«التيار الوطني الحر» يصفه بالميليشيا ويخشى من «تركيب فيلم امني له»فرع المعلومات انشئ من دون قانون لأخذ دور مخابرات الجيش
عادت الى الواجهة الخلافات بين الاجهزة الامنية اللبنانية، وهي كانت حاضرة في مرحلة الوجود السوري، وتحديداً بين المخابرات العسكرية في الجيش وقوى الامن الداخلي، وقد ظهر ذلك في اكثر من حدث امني وسياسي، وكان التنسيق غائباً بين هذه الاجهزة، التي تتوزع على مراجع طائفية وسياسية وحزبية، ويتم تعيين قادتها وفق المصالح السياسية والحزبية والطائفية، بحيث ان لكل رئيس سلطة جهاز امني تابع له، فمديرية مخابرات الجيش تتبع لرئيس الجمهورية الماروني ومديرية الامن العام لرئيس مجلس النواب الشيعي، ومديرية قوى الامن لرئيس الحكومة السني، وقيادة الشرطة القضائية للنائب وليد جنبلاط الدرزي.وهذه الاجهزة كانت تعمل بطريقة فردية لتحقيق مكاسب فئوية، والشكوى كانت بعدم وجود تنسيق بينها، واتبع اسلوب مجلس الامن المركزي برئاسة وزير الداخلية، وغرفة العمليات المشتركة للربط بينها، لكن هذه الاساليب لم تلغ وجود تباين بين القوى الامنية، لانها موزعة الولاء السياسي والطائفي.وكانت الانتقادات توجه الى مخابرات الجيش كونها تستأثر بالمعلومات الامنية والسياسية، وتفاصيل الحياة العامة وحتى الخاصة في لبنان، وهي كانت مدعومة من المخابرات السورية اثناء وجودها في لبنان، حيث كانت متهمة بقيام نظام امني لبناني-سوري مشترك، كان يفرض سيطرته على لبنان، فيرشح رئيس الجمهورية ويسمي رئيس الحكومة ويدعم رئيس مجلس النواب، ويعين الوزراء والنواب ويتدخل في تعيين الموظفين.هذه الانتقادات رافقت كل فترة وجود رفيق الحريري في رئاسة الحكومة، الذي كان يتذمر من عمل مخابرات الجيش ضده، كما كان يقول في مجالسه، واحياناً في داخل المؤسسات، ووصل به الامر الى الافصاح عن ذلك في مجلس النواب اثناء طرح الثقة بحكومته بعد الانتخابات النيابية عام 2000، واكد انه لن يسمح بتجاوزات المخابرات وحتى بالامن العام الذي انتقل اليه اللواء جميل السيد كمدير عام من مساعد مدير المخابرات، وفي كل الحالات كان السيد هو المعني بإنتقادات الحريري واطراف سياسية اخرى.وكان الرئيس الحريري يدعو دائماً الى ابعاد مخابرات الجيش عن السياسة، وحصرها بالشق العسكري والامن القومي للبلاد، ويطالب بإنشاء فرع للمعلومات تابع لقوى الامن الداخلي يتابع الشأن السياسي والامن العام، وان الدور او الصلاحيات التي كان يتحدث عنها، هي من ضمن اختصاص الامن العام، مما اوقع الاجهزة في وضع تضاربت فيه الصلاحيات. ولم تتم تلبية رغبة الحريري، ان يكون لرئيس الحكومة السني جهاز امن يعطيه معلومات كانت تحجبه عنه مديرية المخابرات كما كان يقول، وتقدمها الى رئيس الجمهورية، فأنشئ فرع للمعلومات من دون اسس قانونية وغير فاعل.وبعد اغتيال الحريري، وسقوط النظام الامني اللبناني-السوري المشترك مع خروج القوات السورية من لبنان، ووصول قوى 14 شباط الى السلطة، بدأ العمل لتأسيس فرع للمعلومات تابع لقوى الامن مكتمل التجهيز والعناصر، يتولى هو امر الامن السياسي، وابعاد مخابرات الجيش، لعدم الثقة بها، ولان ضباطها وعناصرها كانوا من زمن الوصاية السورية بالرغم من عملية تطهير حصلت فيها، بعد حملة منظمة عليها من قبل الفريق الحاكم، الذي رأى ان الفرصة سانحة لزيادة عديد قوى الامن لتأخذ مكانها على الارض، ويكون الجيش في الثكنات، وهكذابدأت عمليات تطويع في قوى الامن حيث وصل عديدها الى حوالي 22 الف عنصر، وقد تم اختيارهم من عناصر تابعة لـ«تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية»، وهذا ما كشفته المعارضة التي اكدت انه تم اقصاء العناصر التي تدين بالولاء لأحزاب او تيارات سياسية في المعارضة، وبدأ التشكيك بهذه القوى واتهامها بأنها تتطوع عناصر على اساس مذهبي وسياسي، وان قوى الامن بدأت تتحول الى «جيش السنة»، مما ترك تساؤلات سياسية واخرى شعبية عن مغزى ان تتحول اكثرية قوى الامن سنية، وهو السؤال الذي طرحه المطارنة الموارنة واثاره البطريرك نصرالله صفير في خطابه وعبر وسائل الاعلام، فتم ادخال شبان مسيحيون لاقامة نوع من التوازن، ولكن هؤلاء كانت اكثريتهم تنتمي الى «القوات اللبنانية» كما ذكرت مصادر في المعارضة.وهكذا بدأ القلق من تنامي قوى الامن وبروز فرع المعلومات الذي بلغ عديده نحو 1200 عنصر خلال عام ونصف العام، واشار بعض السياسيين في المعارضة الى ان ضباط هذا الفرع الذي يبلغ عددهم حوالي المئة، فان 70 بالمئة منهم هم من الطائفة السنية، اضافة الى الاكثرية من عناصره، وقد تم الغمز من هذا الفرع لجهة عدم شرعيته، لانه لم يصدر قانون فيه، كما تم الحديث عن تجاوزات تجري من قبل عناصر منه تذكر بما كان يحصل في زمن النظام الامني السابق.وركز هذا الفرع اهتمامه على المعارضة واحزابها، في الوقت الذي كانت تتم فيه التعمية على نشاط التنظيمات الاصولية الاسلامية، اضافة الى التغاضي عن ارتكابات تحصل من قبل اطراف السلطة.وجاءت عملية توقيف عناصر من «التيار الوطني الحر» على خلفية الحصول على صور كانوا فيها يحملون السلاح، ويقيمون تدريبات كالتسلق على الحبال، لتكشف ان فرع المعلومات يعمل ضد المعارضة، كما قال قادة التيار وعلى رأسهم العماد ميشال عون، وطرحوا اسئلة حول انشائه ودوره ونشاطه وصلاحياته.وتخوفت مصادر التيار ان يكون فرع المعلومات يسعى الى تركيب فيلم امني ضده، من خلال اختلاق معلومات حول التدريب والتسلح في بلدتي جاج وفغال في منطقة جبيل، واظهرت التحقيقات القضائية عدم صحتها، وان ما قصده فرع المعلومات كان الايقاع بأعضاء التيار والزج بهم في السجن وملاحقتهم لاضعاف التيار في المناطق المسيحية لصالح «القوات اللبنانية» واحزاب وتيارات 14 شباط، حيث سمى التيار فرع المعلومات بميليشيا.وهكذا بدأ اللبنانيون امام نظام امني جديد بإدارة سياسية وحزبية، وهذا سيخلق مشكلة بدأت تكبر لجهة دور فرع المعلومات الذي بدأ يتناقض مع دور الجيش ومخابراته، اذ يحاول هذا الفرع ابعاد مخابرات الجيش عن تولي التحقيق في اي حادث امني يقع، وقد خلق هذا الواقع اشكالات بين الطرفين.
Leave a Reply