويت. وقال «لدينا فرصة أن نكون صناع القرار فـي هذه الأمة الديمقراطية العظيمة. ولا ينبغي لنا أن نتخلى عن هذا الحق. تصويتنا يؤكد على وجودنا ويدفع السياسيين الى الاهتمام بنا وبقضايانا».
عضو مجلس نواب ميشيغن رشيدة طليب، التي كانت مندوبة مراقبة عن الحزب الديمقراطي فـي قلم اقتراع «سالاينا»، وصفتْ الإقبال بأنه «معتدل» وأشارت إلى أنَّ «ليس هناك الكثير من الحماس، ولكن رأيت الإلتزام، وخاصة من الناس الذين أحضروا أفراد عائلاتهم للتصويت. يجب تشجيع الناس على ممارسة حقهم وواجبهم فـي التصويت، ليس بالضرورة لأي شخص كيفما كان على لائحة الإقتراع».
المحامي علي حمود، رئيس «أيباك» شكا من سوء الأحوال الجوية، مضيفاً أنها يمكن أن تكون قد أثرت على نسبة المشاركة التي وصفها بأنها كانت «خجولة». وأكد حمود تواجد متطوِّعين من «ايباك» فـي جميع أنحاء المدينة، وأن الناخبين كانوا أكثر تحمُّساً لسباق عضوية مجلس ديربورن التربوي ومنصب قاض فـي محكمة ديربورن.
وكانت «أيباك» قد دعمت المحامية مريم بزي وغنوة كركبا والدكتور مايكل ميد لعضوية مجلس ديربورن التربوي، ولكن بعض الناخبين العرب فـي شرق ديربورن فضلوا الإقتراع لصالح المرشحة العربية الأميركية الأخرى نوفـيلا حيدر بدلاً من ميد الذي حصل على أصوات عالية نسبياً مقارنة بالمرشحين الآخرين. فعلى سبيل المثال حصلت نوفيلا حيدر فـي قلم اقتراع مدرسة «بيكر الابتدائية» على ١٧٤ صوتاً مقابل ٨٩ صوتاً لميد.
وقال حمود لـ«صدى الوطن» فـي هذا الصدد إنَّ اللجنة تؤيد المرشحين الذين تعتبرهم الأكثر تأهيلاً، «ولكن فـي نهاية المطاف الناس أحرار فـي خياراتهم، والتصويت هو اختيار شخصي نقدره، وندعو للمشاركة فـي الإقتراع بغض النظر عن توجهات وخيارات الناخبين. المشاركة هي الأهم وتأتي فـي الدرجة الأولى، ولكننا نأمل من الناخبين العرب وغيرهم اختيار المرشحين المدعومين من «ايباك» لأننا نختارهم بدقة وبعد دراسة متأنية وهدفنا دائماً خدمة الجالية بأثرها».
عضو المجلس البلدي مايك سرعيني الذي تطوع لدعم المحامية مريم بزي فـي قلم الإقتراع الواقع فـي ثانوية «ديربورن هاي» الرسمية، أكد ان نسبة الاقبال فـي المركز الانتخابي الذي يقع فـي غرب ديربورن كان مستديماً وثابتاً، واستطرد أنَّ «الناس كانوا أكثر إهتماما بالسباقات المحلية مثل العضوية لمجلس ديربورن التربوي ومنصب قاض فـي المحكمة التاسعة عشر فـي ديربورن، من سباقات الحاكم ومجلس الشيوخ فـي الولايات المتحدة». وأضاف «أن مشاركة اعضاءالجالية العربية الأميركية تتقدم تدريجياً والمزيد من الناس يخرجون للتصويت. ونحن لدينا الكثير من المنظمات والمزيد من الموارد لزيادة الإقبال فـي كل عام. وشخصياً أشعر بأنه لا يمكنني أن أكون أكثر سعادة بذلك».
وختم سرعيني بالقول إنَّ الجالية قد قطعت شوطاً بعيداً منذ تلك الفترة التي ترشحت فـيها والدته، سوزان سرعيني التي تقاعدت مؤخراً من نيابة رئاسة المجلس البلدي، لأول مرة لمنصب لعضوية المجلس البلدي فـي عام ١٩٨٥.
وذكر رامي، وهو شاب يعمل فـي مهنة الطب، بعد أنْ أدلى بصوته فـي ثانوية «ديربورن هاي» أنه اختار مارك شاور لمنصب الحاكم بسبب دعم المرشح الديمقراطي للتعليم.
وبالفعل طغى شاور على جميع المراكز الإنتخابية فـي شرق ديربورن ذات الأغلبية العربية الأميركية، ولكن الغالبية فـي الجانب الغربي فضَّلَتْ سنايدر. وبالإجمال حصد شاور نسبة ٥٢،٤٤ بالمئة من أصوات ديربورن مقابل ٤٥،٢٨ فـي المئة للحاكم الجمهوري ريك سنايدر.
وكنسخة عن إلاتجاه فـي الانتخابات الماضية، كان الإقبال على الاقتراع فـي الجانب الغربي من ديربورن أعلى منه فـي الجانب الشرقي للمدينة. ففـي معظم المراكز الإنتخابية غرب ديربورن تجاوزت نسبة الناخبين ٥٠ فـي المئة، بينما فـي شرق ديربورن تراوح الإقبال ما بين ٢٢ و ٢٩ فـي المئة، بالرغم من الدعوات والمناشدات المتكرِّرة من منظمات المجتمع المدني وقادة الجالية وإعلامييها وجهود «ايباك» والمنشورات التي اصدرتها وارسلتها لمنازل الناخبين العرب داعية للتصويت بكثافة.
Leave a Reply