مسلسل التحريض ضدّ المسلمين في منطقة ديربورن مستمر .. وتهديدات تستهدف المساجد المحلية
ديربورن، ديربورن هايتس
مع استمرار حملات التحريض على ديربورن عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الإعلامية المغرضة، يزداد قلق المجتمع المحلي ذي الأغلبية الإسلامية من ردود فعل عنيفة قد تستهدف المدينة، وتحديداً المساجد المحلية التي كانت عرضة، خلال الأسبوع الماضي، لتهديدات جديدة فيما أعلنت السلطات الفدرالية عن اعتقال رجل عنصري من ولاية فرجينيا بعد تهديده بمهاجمة أحد المساجد في ديربورن، بينما تم تحديد رجل آخر في تكساس هدد بحرق مسجد في مدينة ديربورن هايتس.
وتم اعتقال ماسين هورستماير (32 عاماً) في مدينة لينشبرغ بولاية فيرجينيا، الأسبوع الماضي، بتهم التحريض على الإرهاب، والتآمر لارتكاب أعمال إرهابية، وتهديد العامة، والتهديد عبر الإنترنت، وذلك استناداً إلى تحقيق بدأ في شباط (فبراير) المنصرم.
وأفادت السلطات الفدرالية بأنه تم احتجاز هورستماير دون كفالة في سجن «بلو ريدج» بولاية فيرجينيا، موضحة أنه أخبر المحققين أثناء استجوابه بأنه إذا نفذ هجوماً، فسيستهدف مسجداً في ديربورن ببندقية AR–15.
وأضاف خلال التحقيق أنه شاهد مقاطع فيديو حديثة عن هجمات إرهابية إسلامية أزعجته، مستدركاً بأن ما كان يدور في رأسه هو «مجرد أفكار».
وقال المحققون إن تهديدات هورستماير، الذي مثل أمام القضاء يوم الخميس الماضي، بدأت في فبراير الماضي واستمرت لأشهر من خلال تعليقات على «يوتيوب»، والتي تضمنت خطاباً عنيفاً ضد المسلمين والسود.
ويظهر ملف القضية أن شركة «غوغل» أبلغت مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) عن التعليقات المثيرة للقلق، والتي تضمنت إشادة هورستماير بالعنصري دالين روف الذي قتل تسعة أشخاص في كنيسة للسود بمدينة تشارلستون في ولاية ساوث كارولاينا عام 2015.
واعترف هورستماير للمحققين باعتناقه معتقدات عنصرية بيضاء، لكنه نفى أي صلة له بأي تنظيم.
وفي قضية منفصلة، يحقق مكتب «أف بي آي» بالتعاون مع الشرطة المحلية في سلسلة تهديدات وردت إلى «المنتدى الإسلامي في أميركا»، الواقع عند تقاطع فورد وكينلوك في ديربورن هايتس.
وكشفت السلطات أن أحد المتصلين من ولاية تكساس هدد بـ«حرق المسجد»، وفي إحدى الحالات هدد بتفجير قنبلة، ما دفع عناصر الشرطة إلى التمركز خارج الأبواب الأمامية للمسجد لحماية المصلين مساء الاثنين الماضي، بعد يوم واحد من الهجوم المروع الذي استهدف كنيسة مورمونية في مقاطعة جينيسي وأسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة ثمانية آخرين.
تشديد الحماية
في استجابة فورية للتهديدات، أكد قائد شرطة ديربورن هايتس، أحمد حيدر، أن ضباط المدينة سينتشرون بكثافة في محيط دور العبادة، مشدداً على أن دائرته «تأخذ هذه التهديدات على محمل الجدّ، وتعمل جنباً إلى جنب مع مكتب التحقيقات الفدرالي لضمان سلامة مجتمعنا»،
وأردف حيدر أنه «لن يُترك أي دار عبادة في ديربورن هايتس عرضة للخطر» وأن ضباط الدائرة سيظلون «على أهبة الاستعداد لحماية حق كل شخص في العبادة بسلام».
وأوضح حيدر في تصريح لاحق أن «المنتدى الإسلامي» تلقى سلسلة تهديدات من رجل مقيم في ولاية تكساس، دون الكشف عن اسمه بانتظار نتائج التحقيق، لافتاً إلى أن الرجل اتصل عدة مرات بالمسجد مدلياً بتعليقات مليئة بكراهية الإسلام، مؤكداً أن شرطة المدينة ستحرص على جلبه إلى العدالة.
كما أشاد رئيس بلدية ديربورن هايتس، بيل بزي، على موقف قائد الشرطة، مؤكداً «عدم تسامح المدينة مطلقاً مع أي نوع من أنواع التهديد في مجتمعنا، سواء كان موجهاً نحو دار عبادة أو عمل تجاري أو أحد السكان أو زائر».
من جانبه، صرّح قائد شرطة ديربورن، عيسى شاهين، الذي أيضاً كان عرضة لحملات تحريض عبر الإنترنت بسبب ديانته المسلمة، بأن شرطة المدينة تُكثّف دورياتها وتُعزّز انتشار الضباط حول جميع دور العبادة في المدينة.
وقال في بيانٍ نُشر عبر صفحة شرطة ديربورن على موقع «فيسبوك»: «في أعقاب حادثة إطلاق النار المأساوية في بلدة غراند بلانك، تتخذ إدارة شرطة ديربورن خطواتٍ إضافية لحماية مجتمعنا. وتظل سلامة ورفاهية سكاننا على رأس أولوياتنا».
وأكد شاهين أن شرطة ديربورن تُراقب وتُحقّق في جميع التهديدات، بما في ذلك تلك التي تُوجّه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وأضاف أن ضباطه يعملون عن كثب مع جهات إنفاذ القانون المحلية والولائية والفدرالية لتوفير أعلى مستويات السلامة والأمن للمجتمع.
بدوره، قال داود وليد، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير)، في ميشيغن: «تعكس هذه التهديدات التي تستهدف مساجد ميشيغن توجهاً وطنياً مقلقاً نحو تنامي التعصب ضد المسلمين». وأضاف: «لا ينبغي لأحد أن يخشى على سلامته عند حضوره دور عبادته»، مطالباً السلطات المحلية والفدرالية بتوفير دعم أمني أكبر للمؤسسات الإسلامية في جميع أنحاء الولاية، و«التعامل مع هذه التهديدات بالسرعة والجدية اللتين تستحقانهما».
تحريض مستمر على ديربورن
تتعرّض مدينة ديربورن منذ عدة أسابيع لحملة تشويه تبدو ممنهجة لتصوير المدينة على أنها بؤرة إسلامية معادية للقيم الأميركية والمسيحية، سواء عبر استغلال تصريحات رئيس البلدية عبدالله حمود بحق ناشط مسيحي متطرف، أو تعداد أسماء المسؤولين المسلمين في مختلف دوائر البلدية واتهامهم بالسيطرة على ديربورن وطرد المسيحيين البيض منها، مروراً بدخول الملياردير إيلون ماسك على خط التحريض من خلال منشور له عبر منصة «أكس» قال فيه إن «الولايات المتحدة لن تسقط»، معلّقاً على فيديو نشره معهد «ميمري» المعادي للمسلمين يظهر فيه أحد النشطاء متحدثاً عن «إسقاط الإمبراطورية الأميركية» أثناء فعالية تضامنية مع فلسطين في ديربورن العام الماضي.
الفيديو الذي أعاد ماسك نشره في 23 سبتمبر المنصرم، أُرفق بتعليق تحريضي جاء فيه: «هذه المدينة يبلغ عدد سكانها المسلمين بالفعل أكثر من 55 بالمئة ومن الواضح أنهم لا يخططون للتوقف عند هذا الحد».
صوت الأذان
في أحدث سياقات التحريض ضد المسلمين في ديربورن، تداول نشطاء عبر الإنترنت، ما وصفوه بمعاناة السكان البيض في أحياء شرق المدينة بسبب انزعاجهم من صوت أذان الفجر الذي تبثه عدة مساجد في شرق المدينة عبر مكبرات الصوت بناء على مرسوم بلدي سابق أُقرّ عام 2004 وتم تعديله آخر مرة عام 2010.
وتلقت عدة مساجد في شرق المدينة، الأسبوع الفائت، اتصالات ورسائل احتجاج على خلفية تقرير إعلامي لقناة «سي بي أس» المحلية تناول تذمر بعض السكان من صوت الأذان في الصباح الباكر.
وفي اجتماع مجلس المدينة الأخير، قدمت المقيمة أندريا أونغر، عريضة موقعة من بعض سكان حيّها ضد مكبر الصوت في «مسجد السلام» الكائن على شارع شايفر في شرق المدينة، متهمة إدارة المسجد بانتهاك قانون الإزعاج الليلي عند بث أذان الفجر.
واستشهدت أونغر بقانون المدينة الذي يحظر «إحداث أي ضوضاء عالية أو مزعجة أو غير عادية أو غير ضرورية، مما يُزعج أو يُؤذي أو يُهدد راحة أو صحة أو سلام أو سلامة الآخرين داخل حدود المدينة».
وقالت أنغر في الاجتماع: «تُوقظنا المساجد في شرق ديربورن أحياناً في الساعة 5:30 صباحاً بالأذان، وتُجبرنا أحياناً أخرى على الاستماع إلى الصلاة في حدائقنا الخلفية وحتى داخل منازلنا».
وأقرّ رئيس المجلس البلدي، مايك سرعيني، بإمكانية انتهاك بعض المساجد المحلية لقانون الإزعاج الذي يحدد مستوى الصوت المسموح به بين الساعة العاشرة ليلاً والسابعة صباحاً، عند مستوى 55 ديسيبل، لافتاً إلى أن المجلس ينتظر تقارير الشرطة في هذا الصدد قبل اتخاذ أي إجراء بحق المخالفين. وقال سرعيني: «نحاول السيطرة على الأمر، وهو غير قانوني، ولا ندعمه».
في المقابل، أقرّ مدير «مسجد السلام»، نبيل بهلوان، لقناة «سي بي أس» بوجود شكاوى من «مجموعة صغيرة من السكان»، مؤكداً التزام المسجد بقواعد الإزعاج المنصوص عليها ليلاً.
وقال إن الشرطة زارت الموقع وأبلغت إدارة المسجد بأن مستوى الضوضاء ضمن الحد المسموح به، مستدركاً بأن ذلك لا يعني تجاهل قلق السكان. قال: “نريد أن نحافظ على علاقاتنا مع الجيران. وإذا كانت لديهم أي مشاكل، يمكنهم التحدث إلينا».
وإلى جانب «مسجد السلام» تبثّ عدة مساجد أخرى في شرق ديربورن الأذان في مواقيت الصلاة الخمسة، بما فيها مسجد «المجمع الإسلامي الثقافي» على شارع شايفر أيضاً، والذي تلقى كذلك سيلاً من الاتصالات الاحتجاجية خلال الأشهر الماضية.
Leave a Reply