قلل كاتب في مقال له في مجلة “نيوزويك” من أهمية مؤتمر لندن الذي عقد في الثامن والعشرين من الشهر الجاري حول أفغانستان، ووصفه بأنه ممارسة عقيمة لأن حركة طالبان ليست للبيع. وعلق رون موريو على عرض الرئيس الأفغاني حامد كرزاي للتسوية مع طالبان، قائلاً إنه لم يذكر لماذا ستقبل الحركة بهذا العرض وهي تعتقد بأنها تحرز نصرا في الحرب. وأشار إلى أن البعض الآخر في المؤتمر قدم حلولا ربما تكون أكثر واقعية مثل شراء مقاتلي طالبان، فتعهد المؤتمرون بتقديم نصف مليار دولار لهذا الغرض. غير أن زميل موريو بالمجلة سامي يوسفزاي -الذي يدرك أكثر من غيره من المسؤولين والمحللين بشوؤن الحركة- سخر من فكرة أنه يمكن شراء أو تقديم رشى لطالبان. فيقول يوسفزاي: “إذا كانت القيادة بكل ما فيها من كوادر تريد أن تحيا حياة رغيدة، لأبرمت مثل هذه الصفقات منذ زمن طويل”. ولكن قادة طالبان، يتابع يوسفزاي، ظلوا ملتزمين بقضيتهم حتى وهم في حالة فرار ولا أمل لهم بالنجاة، والآن يعودون بقوة إلى الجنوب والشرق والغرب وإلى المناطق المحيطة بالعاصمة كابل، وهذا ما كانوا يأملون بتحقيقه خلال 15 إلى 20 عاما، ولكنهم تمكنوا من ذلك في غضون ثماني سنوات فقط. وتضيف المجلة أن أمراء الحرب المجاهدين الذين استعادوا السلطة في الغزو الأميركي عام 2001 باتوا أكثر غنى منذ ذلك الحين، وكان يمكن لقائد طالبان جلال الدين حقاني أن يفعل الشيء ذاته، ولكنه الآن يتربص بأولئك الانتهازيين. وحتى أولئك القادة من المستويات المتدنية في طالبان الذين انشقوا عن الحركة باتوا يعضون أصابعهم ندما لأنهم يعيشون الآن في فقر مدقع وفي منفى عن أوطانهم خشية الانتقام، حتى وإن حاولوا العودة لصفوف الحركة لأن “طالبان لا تمنح فرصة ثانية” حسب أحدهم. كما أن هؤلاء لا يرغبون في العيش بعيدا عن قراهم لا سيما أنهم قد يتعرضون للسخرية من قبل سكان العاصمة بسبب الفروق في العادات والتقاليد، والانفتاح المدني الذي ينبذه هؤلاء القرويون. وتشير المجلة إلى أن كرزاي ونظامه لا يتمتعان بأي مصداقية، فلا أحد يثق بوعوده ويعتبرون حكومته بأنها نظام فاسد وشرير. وعلى عكس ذلك، فإن طالبان تحظى بشعبية كبيرة في القرى خلافا لما تظهره استطلاعات الرأي المدعومة غربيا، لأنها أثبتت قدرتها على توفير الأمن وحماية القرى من الجرائم. ثم إن فكرة الشراء لا تلقى استحسانا لدى طالبان، فقد قال أحدهم ليوسفزاي “لا تستطيع أن تشتري فكري وديني لأن ذلك إهانة”. والأهم من ذلك –حسب تعبير المجلة- أن قيادة طالبان على ثقة من انسجام الحركة، فرغم أن “التمرد” يفتقر إلى القيادة الموحدة والمنفردة، فإن قادتها يقاتلون جميعا باسم الملا عمر الذي يُطلق عليه “أمير المؤمنين”.
Leave a Reply