أبدى محللون سياسيون ومراقبون خشيتهم من أن يلحق الصراع الطويل والشرس بين السيناتور باراك أوباما والسيناتورة هيلاري كلينتون في موسم الانتخابات الرئاسية التمهيدية الراهن، أضرارا بالغة بالحزب الديمقراطي قد تكلفه الانتخابات الرئاسية المقبلة أو أكثر من ذلك.
ويخشى البعض من أن انقسام الديمقراطيين الحاد بين تأييد أوباما وكلينتون قد ينذر بدخول الحزب الديمقراطي مرحلة انقسامات تاريخية، تعيد تعريف الحزب وتقسم القواعد الجماهيرية المكونة له، وربما تدفع أعدادا لا يستهان بها من الديمقراطيين للتوجه نحو الحزب الجمهوري.
وبهذا الخصوص، يقول جوناثان فريلاند في جريدة الغارديان إن العام الحالي كان من المفترض أن يكون عام الديمقراطيين، نظرا للتراجع الشديد في شعبية بوش والحزب الجمهوري، ولكن على النقيض من ذلك، فقد وجد الديمقراطيون أنفسهم في زأسوأ سيناريو محتملس بعد أن فشل أوباما في حسم الانتخابات الديمقراطية التمهيدية لصالحه في الرابع من آذار (مارس) الحالي.
وتمكنت هيلاري حينها من الفوز بأصوات ولايتي أوهايو وتكساس مما أعاد لها الأمل مرة أخرى، وشجعها على الدخول في صراع طويل المدى مع أوباما قد يطول لحين موعد انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي في صيف العام الحالي. ورغم أن استمرارية التنافس بين المترشحين يزيد من تركيز أضواء الإعلام على الديمقراطيين، إلا أنه يهدد الحزب على المدى البعيد لسببين يرصدهما فريلاند، أولهما أنه يمنح المرشح الجمهوري جون ماكين فرصة لالتقاط الأنفاس وتوحيد صفوف الجمهوريين والاستعداد بحرية لمواجهة المرشح الديمقراطي، كما أنه سيستفيد من هجوم هيلاري على أوباما والعكس.
أما السبب الثاني فهو طبيعة الحملة السلبية التي تشنها هيلاري على أوباما، حيث يرى فريلاند وعدد آخر من المراقبين أن هيلاري تبالغ في سلبيتها وهجومها الشرس، وأن أوباما من جهته يحاول حتى الآن عدم الرد على هيلاري بالمثل انطلاقا من خطابه الذي يركز على الوحدة لا الانقسام وعلى الرغبة في بناء الجسور والأمل في مستقبل أفضل. ويرى المحللون أن استمرار هيلاري في هجومها الشرس على أوباما قد يدفعه للرد بالمثل، مما يهدم صورته كسياسي يترفع على الصغائر، ومن ثم يحد من فرصه نجاحه في الانتخابات المقبلة في حالة فوزه بترشيح الديمقراطيين، خاصة وأن أوباما سوف يواجه في الانتخابات جون ماكين المعروف بسجله الحزبي المعتدل، والذي اعتاد الخروج عن صفوف الجمهوريين ومواجهتهم إذا تطلب الأمر.
من جهته، يرى مايكل بارون مؤلف زموسوعة السياسة الأميركيةس والباحث بمعهد أميركان إنتربرايز أن الحزب الجمهوري عانى أيضا من الانقسامات أثناء الانتخابات التمهيدية، ولكن انقسام الجمهوريين كان أيديولوجيا بين جماعات أيديولوجية داخل الحزب، فعلى سبيل المثال تردد البروتستانت التبشيريون في تأييد جون ماكين بسبب سجله الليبرالي على مستوى القضايا الاجتماعية. أما انقسام الديمقراطيين فهو ديمغرافي، فهناك فئات معينة تبدو أكثر تأييدا لهيلاري وهم البيض وكبار السن وأصحاب المستويات التعليمية المنخفضة، في حين يحظى أوباما بتأييد الشباب والأفارقة الأميركيين والمتعلمين.
ويرى بارون في مقال نشره بمجلة «ناشيونال ريفيو» أن استمرار الصراع بين أوباما وهيلاري قد يعقد العلاقة بين الجماعات السابقة، وأنه قد يترك الباب مفتوحا لتدخل من يعرفون باسم زالناخبين الكبارس في الحزب الديمقراطي لحسم الصراع بين المتنافسين في مؤتمر الحزب الديمقراطي.
ولما كانت أصوات الناخبين الكبار قابلة للضغوط السياسية، فإن ذلك سيجعل من مؤتمر الحزب ساحة صراع شرسة وقد تشهد انقسامات تاريخية.
من ناحية أخرى، يشير المحلل تيد كوبل في إذاعة ناشيونال بابليك راديو الأميركية واسعة الانتشار إلى أن الصراع بين حصاني الحزب الديمقراطي بدأ في الوصول إلى القواعد الجماهيرية للحزب والتأثير على ارتباطهم بحزبهم، حيث أبدى 25 بالمئة من مؤيدي السيدة الأولى السابقة استعدادهم للتصويت لجون ماكين في الانتخابات المقبلة في حالة عدم فوز هيلاري بترشيح الديمقراطيين، وهو أمر يؤيده 10 بالمئة فقط من مساندي باراك أوباما.
Leave a Reply