مرة جديدة تتطرق «صدى الوطن» إلى مواضيع حساسة في الجالية تتعلق بالتقاليد والعادات التي تقيد جيل الشبان وخصوصاً الشابات وتعيق تطورهم ونموهم الأكاديمي والمهني، وعلى رأس هذه المواضيع الضغط التي تتعرض له الفتاة العربية الأميركية لكي تتزوج في سن مبكرة حيث أن هذا العامل النفسي الثقافي يمنعها من التركيز على التحصيل العلمي العالي وملاحقة أحلامها المهنية.
الطالبة العربية في جامعة ميشيغن-ديربورن، «أنجيلا» (٢٢ عاماً)، التي لم تشأ نشر اسمها الحقيقي، تقول إنها تفضّل أن «تتغيّر» بعض العادات والتقاليد الضاغطة على الفتيات في جاليتنا، فبرأيها «ما من ضرورة لوضع سن محدد للزواج.. مثل أن يقال لفتاة أنه عليها أن تتزوج قبل بلوغها سن ٢٥ عاماً.. أو أن يقال لها لا تتزوج قبل الثلاثين حتى تتمكن من الإنجاب.. هذا خطأ».
إلا أن ضغوط العائلة وعادات الجالية على بناتهن لكي يقترنَّ في أعمارهن العشرينية أو حتى قبل ذلك، ليست محصورة بالجالية العربية فقط بل في مجتمعات أقلوية أخرى كما أن ليس كل العوائل العربية الأميركية تمارس الضغط على فتياتها للزواج مبكراً أو تتوقع منهن فعل ذلك، إلا أنها مشكلة عامة مشتركة وموجودة.
وحول هذا أعربت الطالبة زهرا الجملاوي (٢٢ عاماً)، زميلة «أنجيلا» في الجامعة، عن اعتقادها بأن «العائلات أينما كانت في العالم تمارس هذا الضغط على البنات للزواج في سن معين أي قبل إنتهاء مدة الصلاحية. لقد كنت أظن أن الفتيات العربيات فقط يواجهن هذا النوع من الضغط العائلي، إلا أن صديقاتي من غير العرب يقلن لي أنهن يتعرضن لنفس الضغوط».
وتشعر الجملاوي بالإمتعاض عندما يسألها الناس عن وضعها الإجتماعي فتقول «بدلاً من سؤالي عما أفعله بحياتي… يسألونني عن الزواج».
ويشكل سعي بعض العائلات العربية لزواج بناتهم المبكر، عائقاً أمام تطوير هؤلاء الفتيات لطاقاتهن وإمكاناتهن، حيث أن الكثير منهن لا تتوفر لهن فرصة مواصلة الدراسة بالكلية بسبب زواجهن في سن مبكر.
الدراسة في الكلية لوحدها تجربة مربكة للفتيات أما دفعهن للبحث جدياً عن «شريك الحياة» يجعل الأمور أكثر تعقيداً. هذا ماحصل لـ«كانديس» (٢٩ عاماً) شابة عربية أخرى تخرجت من «جامعة ميشيغن» تؤكد أن موقفها بات «صعباً» عندما يسألها الناس عن سبب تأخرها بالزواج. وتقول «أشعر بالضغط من الجميع.. من الأهل والأصدقاء والمجتمع، لكن هناك ضغط خفي أشعر به، وهو عندما أجد كل من حولي يتزوجون». وأضافت «من الصعب مراقبة الأقارب والأصدقاء يتزوجون واحداً بعد آخر بينما أنا مازلت عازبة».
وتعتبر أكثرية الفتيات العربيات الأميركيات المنتسبات إلى الجامعات أن التحصيل العلمي هو رأس أولوياتهن وأنهن لا يركزن على الزواج كأولوية، وفي هذا الصدد تقول «فانيسا» (اسم مستعار) الطالبة في «جامعة ميشيغن- ديربورن» أيضاً، «أنا أعلم بأني شخصياً لو أردت الزواج فإني بحاجة إلى أن أعرف نفسي أولاً، وأن أكون ناضجة بشكل كاف لأعرف أن الزواج ينتج تحديات يومية. وأنا مشغولة حالياً بالتحضير لإمتحانات الكيمياء فهل هذا هو الوقت الملائم للتفكير بذلك الزواج؟ أعتقد لا».
البعض أيضاً يفترض أن الضغوط على الشابات في الجالية العربية لكي تتزوجن باكراً، هي أكبر بكثير من باقي الجاليات وعن ذلك تقول «كانديس»، «من دون شك هناك ضغوط تمارس على الفتيات العربية للزواج في منتصف العشرينات وعلى الشبان لكي يتمكنوا من البقاء على أسلوب حياة معين للزوجة قبل الزواج. الثقافة الأميركية لا تخلق هذا الضغط على المواطنين بتاتاً لأنها لا تقدر مؤسسة الزواج كالسابق. أنا أتفهم لماذا تضع الجالية هذا الضغط للتزويج المبكر لكن لا أدري إذا كنت أوافق عليه لأنه يبدو أنه يؤدي إلى أخطاء عديدة».
وعبر السنوات بدا أن الجالية العربية تنحو أكثر نحو الاندماج بالمجتمع الأميركي مع تراجع بعض العادات المقيّدة للنساء مثل ممارسة الضغوط للزواج المبكر. كما أن مزيداً من الفتيات يفضلن التحصيل العلمي قبل الزواج. علماً بأن الفتيات اللواتي يقررن الدراسة في الكلية أو الجامعة لا يعني أنهن معارضات لفكرة الزواج، بل يفضلن التريث في اختيار «الرجل المناسب» بعيداً عن الضغوط، كذلك يردن تحقيق طموحاتهن وأحلامهن دون إقلاق راحتهن بشكل دائم بالسؤال المتكرر: لماذا لم تتزوجي بعد؟
طالبة فـي كلية الصحافة
بجامعة ميشيغن-ديربورن
متدربة فـي «صدى الوطن»
Leave a Reply