ديربورن – «صدى الوطن»
أحيت «صدى الوطن» الذكرى السنوية الـ35 لتأسيسها في حفل حاشد أقيم مساء الجمعة 22 آذار (مارس) في «نادي بنت جبيل» بمدينة ديربورن، بحضور زهاء 700 شخص، تقدمهم مسؤولون منتخبون ورسميون وممثلو فعاليات اجتماعية واقتصادية وإعلامية بارزة، إضافة إلى ممثلي جمعيات ومؤسسات عربية أميركية.
وفي مستهل الحفل الذي افتتح بالنشيد الوطني الأميركي، أشاد عريف الاحتفال، النائب العربي في مجلس ميشيغن التشريعي، عبد الله حمود بدور «الصحيفة العربية الأوسع انتشاراً والأعمق تأثيراً في المشهد السياسي والإعلامي بالولايات المتحدة».
كما أشاد بإنجازاتها المتعددة على مرّ العقود، والتي تمثلت في تعزيز المكانة السياسية للعرب الأميركيين، والدفاع عن هويتهم الثقافية والحضارية، في أكثر الأوقات حساسية وإحراجاً. وقال ممازحاً: «لقد تأسست هذه الصحيفة، حتى قبل أن أولد»، لافتاً إلى دعمها للكثير من المرشحين العرب الأميركيين لمختلف المسؤوليات في المدينة وفي المقاطعة، وعلى مستوى الولاية في الآونة الأخيرة.
ثم توالى على المنبر عدد من السياسيين البارزين، حيث وصفت مدعي عام ولاية ميشيغن دانا نسل في كلمتها، «صدى الوطن» بأنها كانت ولاتزال «منبراً عظيماً للأخبار والقصص». وقالت: «أعتقد أنه من الصحيح القول إن الديمقراطية تموت في الظلام». مؤكدة أن الصحيفة «استمرت لـ35 عاماً في إلقاء الضوء على ما يحدث في المجتمع العربي الأميركي، وعلى ما يدور في ولايتنا وأمتنا».
وأشارت إلى أهمية دعم الصحيفة لحملتها الانتخابية في سباق منصب الادعاء العام في الولاية، معربة عن امتنانها الكبير لـ«صدى الوطن»، ولناشرها الزميل أسامة السبلاني. وقالت: «سأسعى كمدع عام إلى تعزيز المجتمعات في الولاية، وفي مقدمتها المجتمع العربي الأميركي، تلك المجتمعات التي كانت محرومة لوقت طويل من التمثيل العادل». وأضافت: «أريد أن أؤكد لكم، بأن ذلك الوضع قد تغير».
وتميز الحضور بطيف واسع من قادة المؤسسات المحلية ورجال الأعمال والمهنيين والحقوقيين ورجال الدين إضافة إلى عشرات المسؤولين المحليين والفدراليين.
النائبة الديمقراطية عن ولاية ميشيغن في الكونغرس الأميركي، ديبي دينغل، اعتبرت الاحتفال «مناسبة للاحتفاء بحرية الصحافة وحرية التعبير اللتين تشكلان أهم دعامتين من دعائم دستورنا الأميركي»، بحسب تعبيرها.
ووصفت «صدى الوطن» بالصحيفة الموضوعية التي تقدم التقارير والأخبار المتوزانة، مقدمة للناشر قراراً من مجلس النواب الأميركي يقضي بإدخال الذكرى الـ٣٥ لتأسيس «صدى الوطن» في سجلات مجلس النواب. وشددت على أن «ما تقوم به الصحيفة اليوم بات أكثر أهمية من أي وقت مضى.. لأنها تعكس المعنى الصحيح للصحافة».
من جانبه، أعرب المرشح السابق لحاكمية ميشيغن عبدول السيد عن سعادته بالاحتفال مع الصحيفة التي دعمت ترشحه في السباق التمهيدي للحاكمية، مضيفاً «أريد تقديم شكر خاص لـ«صدى الوطن» وفريقها التحريري، لاستمرارها في نشر قصصنا، بلا خوف أو توجس».
وتعليقاً على مجزرة نيوزيلندا التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى والجرحى المسلمين، قال السيد: «في تلك المجرزة، قتل أشخاص أبرياء، من الشيوخ والنساء والأطفال. القاتل كان إرهابياً، وعلينا أن ندمغه بتلك الصفة.. لقد تصرف من منطلق أن بعض الناس أفضل من غيرهم».
وأشاد بموقف الحكومة النيوزيلندية في التعاطي مع آثار المجزرة، مهيباً بالمسؤولين الأميركيين أن يحذوا حذو المسؤولين النيوزيلنديين في الحوداث التراجيدية التي تستهدف دور العبادة والأفراد بسبب الانتماء الإثني أو الديني.
وتساءل قائلاً: «في مثل هذه الحالات، يواجهنا سؤال بسيط، هل علينا الاستسلام والتراجع أم علينا الاستمرار في التقدم؟»، مستخلصاً أنه لا بديل عن الاستمرار في معركة الحقوق المدنية والدستورية. وقال «الجواب واضح ويكمن في أنه ينبغي علينا الاستمرار في إسماع أصواتنا وسرد قصصنا، وهذا ما تفعله صدى الوطن».
بدوره، عزا عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية ميشيغن غاري بيترز علاقته الوطيدة مع «صدى الوطن» إلى كونها «أكثر من مجرد صحيفة تنشر الأخبار» مثنياً على انخراطها «الاجتماعي والسياسي ومساندتها للمجتمعات العربية والإسلامية المهمشة».
ووصف السناتور الديمقراطي مجزرة المسلمين في نيوزيلندا بـ«العمل الإرهابي» و«انتهاك حرية الاعتقاد ذات الجذور العميقة في أميركا».
وأضاف: «في بلادنا، هنالك أشخاص يعملون على تعميق الكراهية ونشر الانقسام، وعلينا أن نقف ضد هؤلاء.. علينا إدانة أعمالهم والوقوف في وجهها في كل فرصة سانحة»، داعياً إلى شجب الأفكار المروجة لنظرية تفوق العرق الأبيض.
وتابع: «عندما نتملى ما يحدث هنا في الولايات المتحدة، ونرى –بكل أسف– الاعتداءات المتكررة على دور العبادة، فإننا ندرك المستوى المتزايد للعنف»، مشيراً إلى أن إحصائيات «رابطة مكافحة التشهير» اليهودية في 2018، وجدت أن 78 بالمئة من تلك الاعتداءات «ارتكبها متعصبون بيض يتبنون إيديولوجيا الكراهية والتقسيم». وشدد: «علينا ألا نتسامح مع هؤلاء، نريد حكومة تقف بوجه هؤلاء المتعصبين. إن أفعالهم شر مطلق ويجب ألا يتم التسامح معها».
وقال: «كسناتور سأدعو إلى عقد جلسات استماع، لكي نعرف لماذا لا يحقق «مكتب مكافحة الإرهاب» بوزارة الأمن الداخلي في تلك الاعتداءات، ولمَ لا يُسائلون أصحابها، ولا يجلبونهم إلى العدالة، قبل وقوع تلك المآسي الدامية؟». ولفت إلى أنه سيعمل من أجل تأسيس «صندوق تمويل» لتوفير الموارد الكافية لحماية دور العبادة في الولايات المتحدة.
وفي قضية أخرى، انتقد بيترز، الساعي لإعادة انتخابه لولاية جديدة من ست سنوات، «لوائح مراقبة الإرهاب» التي تدرج على قوائمها أفراداً «لا يعرفون سبب وجودهم فيها، ولا يعرفون الإجراءات المطلوبة لحذف أسمائهم منها». وقال: «هذا غير مقبول! في أميركا.. للأفراد الحق في معرفة الإجراءات الواجب عليهم اتباعها للخروج من تلك القوائم».
وأشار إلى أنه عقد اجتماعات عديدة بهذا الخصوص مع بعض الفعاليات المجتمعية، لافتاً إلى أن أحد الأشخاص أخبره بأن طفله البالغ 9 سنوات من العمر كان مدرجاً على تلك اللائحة. وعلّق بالقول: «أيتها السيدات والسادة: هذا جنون».
وخاطب بيترز، الحضور قائلاً: «إنني أتطلع للعمل معكم من أجل حل هذه المعضلة، لكنني أريد سماع قصصكم، ولذلك أدعوكم إلى عدم التردد بالتواصل المباشر مع مكتبي، لكي أتمكن من نقل هواجسكم إلى وزارة الأمن الداخلي».
وفي نهاية كلمته، هنأ بيترز، الزميل السبلاني، مقدماً له قراراً من مجلس الشيوخ الأميركي يقضي بإدخال الذكرى الـ٣٥ لتأسيس «صدى الوطن» في سجلات مجلس الشيوخ.
وقالت مدعي عام مقاطعة وين كيم وورذي: «ما أحبه في هذه الصحيفة، هو أن ناشرها وفريقها التحريري لا يخشون من إخبار الحقائق للمسوؤلين مهما ارتفع مستوى سلطاتهم». أضافت: «سوف يخبرون الحقيقة مهما كانت مرة وغير محبذة، والكثير من الوسائل الإعلامية لا تفعل ذلك».
وفي كلمتها، أشادت سكرتيرة ولاية ميشيغن، جوسلين بنسون بجهود الصحيفة في ربط المجتمع مع المسؤولين الحكوميين، مستشهدة بتجربتها الشخصية في هذا المضمار. وقالت: «خلال حملتي الانتخابية اطلعت من خلال الصحيفة وناشرها أسامة السبلاني على هواجس المجتمع العربي الأميركي حول الخدمات التي يقدمها فرع السكرتاريا في ديربورن». وأضافت: «عقب توليًّ المسؤولية كان فرع السكرتاريا في ديربورن أول مكتب أزروه بين الـ75 مكتباً التي قمت بزيارتها، للاطلاع على سير الأعمال فيها، والعمل على حل مشاكلها والعقبات التي تواجهها».
وتابعت: «كان مكتب ديربورن أكثر ما أثّر فيّ، حيث شاهدت طابوراً من المراجعين يضم حوالي 90 شخصاً، وكان الكثيرون منهم بحاجة ماسة لخدمات الترجمة، ولم يكن بين الموظفين من يتحدث العربية، لذلك قمت بالاتصال مباشرة بأسامة، وأطلعته على قراري بتوظيف عرب أميركيين على الفور».
وأشارت إلى أنها قامت في أقل من أسبوع بتوظيف عربييَن أميركيين لمساعدة المراجعين الذين لا يتقنون الإنكليزية، كما كشفت عن قرارها بتوظيف المزيد من العرب الأميركيين في المستقبل القريب.
وشكرت بنسون «صدى الوطن» على دعم حملتها الانتخابية، وتثقيف الناس حول مجمل القضايا المجتمعية.
شكر وتكريم
المحامي عبد حمود، أحد مؤسسي «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك)، ثمّن المهمة النبيلة التي أخذها السبلاني على عاتقه خلال مسيرته المهنية في «مساعدة الجميع، بلا تمييز»، وقال: «كثيرون من أمثال أسامة، إذا وصلوا للشهرة التي حققها فإنهم يخسرون توازنهم، ولكنه مختلف عن الآخرين… إن أبوابه مفتوحة دائماً للجميع، ومن يطلب المساعدة منه، فسوف يحصل عليها بكل تأكيد».
وأضاف في معرض تقديمه للزميل السبلاني: «أسامة لم يخذل أحداً طوال حياته، وعلى الرغم من صوته المرتفع إلا أنه من ألطف الأشخاص الذين عرفتهم في حياتي».
وفي كلمة مقتضبة شكر فيها كل من ساهم في مسيرة «صدى الوطن»، لم يكد السبلاني ينتهي من الترحيب بالضيوف حتى قاطعه الإعلامي في قناة «فوكس نيوز» هيول بيركنز، الذي صعد إلى المنصة مقدماً تهانيه لـ«صدى الوطن» قبل أن يتوجه مسرعاً إلى استديوهات القناة لتغطية صدور نتائج تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية.
وقال بيركنز «لا يمكنني إلا أن أكون هنا في هذه المناسبة»، مثنياً على مشاركات السبلاني الغنية في برنامجه Let it Rip، وتابع: «كلما اتصلت به للمشاركة، كان حاضراً، وكان دائماً يضيف المعلومات القيمة حول الشرق الأوسط وحول العالم». أضاف: «أتشرف بوجودي هنا، لقد جئت لأهنئ شخصاً رائعاً، لي كامل الشرف بأن أدعوه: صديقي».
بدوره، أكد السبلاني على أن الصحيفة سوف تتابع المهمة التي اتخذتها على عاتقها منذ تأسيسها في 1984 بالرغم من جميع التحديات، مشيداً بدعم الجالية الدائم لـ«صدى الوطن»، قائلاً «كلما طلبت منكم الدعم لبّيتم النداء.. لا يسعني إلا أن أشكركم من أعماق قلبي».
وفي سياق ما يتعرضن له العرب الأميركيون من تمييز ومضايقات، أكد: «يطلقون علينا الرصاص، ويعتقلوننا في المطارات وعند المنافذ الحدودية. إنهم يتوقعون منا أن نحزم حقائبنا ونرحل، ولكننا بدلاً من ذلك نقوم بإرسال الأشخاص إلى العاصمة واشنطن من أمثال إلهان عمر ورشيدة طليب، وإرسال آخرين إلى لا نسنغ مثل عبد الله حمود ودانا نسل وفدوى حمود».
أضاف: «لن نرحل إلى أي مكان. نحن باقون هنا. وكلما ضغطتم علينا أكثر، سنعمل بجد أكبر.. ويوماً ما سنكون في البيت الأبيض».
وركز على أن جهود العرب الأميركيين مستمرة لتحقيق مزيد من الإنجازات «إلى أن نصل يوماً ما إلى البيت الأبيض»، حسب تعبيره، مؤكداً على أهمية الانتخاب والانخراط السياسي لأبناء الجالية، سواء بالانضمام إلى الحزب الديمقراطي «لجعله أكثر استقامة» أو إلى الحزب الجمهوري «لمنع انجرافه إلى التطرف اليميني».
وأشار السبلاني إلى أن الإنجازات التي حققها العرب الأميركيون في الانتخابات النصفية الأخيرة، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وكذلك إلى التعيينات التي طالت عدداً من العرب الأميركيين لتولي مناصب حكومية مرموقة في ولاية ميشيغن، لافتاً إلى أن «صدى الوطن» استحدثت جائزة سنوية خاصة باسم «شخصية العام» لمنحها للأشخاص المبرزين في مختلف الميادين، معلناً عن أن النائبة رشيدة طليب فازت بجائزة العام 2019 من دون منازع نظراً لإنجازها الانتخابي ومسيرتها الحافلة، التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، ممهدة الطريق أمام الأجيال العربية والمسلمة للتطلع نحو أرقى المناصب في الولايات المتحدة.
كذلك تخلل برنامج الحفل عرض فيديو عن تاريخ «صدى الوطن» وأهم المفاصل التي مرت بها منذ الثمانينيات. إضافة إلى فيديو آخر للتعريف بأسرة التحرير والعاملين في الصحيفة.
وشهد الحفل أيضاً تكريم كل من محامية الاستئناف العام في ميشيغن فدوى حمود، والقاضية في محكمة مقاطعة وين مريم بزي، وعضو مجلس مفوضي مقاطعة وين سام بيضون، إضافة إلى جائزة تكريمية لعائلة مؤسس أفران «الياسمين» و«الشمس» المرحوم محمد سبليني. كما قدم الإعلامي جو غريم شهادة تكريمية للناشط والكاتب الكلداني أيوب بقّال، إضافة إلى تكريم قناتي «الجديد» اللبنانية و«التلفزيون العربي» اللندني (مزيد من التفاصيل ص 4 و6).
Leave a Reply