هامترامك
دخلت هامترامك، التاريخ عام 2015 كأول مدينة أميركية يشكّل المسلمون غالبية أعضاء مجلسها البلدي. وهو أمر من المتوقع أن يستمر بعد انتخابات الثلاثاء 2 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، نظراً لتنافس أربعة مسلمين من أصل ستة مرشحين، على ثلاثة مقاعد مفتوحة في المجلس المكون من ستة مقاعد، والذي يضم حالياً خمسة أعضاء مسلمين.
وتضم قائمة المرشحين يمنيين وبنغاليين، هم على التوالي: خليل الرفاعي وآدم البرمكي، وموحث محمود وآبو موسى، إضافة إلى المرشحتين أماندا جاكاوسكي ولين بلايسي.
ويتنافس المرشحون الستة على ثلاثة مقاعد مفتوحة لولاية كاملة مدتها أربع سنوات.
وعشية الانتخابات العامة في هامترامك، التي تعتبر من أكثر مدن ميشيغن تنوعاً سكانياً وثقافياً، بادرت «صدى الوطن» إلى استطلاع برامج المرشحين وخططهم لمعالجة التحديات المستعصية، وفي مقدمتها معضلة الفيضانات المتكررة، وأعباء المعاشات التقاعدية لدائرتي الإطفاء والشرطة، لاسيما بعد رفض الناخبين لمقترح انتخابي بزيادة الضريبة العقارية لتمويل الصناديق التقاعدية، خلال انتخابات آب (أغسطس) الماضي.
ويبلغ المعدل الحالي لضريبة الملكية العقارية المخصصة لتمويل الصندوق التقاعدي 0.5 مِل، ما يؤّمن 103 آلاف دولار فقط من المستحقات السنوية للصناديق التقاعدية، والبالغة 2.2 مليون دولار، ما يضطر البلدية إلى دفعها من الميزانية العامة على حساب تمويل الخدمات العامة المتردية في المدينة التي تعتبر الأكثر اكتظاظاً في ولاية ميشيغن وتضم حوالي 28 ألف نسمة، بحسب نتائج الإحصاء السكاني لعام 2020.
في الأثناء، يؤكد بعض المسؤولين أن بلدية هامترامك بحاجة إلى حلول طويلة الأمد لمعالجة هذه المشكلة المستعصية.
العجز المالي
وعلى خلفية إفشال الناخبين لمقترح تمويل الصناديق التقاعدية بزيادة ضريبة الملكية العقارية، أكد المرشح خليل الرفاعي بأن سكان هامترامك لا يريدون تحمل المزيد من الأعباء الضريبية، لافتاً إلى أن معظمهم يكدحون طوال حياتهم لتحسين مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم، ومن غير الإنصاف تحميلهم مسؤولية تحسين مستقبل المدينة أيضاً.
الرفاعي، الذي حل بالمرتبة الأولى، في الجولة التمهيدية بشهر أغسطس الماضي، أوضح بأن رؤيته لحل هذه الأزمة المستعصية تتمثل في العمل مع المسؤولين في حكومة ميشيغن لتحصيل منح مالية تساعد على تعزيز ميزانية هامترامك، منوّهاً بأنه يمكن تعزيز الإيرادات أيضاً عبر تطبيق القوانين والمراسيم البلدية بصرامة وتغريم المخالفين.
وقال المرشح اليمني الأصل، الذي يعمل شرطياً متطوعاً لدى شرطة هامترامك: «يمكننا كسب الكثير من الأموال عبر تطبيق القوانين» مؤكداً أن التهاون في هذا الإطار يجعل الناس غير مبالين بالقواعد التنظيمية كما يحرم البلدية من إيرادات ضرورية». وأضاف «في نهاية المطاف، يجب على الناس اتباع القوانين».
الرفاعي، الذي يترأس «اللجنة اليمنية الأميركية للعمل السياسي» (وايباك)، انتقد لجوء البلدية إلى تشغيل المزيد من الموظفين في الوقت الذي تعجز فيه عن الإيفاء بالرواتب التقاعدية آنفة الذكر. وقال المرشح الحائز على شهادة البكالوريوس في هندسة الحواسيب: «في الواقع، لا توجد حاجة حقيقية لهؤلاء الموظفين، وإذا كنا قادرين على إلغاء الوظائف التي لا داعي لها، فلم لا نقوم بذلك؟»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى التوقف عن إضافة وظائف في الأقسام التي لا توفر إيرادات كافية لدفع الرواتب».
من ناحيتها، أكدت المرشحة أماندا جاكاوسكي، التي حلت ثانية في سباق أغسطس الماضي، أن تأمين المنح وتقليل الهدر وإعادة تقييم البرامج الحالية في بلدية هامترامك هي «البدائل الحقيقية لرفع الضرائب، من أجل تمويل صندوق المعاشات التقاعدية».
جاكاوسكي، الحائزة على شهادة الماجستير في الإدارة العامة من «جامعة وين ستايت» بديترويت، أوضحت أن هدفها هو الاستماع إلى المواطنين، وبذل قصارى جهودها لتحسين الخدمات التي يراها السكان «ضرورية»، مع تعهدها بالتزام البلدية مواصلة تقديم الخدمات الأساسية.
أما المرشح آدم البرمكي، فقد وصف اقتراح إغلاق دائرة الإطفاء –الذي تداوله بعض المسؤولين والمرشحين– بأنه «غير مجدٍ»، فضلاً عن أنه «يعرّض سلامة السكان للخطر»، وقال طالب الهندسة في «جامعة وين ستايت» بديترويت: «لا أعتقد بأن هذا الحل واقعي»، واعداً بالعمل مع مشرّعي الولاية لتحديد «أفضل مسار لمعالجة هذه المعضلة».
البرمكي، اليمني الأصل، أعرب عن إيمانه بأن «الحل الوحيد هو الالتزام بدفع المعاشات التقاعدية»، وتابع: «رغم ذلك، أعتقد بأن العمل مع إدارة البلدية ومع المجلس البلدي سيساعد في توليد أفكار أحدث، وربما أفضل»، مضيفاً: «في حال عدم وجود بدائل، فإنني أؤيد دفع المستحقات التي وعد بها المسؤولون السابقون».
المرشحة لين بلايسي، أكدت على أن مشكلة الرواتب التقاعدية هي «تحدِ معقد يحتاج إلى حل متعدد الأوجه»، لافتة إلى أن السكان أسقطوا مقترحين سابقين لتمويل الصناديق التقاعدية من خلال رفع الضريبة العقارية.
بلايسي، التي درست اللغة العربية وتاريخ الشرق الأوسط في «الجامعة الأميركية بالقاهرة»، أشادت بلجوء البلدية إلى بيع الأراضي الشاغرة من أجل تأمين الأموال المطلوبة، وقالت: «لقد وافق المجلس على أول صفقة لبيع الأراضي، وآمل أن يوافق على بيع المزيد منها في القريب العاجل»، مضيفة: «أنا أعمل للتعرف بشكل أفضل على التفاصيل الدقيقة للميزانية الحالية لتحديد مصادر الإيرادات وتعزيزها».
ونوهت بلايسي، التي عملت متطوعة لمدة عامين لدى المتحف العربي الأميركي بديربورن، إلى أن «لديها من الأسئلة أكثر مما لديها من الأجوبة»، وأنها «تعمل بنشاط من أجل التوصل إلى حلول مستنيرة لهذه المشكلة العويصة».
وعلى نفس المنوال، وصف المرشح البنغالي الأصل، موحث محمود، مشكلة الرواتب التقاعدية بأنها «المعضلة المالية الأكبر»، وقال: «حل هذه المشكلة لا يقع على عاتقي وحدي، وإنما هو مسؤولية جميع أعضاء المجلس الذي يتوجب عليهم الجلوس معاً لتبادل الأفكار واستنباط الحلول»، مضيفاً: «يمكننا أيضاً التحدث إلى السكان، فالأشخاص الذين يديرون المدينة ليس بحوزتهم –دائماً– أفضل الحلول، فأحياناً قد يكون لدى الناس العاديين الحل الأمثل».
وأوضح رئيس «التجمع الديمقراطي البنغالي الأميركي» بأنه لم يتبنَ «نهجاً معيناً لحل هذه المشكلة حتى الآن»، وقال: «حتى الآن، لم أتبنَ أي نهج، ولم أقدّم أي التزام، ولكنني أعتقد دائماً بوجود حل لكل مشكلة، وإذا ما تم انتخاب فريق جيد، فيمكننا عندئذ إيجاد حل مناسب».
بدوره، شدد المرشح البنغالي الأصل، آبو موسى، على ضرورة أن يكون المجلس قادراً على وضع «ميزانية متوازنة»، لافتاً إلى أنه لم يتخذ قراراً بعد، بخصوص هذه المشكلة.
موسى، الذي اُنتخب مرتين لعضوية المجلس، عامي 2014 و2018، أشار إلى أنه سيبدأ «بتقليل الفجوات في الميزانية» مع الحرص على «تحسين نوعية الحياة» في المدينة.
وأكد موسى بأن أزمة المعاشات التقاعدية هي «قضية ملحة للغاية»، وقال: «مع ذلك، لا يمكنني الإجابة على هذا السؤال في الوقت الحالي، إذ أنني بحاجة إلى دراسة هذا الموضوع بشكل معمق».
الفيضانات الكارثية
وعلى خلفية الأضرار الجسيمة التي مُني بها سكان هامترمك من جراء الفيضانات الكارثية التي ضربت منطقة ديترويت الكبرى، الصيف المنصرم، سألت «صدى الوطن» المرشحين الستة عن مسؤولية المجلس في مساعدة وتعويض المتضررين، وعن خططهم للتقليل من الآثار المدمرة للفيضانات في المستقبل.
وفيما أحجم الرفاعي عن الإجابة على هذا السؤال، أكدت جاكاوسكي بأنه يتوجب على المجلس تقديم معلومات واضحة ودقيقة حول المساعدات الحكومية بهذا الشأن، إضافة إلى قيامه بجمع البيانات ذات الصلة، من أجل تعزيز فرص المساعدة الحكومية وزيادتها.
وأشارت جاكاوسكي بأنه يتوجب على المجلس العمل مع الحكومات الإقليمية الأخرى للمطالبة بإصلاح وتحديث البنية التحتية المتهالكة في جميع أنحاء المنطقة، مؤكدة على ضرورة زيادة مظلة الأشجار وتقليل المساحات الخرسانية في الحدائق ومواقف السيارات، وكذلك التطلع إلى حلول البنية التحتية الخضراء التي ثبت أنها تقلل من الفيضانات الناجمة عن العواصف، بحسب تعبيرها.
من ناحيته، أشار البرمكي إلى أن مسؤولية المجلس تتمثل في إبلاغ السكان ومساعدتهم للحصول على المساعدات الفدرالية، من خلال العمل مع «الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ» (فيما) لتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات.
وأوضح البرمكي بأن الأعضاء تقع على عاتقهم مسؤولية البحث عن «المزيد من السبل لمساعدة السكان على التعافي من خسائرهم»، لافتاً إلى ضرورة العمل من أجل الحد من آثار الفيضانات في المستقبل. وقال: «سيستغرق هذا المشروع سنوات عديدة، ولكن يجب أن نبدأ بتحديد نقاط الاختناق والأجزاء المتهالكة في شبكة الصرف، والعمل على معالجتها فوراً»، مضيفاً: «بعدها، يتعين علينا وضع خطة لتحديث نظام الصرف بأكمله».
واستدرك البرمكي بالقول: «لا يمكننا ضمان عدم حدوث فيضانات، ولكن يمكننا البدء في اتخاذ الخطوات اللازمة لتقليل احتمالية حدوثها، وتقليص أضرارها».
أما بلايسي فترى أن الحل الأمثل لمشكلة الفيضانات هو «الزارعة الاستراتيجية» التي تساعد على امتصاص مياه الأمطار، وكذلك المياه الجوفية.
وقالت بلايسي: «لقد عاونت السكان للحصول على المساعدات الصيف الماضي، عندما افتتحت وكالة «فيما» و«إدارة الأعمال الصغيرة» (أس بي أي) مكاتب في مقر البلدية»، مضيفة: «شرحت طبيعة الخدمات المتوفرة، وساعدت في تثقيف السكان.. الذين شعروا بأنهم عالقون وأن لا أحد يستمع إليهم».
ونوهت بلايسي إلى أن البلدية يمكن أن تساهم –جزئياً– في حل مشكلة الفيضانات عبر تأمين مضخات منخفضة الكلفة، لمساعدة السكان على تصريف مياه الأمطار بعيداً عن الشبكة المتقادمة، المعروفة باسم «المجاري الفرنسية».
من جانبه، أكد محمود أن هامترامك عجزت على مرّ السنوات عن إيجاد حل ناجع لهذه المشكلة المتكررة، لافتاً إلى ضرورة أن تسعى البلدية للاستفادة من وعود إدارة الرئيس بايدن بتحديث البنية التحتية في جميع أرجاء الولايات المتحدة.
وقال: «علينا التواصل مع إدارة بايدن ومعرفة ما إذا كان بإمكاننا الحصول على الأموال اللازمة لحل هذه المعضلة، أو جزء منها على الأقل»، واصفاً الوقت الحالي بأنه «مثالي» لإنجاز هذه الخطوة، لاسيما وأن المدينة تعاني من بنية تحتية متهالكة.
وأشار محمود إلى أن الرئيس بايدن يخطط لإنفاق أموال ضخمة على تحديث البنى التحتية في عموم الولايات المتحدة، وقال: «لدي علاقات مع إدارة بايدن، وقد أمضيت بعض الوقت في حملة حاكمة الولاية غريتشن ويتمر، كما عملت مع مكتب النائب في مجلس ميشيغن التشريعي آندي ليفن، ومع مكتب النائبة في الكونغرس الأميركي بريندا لورانس، يمكننا الذهاب والتحدث معهم، في محاولة لإيجاد بعض الحلول، والحصول على بعض المال اللازم لحل مشكلة الفيضانات».
محمود لفت إلى أن هامترامك «ليست وحدها في هذه الورطة»، وقال: «نحن محاطون بمدينة ديترويت، لذلك نحن بحاجة إلى علاقة جيدة مع ديترويت، وكلانا بحاجة لمعرفة ما الذي يجب القيام به لحل هذه المشكلة.. وهذا الأمر لن يحصل بين ليلة وضحاها»، مختتماً بالقول: «إنها عملية طويلة جداً».
على نفس الشاكلة، أكد موسى بأنه يتوجب على هامترامك التنسيق مع المدن المجاورة لمعالجة مشكلة الفيضانات المتكررة. وقال موسى: «لقد غرق 80 بالمئة من هامترامك، وقد حدث ذلك لثلاث مرات متتالية، الصيف الماضي، لم يكن ذلك سهلاً على السكان»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى العمل مع المدينة والمقاطعة والولاية، أما إذا ركزنا على هامترامك وحدها، فلست متأكداً من أنه يمكننا التغلب على الفيضانات القادمة».
وأوضح موسى بأن شبكة المياه قديمة جداً، وقال: «نحن بحاجة إلى إصلاحها أو استبدالها في أقرب وقت»، معرجاً على القول بأن هذا المشروع «مكلف للغاية».
وختم موسى بالقول: «ربما يتعين علينا زيادة ضريبة الملكية لمعالجة مشكلة الفيضانات تحديداً»، مشيراً إلى أنه من الأجدى استخدام الضريبة العقارية لمعالجة مشكلة الفيضانات، بدلاً من دفع مستحقات عناصر الشرطة والإطفاء المتقاعدين.
Leave a Reply