في السنة الـ35، تتابع «صدى الوطن» مهمتها التي نذرت نفسها لأجلها منذ تأسيسها في 1984، في أن تكون «جريدة العرب في أميركا الشمالية»، في المعتركات السياسية والإعلامية والحقوقية، آخذة على عاتقها مجابهة التحديات المستمرة والطارئة، بلا تباطؤ أو خوف أو محاباة.
لقد تمكنت الصحيفة خلال العقود الثلاثة الأخيرة من تجاوز الكثير من المنعطفات والصعوبات، بكافة أشكالها، السياسية والمالية والتقنية. ولكنها باتت تواجه في السنوات الأخيرة مخاضاً صعباً، على خلفية التبدلات العميقة التي أصابت مهنتي الصحافة والإعلام في العالم أجمع، في أعقاب الثورة المعلوماتية وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، ونشوء ما بات يسمى بالـ«نيو ميديا».
وقد شهد العالم توقف الكثير من الصحف والمجلات الورقية في الولايات المتحدة وفي بلدان العالم العربي، والتي كان آخرها توقف جريدة «المستقبل» اللبنانية عن الصدور، منذ أيام قلائل. وليس سراً أن المطبوعات الورقية قد غدت تعاني من مأزق عصيب بوجود الصحافة الالكترونية التي باتت في متناول المتصفحين بكبسة زر.
وهنا في الولايات المتحدة، تزداد المسألة صعوبة يوماً بعد يوم، بسبب ارتفاع أسعار الورق وتكاليف الطباعة والنقل والتوزيع، إضافة إلى تحول المعلنين إلى المنصات الاجتماعية أو المواقع الالكترونية التي تمكنهم من الإعلان لأعمالهم ونشاطاتهم بأسعار أقل كلفة.
وقد دفعتنا الظروف المستجدة إلى إعادة التفكير في إخراج الجريدة، شكلاً ومضموناً، واعتماد قياس جديد، استجابة لمتطلبات الطباعة وجودتها، إضافة إلى إعادة تصميمها وتبويبها. ومثل هذه الخطوة لا نعتبرها انحناء للعاصفة، بقدر ما سنتعبرها ولادة جديدة، وهي –في كل الأحوال– ليست الأولى من نوعها في مسيرة «صدى الوطن» التي شهدت عدة تغييرات مواكبة للتطور، خلال العقود الثلاثة المنصرمة.
على التوازي مع النسخة الورقية التي ستستمر بالصدور أسبوعياً، سنكثف جهدنا واهتمامنا في تحسين الموقع الالكتروني للصحيفة، وتحديثه باستمرار، ونشر الأخبار والمقالات فيه، وهو الذي يحظى حالياً بمتابعة عشرات الآلاف من المتصفحين، من كافة أنحاء العالم. وإنه لمن دواعي فخرنا واعتزازنا بأن موقعنا الالكتروني يستقطب أعداداً من المتابعين أكثر بأضعاف مضاعفة مقارنة بمواقع الكترونية لمؤسسات إعلامية أميركية عريقة، لديها من الإمكانات البشرية والمالية ما يفوق إمكاناتنا بكثير.
بالإضافة إلى ذلك، نعمل حالياً لإطلاق برنامج أسبوعي متلفز، سوف يجري بثه –حياً أو مسجلاً– كل يوم ثلاثاء، وسوف يناقش هذا البرنامج أبرز المواضيع المحلية والأميركية والعالمية، كما سيستضيف ضيوفاً لاستمزاج آرائهم ومواقفهم حول القضايا التي تمس العرب الأميركيين ومصالحهم ودورهم الثقافي والاجتماعي في المغترب الأميركي، أو في أوطانهم الأم.
الحلقات الأسبوعية سوف تبث على صفحة «صدى الوطن» على موقع «فيسبوك»، وكلنا أمل أن تحظى باهتمام قرائنا الأكارم، آملين منهم تفعيل المشاركة معنا في مجمل القضايا والآراء والمواقف التي تتخذها الصحيفة أو تتبناها خدمة لأبناء الجاليات العربية في الولايات المتحدة.
صحفاتنا على موقعي «فيسبوك» و«تويتر»، باللغتين العربية والإنكليزية، سوف تزيد من نشاطها في بث الأخبار التي تهم متابعينا، بما فيها الاجتماعية الخفيفة، دون أن ننزلق –بالطبع– إلى مستنقع الصحافة الصفراء، أو نقع في مطب استسهال مهمة السوشال ميديا التي باتت تجذب الكثير من الأميين والفضوليين والباحثين عن الشهرة بأي ثمن، دون أن يدركوا أنهم يسيئون لأنفسهم أولاً قبل إساءتهم للآخرين.
في سياق آخر، شهدت السنة الماضية نجاحات باهرة للعرب الأميركيين، خاصة في المجالين الرسمي والسياسي، حيث تمكنت ثلاث نساء عربيات أميركيات من الفوز في سباق الكونغرس الأميركي، وهن اللبنانية الأصل دونا شلالا، والفلسطينية الأصل رشيدة طليب، والصومالية الأصل إلهان عمر. وفي ولاية ميشيغن، تم –بشكل غير مسبوق– تعيين عرب أميركيين في الفريق الانتقالي لكل من حاكمة ولاية ميشيغن غريتشن ويتمر، ومدعي عام الولاية دانا نسل، وسكرتاريا الولاية جوسلين بنسون. إضافة إلى العديد من الإنجازات الانتخابية على مستوى مقاطعة وين ومدنها، كانتخاب سام بيضون لعضوية «مجلس مفوضي مقاطعة وين» ليصبح ثاني عربي مع العضو آل هيدوس، بشكل يؤكد على أن الجالية العربية في منطقة ديترويت باتت رقماً سياسياً واقتصادياً هاماً لا يمكن إهماله أو التغاضي عنه.
ولم يعكر حلاوة هذه الإنجازات، سوى الحادث الأليم الذي أودى –الأسبوع الماضي– بحياة أسرة عربية مكونة من خمسة أفراد، إثر تعرض السيارة التي تقلهم لحادث اصطدام مع سيارة يقودها مخمور، خلال عودتهم من قضاء عطلة نهاية السنة في ولاية فلوريدا.
وكان لمصرع المحامي عصام عباس وزوجته الطبيبة ريما وأودلاهما الثلاثة وقع الصاعقة في أوساط الجالية العربية التي تقاطر الآلاف من أبنائها لتقديم واجب العزاء لآل عباس، المكلومين بذلك الحادث المفجع، في سلوك يثبت وحدة الجالية وتآلفها واشتراكها في الأفراح والأتراح، مؤمنين بقضاء الله وقدره.
ولا بد هنا من أن نشيد بدعم المعلنين الكرام وتقديم الشكر لهم على مواصلتهم المسيرة معنا، راجين أن يكون العام الجديد عام خير وسعادة ونجاح للجميع..
وكل عام وأنتم بخير!
Leave a Reply