واشنطن – استراتيجية الطاقة الأميركية الجديدة التي تستهدف تحويل الولايات المتحدة الى دولة مصدرة للنفط والغاز خلال السنوات القليلة المقبلة، سيكون لها انعكاسات كبيرة على السوق العالمي.
فقد قالت وكالة الطاقة الدولية إن النفط الصخري الأميركي سيساعد في تلبية معظم الطلب العالمي الجديد على النفط في السنوات الخمس المقبلة حتى في حال ارتفاع نمو الاقتصاد العالمي، مما سيبقي الطلب على نفط دول «أوبك» دون تغيير عن مستوياته الحالية، وسط مخاوف من الدول الأعضاء أن ينعكس ذلك سلباً على أسعار النفط العالمية.
وجاءت توقعات الوكالة في تقريرها النصف السنوي الذي يحلل الاتجاهات العالمية للعرض والطلب في المدى المتوسط. وأضافت الوكالة في تقريرها «بعد نمو أقوى من المتوقع لمعروض أميركا الشمالية على مدى السنوات القادمة، تمتد آثار نمو الإنتاج الأميركي للغاز والنفط الصخريين والرمال النفطية الكندية إلى كل أرجاء سوق النفط العالمية». وقالت المديرة التنفيذية للوكالة ماريا فان دير هويفن في بيان «إن الخبر السار هو أن ذلك يساعد على تعزيز المعروض الذي كان شحيحا نسبيا لسنوات عديدة»، وهو ما يثير مخاوف الدول التي تعتمد معظم ميزانيتها على مصادر الطاقة.
وأدى التوسع في التنقيب عن الغاز في صخور الزيت إلى اكتشاف كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي، تأمل الولايات المتحدة من خلالها في الوصول إلى الاستقلال في مجال الطاقة وصولا الى التصدير.
وقد استطاعت الاكتشافات الأخيرة للغاز زيادة إنتاج الولايات المتحدة بمقدار الثلث منذ 2005. وطبقا لإدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة، فقد وصل الإنتاج من الغاز إلى أعلى مستوى على الإطلاق العام الماضي ليسجل 25,3 تريليون قدم مكعب.
لكن في الأشهر القليلة الماضية بدأ الإنتاج في الانخفاض بسبب هبوط أسعار الغاز الناتج عن الوفرة بالسوق. ولذلك أخذت الشركات المنتجة في السعي للتصدير إلى أوروبا وآسيا حيث الأسعار المرتفعة.
في الوقت ذاته هبطت واردات الولايات المتحدة من النفط العام الماضي إلى أدنى مستوى منذ 1997، في حين شهد الإنتاج المحلي ارتفاعا حادا.
ووفقا لبيانات إدارة معلومات الطاقة فإن مصافي التكرير بالولايات المتحدة اشترت ما يقل قليلا عن 8,5 ملايين برميل يوميا من النفط الأجنبي عام 2012، بانخفاض قدره 440 ألف برميل يوميا بالمقارنة مع 2011، وكان هذا سادس هبوط سنوي في سبع سنوات.
النفط الصخري
النفط الصخري هو نوع من النفط الخفيف، يختلف عن النفط الرملي، قد شهد ثورة ضخمة في انتاجه خاصة في ولاية تكساس الأميركية الغنية بهذا النوع منه، وقد صرح الرئيس باراك أوباما في نهاية العام 2012 عن أن أميركا ستتخطى المملكة العربية السعودية لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم في 2017 بفضل النفط الصخري. وقد اجتمعت منظمة أوبك في كانون الأول الماضي وعبرت عن قلقها من ارتفاع انتاج النفط الصخري الذي يهدد مستقبل الطلب على النفط الخام. ونشرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية منتصف الشهر الماضي، دراسة تشمل خمسة سيناريوات لمستقبل أهمية البترول الصخري للولايات المتحدة. ويشير أكثرها تفاؤلاً إلى إمكان أميركا أن تصبح دولة مصدرة للنفط بحلول عام 2035. كما توقعت الإدارة مطلع الشهر الجاري زيادة إنتاج النفط الخام إلى نحو 8,17 مليون برميل يومياً عام 2014 مع زيادة إنتاج النفط الصخري، وهي المرة الأولى التي يرتفع فيها معدل إنتاج النفط الأميركي عن 8 ملايين برميل يومياً منذ العام 1988.
يذكر أن المعطيات المتوافرة تشير إلى احتياطي من النفط الصخري في أميركا يبلغ نحو 200 مليار برميل، إضافة إلى احتياطات الغاز الصخري، هذا مع العلم أن عمليات الاستكشاف في توسع مستمر.
أما بالنسبة للغاز، فقد أبدى الرئيس باراك اوباما تأييده لتشييد مصانع لتسييل الغاز من أجل تصديره، كما أنه تكلم علناً عن دور إنتاج الطاقة الجديد في سياسة الأمن القومي. فقد ذكر مؤخراً في خطاب أثناء زيارته كوستاريكا، أنه في صدد اتخاذ قرار حول احتمال تصدير الغاز المسال أم لا، وقال: «في حال اتخاذ هذا القرار، أؤكد لكم أننا سنبدأ بالنظر إلى انخفاض كلفة الإنتاج في وسط القارة الأميركية وجنوبها». أي أن أسعار الغاز الأميركي أقل سعراً من بقية صادرات الغاز العالمية، بسبب طريقة مقارنة سعر الغاز بأسعار البدائل الشبيهة المتوافرة في الولايات المتحدة، ما يعني أن كلفة الإنتاج الصناعي ستنخفض في الدول المستوردة.
Leave a Reply