صخر نصر
يحكى أن صيادا كان يعيش فـي إحدى القرى لامهنة له سوى التصيد وملاحقة أسراب العصافـير والأرانب وطيور الحمام البرية وأحيانا الداجنة.
كان يعلق وبشكل دائم (جفته) على كتفه يتدلى الى جانبه، وقلما تراه بدون الجفت ، فإن رأيته بدونه فلابد أن يكون هناك خطب ما، فهو يعيش ليتصيد فإن تحدث فجل حديثه عن الصيد وإن تسلى بشيء ففـي تلميع الجفت وتزييت مفاصله، فقدأصبح خبيرا فـي تعقب الطيور وأماكن تواجدها والطرق التي تسلكها و الأوقات المناسبة لتصيد أي منها فـي البراري وبين أشجار البساتين وخلف الصخور وتحت أفـياء الدوالي، وفـي المنحدرات والمسيلات المائية وعلى رؤوس التلال المحيطة بالقرية.
فـي كل مكان كان يهيىء مكانا يختبىء فـيه يقضي الساعات بانتظار صيد ثمين، لايجوع ولا يعطش، كان يحضر معه زوادة فـيها خبز وقطع من الجبن مع عبوة ماء احضرها لهذا الغرض وما ان ينقضي النهار وتميل الشمس للمغيب حتى يقفل عائدا إلى بيته بما يحمل من صيد وفـير حينا وقليل أحياناً.
يوم السبت الماضي كنت فـي مطعم مع أحد الأصدقاء على شارع التلغراف قرب تقاطعه مع (فـينكل ) ومن خلف الزجاج كنت أراقب حركة الشارع بلا أي اهتمام حتى رأيت سيارة شرطة تتوقف قرب التلغراف ولاترى من قبل السائقين العابرين للطريق، وفجأة انطلقت خلف سيارة لتوقفها بعد مسافة قصيرة ، ثم عادت إلى مكانها لتنطلق مجددأخلف سيارة أخرى التفت لتدخل إلى ساحة وقوف السيارات فـي المطعم وصار المشهد أقرب وتابعنا عن كثب مايجري حيث حرر الشرطي مخالفة لسائق السيارة وانطلق مجدداً ليعود إلى مكانه ليبدأ بملاحقة سيارة أخرى وهكذا .
خرجت من المطعم وركبت سيارتي وترقبت الشرطي حتى أوقف سيارة ثم انطلقت بحيث يكون مشغولا بسيارة أخرى وعبرت على عجل دون الالتفاتة الى الوراء خوفا من أن يكون قد انتهى ويبحث عن صيد آخر، لكن الرعب تملكني مرة اخرى، عندما رأيت سيارة شرطة مختبئة بين بنائين على التلغراف بانتظار (صيد) آخر وبعدمسافة ليست ببعيدة فـي المنطقة ذاتها كانت سيارة شرطة أخرى توقف سيارة تقودها امرأة على جانب الطريق.
ويبدو أن الشرطة تنتهج هذا المنهج أحيانا عندما تقل مواردها المالية فتدفع بضباطها لإعداد كمائن لتصيد السائقين وتحرير مخالفات لجلب المزيد من الدولارات من جيوب السائقين، يمضون الساعات فـي سياراتهم يأكلون ويشربون بانتظار المخالف، وكون الملدوغ يخاف من الحبل، فقد كنت خائفا طيلة الوقت من ملاحقة الشرطة لسيارتي، فقد حررت بحقي مخالفة يوما ودفعت الغرامة مائة وعشرة دولارات وحذفت ثلاث نقاط بسبب عبوري التقاطع على الضوء الاصفر .
إن هذه الطريقة التي تنتهجها الشرطة بين الحين والآخر ليست سوى نوع من التصيد، أكثر من تنفـيذ للقانون و تسبب مضايقات للناس ومن المفروض ان تكون سيارة الشرطة على مرأى من السائقين فاسلوب التمويه والاختباء والتصيد لا يعتمده سوى ذلك الصياد والفارق هنا أن الأخير يقتنص الطيور والطرائد البرية،أما الشرطة فطرائدها بشرية.
Leave a Reply