حسن خليفة وساره كومينيك – «صدى الوطن»
تؤكد الأرقام على المكانة المميزة لمنطقة ديربورن التعليمية سواء في عدد الخريجين من ثانوياتها العامة أو المستوى الأكاديمي الذي يتيح للطلاب مواصلة تعليمهم في أرقى الجامعات الأميركية.
ففي ثانوية فوردسون حصل 32 بالمئة من الطلاب المتخرجين على منح جامعية بلغت قيمتها حوالي 5.7 مليون دولار، بينهم طالبتان عربيتان حصلتا على منح كاملة من أرقى الجامعات الوطنية المرموقة، أو ما يعرف بجامعات الـ«آيفي ليغ»، والطالبتان هما فاطمة تاج ونور فقيه اللتان ستنتسبان إلى «جامعة هارفرد» و«جامعة ستانفورد» على التوالي.
فاطمة تاج تستعد للسفر إلى بوسطن لمواصلة مسيرة التفوق في «جامعة هارفرد»
ديربورن – فاطمة تاج (18 عاماً) حلت الأولى على دفعتها في ثانوية فوردسون بمعدل 4.48، وتلقت منحاً دراسية كاملة لمتابعة تحصيلها الأكاديمي في عدد من الجامعات الأميركية العريقة، مثل «جامعة ميشيغن» و«جامعة كاليفورنيا» في مدينتي لوس أنجليس وبيركلي، إضافة إلى «جامعة هارفرد» في بوسطن التي قررت الانتساب إليها لمواصلة تحصيلها العلمي.
وبالإضافة إلى تفوقها الأكاديمي، تميزت الطالبة اللبنانية الأصل بنشاطها الإبداعي والمجتمعي والرياضي في عدد من النوادي والجمعيات المحلية، حيث ترأست «نادي الكتاب والفن» في ثانوية فوردسون، إضافة إلى عضويتها في العديد من المنظمات الطلابية مثل «كي كلوب» و«لينك كرو» و«جمعية الشرف الوطنية»، وبرنامج «مبادرة المنح لليافعين» TGI، الذي يعتبر البرنامج العربي الأميركي الوحيد من نوعه في الولايات المتحدة، لتدريب النشء على رد الجميل لمجتمعاتهم من خلال العمل التطوعي والخدمة الاجتماعية، بإشراف «المركز العربي الأميركي الخيري» CAAP.
كذلك انضمت تاج إلى فريق كرة المضرب (التنس) في ثانويتها إلى جانب تطوعها في العمل الاجتماعي مع مركز «أكسس»
وعبرت الطالبة العربية عن سعادتها بالإنجازات التي حققتها من خلال التصميم والمثابرة، وقالت «أنا سريعة التعلم.. وأكتسب خبرة وعلماً من كل شيء أفعله.. لقد أردت الاستفادة حتى الحد الأقصى من الدراسة الثانوية واستثمار الفرص المتاحة لتحقيق أفضل النتائج».
إضافة إلى ولعها بالفنون والآداب والخدمة المجتمعية، انخرطت تاج في العديد من النشاطات خارج مدرستها، التي كان بينها معايدة ومواساة مرضى السرطان في ««مركز هارتلاند» للرعاية الصحية في مدينة ديربورن هايتس. وبصفتها عضواً في مبادرة «تي جي آي» ساهمت في جمع الأموال للمراكز والمنظمات الخيرية في المنطقة، مثل «مركز هايفن»، وهو مأوى لضحايا العنف المنزلي.
وتشغل الفنون والآداب حيزاً هاماً في حياة تاج، فهي تحب الرسم والتلوين على القماش، وكذلك عبر الوسائط الرقمية، كما تكتب الشعر والقصة القصيرة. وقد أشارت في حديث مع «صدى الوطن» إلى أن درس الفنون كان من بين الدروس المفضلة لديها، وأنها استطاعت خلال ثلاث سنوات من إنجاز حوالي 60 عملاً فنياً.
وهذا العام، تم عرض 15 عملاً من أصل 24 تقدمت بها لمسابقة فنية على نطاق مدينة ديربورن لطلاب الثانويات الثلاث في المدينة، وقد عرضت الأعمال الفنية الفائزة في «غاليري بادزسكي» في «مركز فورد للفنون».
واشتمل نشاطها الفني أيضاً على رسم لوحات جدارية في مدرستها من بينها جدارية –ماتزال في طور الإنجاز– تحث فيها الطلاب على قراءة الكتب.
وخلال دراستها الثانوية سجلت تاج تفوقاً لافتاً في اللغة الإنكليزية، مما ساعدها على فهم الأعمال الأدبية بشكل أكثر عمقاً، بحسب ما أفادت لـ«صدى الوطن»، مضيفة أن ذلك مكنها من التفاعل مع الناس والاستماع لوجهات نظر عادت عليها بالفائدة الكبيرة خلال مسيرتها التعليمية.
رياضة التنس، كانت شغفاً آخر في حياة تاج اليومية، حيث أعربت عن حبها الكبير لهذه الرياضة، مشيرة إلى أن هذه اللعبة كانت تساعدها على التركيز وصفاء الذهن قبل الامتحانات المدرسية.
وإلى جانب امتلاكها للمعايير العالية التي يتطلبها الانتساب إلى جامعة مرموقة مثل «هارفرد»، شددت تاج على ولعها بخدمة المجتمع، مؤكدة أن ذلك ساعدها على أن تكون الشخص الذي هي عليه اليوم، لافتة إلى أن الرغبة بالخدمة الاجتماعية تساعد على تشكيل مستقبل أفضل.
ومع أنها لم تحدد بعد المجال الذي ستتابع فيه دراستها الجامعية، لكنها سوف تنتقل إلى مدينة بوسطن في شهر آب (أغسطس) المقبل، للانضمام إلى جامعة «هارفرد» العريقة، في خطوة تؤكد أنها جعلت عائلتها تشعر بالفخر الكبير. كما لفتت إلى أنها –بلا شك– سوف تفتقد كثيراً مدينة ديربورن التي نشأت وترعرعت فيها.
وعلى قبولها في جامعة «هارفرد»، حمدت تاج، الله سبحانه وتعالى، وشكرت عائلتها وأساتذتها ومرشديها التربويين على دعمهم خلال دراستها في ثانوية فوردسون، وتوجهت إلى جيلها بالقول: «ليكن لديكم الإيمان.. واتبعوا شغفكم، فمع الصدق والعمل الجاد والدعم، يمكنكم تحقيق أي شيء ذي قيمة في الحياة».
نور فقيه لدراسة علوم الكومبيوتر في «جامعة ستانفورد» بكاليفورنيا
ديربورن – على الرغم من إصابتها بـ«قصور الانتباه وفرط الحركة»، إلا أن الطالبة العربية الأميركية نور فقيه نجحت بالتعامل مع ذلك الاضطراب، وتخرجت بتفوق من ثانوية فوردسون، لتتهافت عليها العروض من أعرق الجامعات الأميركية، بينها «جامعة ستانفورد» بسان فرانسيسكو و«جامعة ميشيغن–آناربر» و«جامعة ماساتشوستس» ببوسطن، و«جامعة كاليفورنيا» بلوس أنجليس، إضافة إلى جامعات أخرى.
اهتمام تلك الجامعات، والمنح الكاملة التي تلقتها فقيه، كان مفاجئاً للطالبة اللبنانية الأصل، التي أفادت لـ«صدى الوطن»، بأنها ما تزال غير مستوعبة كل ذلك الاهتمام بها من قبل الجامعات المرموقة.
في النهاية قررت فقيه الانتساب إلى «جامعة ستانفورد» لدراسة هندسة الكمبيوتر، في إطار منحة شاملة تتضمن رسوم التعليم والسكن والسفر.
كانت فقيه طالبة متفوقة في ثانوية فوردسون، إذ قُبلت على الفور في «مركز ديربورن للرياضيات والعلوم والتكنولوجيا» (DCMST)، وهو برنامج أطلقته مدارس ديربورن العامة لتوفير مناهج علمية متقدمة للطلاب المتفوقين. وقد واظبت فقيه على حضور صفوف البرنامج لمدة نصف يوم دراسي على مدار سنوات دراستها الأربع في الثانوية، بالتزامن مع مواصلة تعليمها الاعتيادي مع زملائها في «فوردسون».
وتقول فقيه إن أستاذة علوم الكمبيوتر في البرنامج، كيمبرلي شاوفر، كانت مصدر إلهامها لدراسة الكومبيوتر والبرمجيات.
وبدورها وصفت شاوفر، الطالبة المتفوقة بـ«الإسنفجة التي تمتص كل شيء»، وقالت «لقد كانت (فقيه) اسفنجة صغيرة وحسب.. لقد استوعبت كل جديد وكانت مهتمة بالتعليم وحريصة على التعلم والفهم بالشكل الصحيح»، لافتة إلى أن فقيه تسجلت في معظم الصفوف التي يقدمها البرنامج.
شاوفر –العضو في المجلس الاستشاري لدراسة الكمبيوتر في كلية هنري فورد– كانت قد نصحت فقيه بالتسجيل في «كلية هنري فورد» ومتابعة دراسة البرمجيات، وهو ما حصل بالفعل، لافتة إلى أن الطالبة العربية قد «أنجزت أكثر من أي طالب آخر –ذكراً أم أنثى– في صقل مهاراتها»، مؤكدة أنها «كانت نموذجاً يحتذى به للطلاب الأصغر سناً في برنامج الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا».
وكانت فقيه قد شخصت قبل سنتين من تخرجها بالإصابة بـ«اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة»، وهو نوع من الاضطراب الإدراكي يجعل المصابين غير قادرين على اتباع التعليمات أو السيطرة على تصرفاتهم، كما يواجهون صعوبة في التركيز والاندماج في التعلم ولا يتقيدون بقواعد الفصل الدراسي، ما يؤدي إلى تدهور أدائهم الأكاديمي عادة. لكن الطالبة العربية استطاعت التغلب على أعراض هذا الاضطراب، وحولته من خلال علوم الكومبيوتر والرياضيات، من عائق إلى دافع للتفوق.
وللحصول على منح للدراسة في أرقى الجامعات الأميركية، لا بد للخريجين من أن يكونوا ناشطين اجتماعياً أو رياضياً، وهذا ما تميزت به فقيه من خلال عشقها لرياضة السباحة، إلى جانب لمعانها في مجال البرمجيات.
السباحة شكلت مصدر إلهام آخر في حياة فقيه التي وصفت هوايتها المفضلة بأنها «تصفي ذهنها وتدفعها للتركيز البدني».
وأصبحت فقيه كابتن فريق السباحة في ثانوية فوردسون، كما تعمل كمنقذ في مسبح «دانورث» وفي مسبح «مركز فورد للفنون» في ديربورن. وتقول: «في المحصلة.. الأمر يتعلق بك أنت.. فعليك أن تقرر المدى الذي ستدفع نفسك إليه.. عندما تسبح تكون مع نفسك ومع أفكارك.. إنه سباق بينك وبين نفسك».
في الختام تشكر فقيه دعم والديها اللذين وقفا إلى جانبها وسانداها من خلال «الحب القاسي» تاركين لها حرية الاختيار. وتقول «لقد تطورت في ديربورن بقدر الإمكان.. وإذا أردت أن أتطور أكثر واستكشف المزيد فلن أتمكن من تحقيق ذلك، لا في ديربورن ولا في آناربر»، لافتة إلى أن أسرتها متحمسة جداً لذهابها إلى «جامعة ستانفورد» واكتساب خبرات جديدة لغرض مواصلة شغفها بدراسة علوم الكمبيوتر والبرمجيات.
Leave a Reply