في إطار حراك وطني للحد من انتشار الأسلحة
حسن خليفة وفرح حرب – «صدى الوطن»
في ذكرى مرور شهر على مجزرة ثانوية فلوريدا، غادر –صباح الأربعاء الماضي– عشرات الآلاف من طلاب المدارس الثانوية، صفوفهم الدراسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة للمطالبة بتشديد قوانين السلاح لحماية أمن المدارس والمجتمع الأميركي.
ومن شرق البلاد إلى غربها غادر الطلاب صفوفهم الدراسية في تمام الساعة العاشرة صباحاً، ولمدة 17 دقيقة، في إشارة إلى ضحايا إطلاق النار الجماعي في ثانوية مارجوري ستونمان دوغلاس في مدينة باركلاند بولاية فلوريدا، 14 شباط (فبراير) الماضي.
وناف عدد الفعاليات الاحتجاجية الطلابية عن 2500 إضراب طلابي في مختلف الولايات الأميركية، بحسب «مجموعة إمبارور»، وهي الفرع الشبابي لمجموعة «مسيرة النساء»، والتي قامت بتوجيه الطلاب الراغبين في الانضمام إلى الحراك الوطني.
وقد شاركت ٨٥ مدرسة ثانوية في ولاية ميشيغن بحسب صحيفة «ديترويت فري برس»، بما فيها ثانويات مدينة ديربورن الثلاث التي شارك طلابها بكثافة في الفعالية الاحتجاجية.
وتنشد المبادرة الوطنية تكريم ضحايا ثانوية فلوريدا ومطالبة المشرعين بإقرار قوانين أكثر صرامة لاقتناء وحمل السلاح الذي يعتبر حقاً محمياً بموجب التعديل الثاني من الدستور الأميركي.
وشملت مطالب المحتجين حظر الأسلحة الهجومية إلى جانب توسيع عمليات التحري حول الراغبين باقتناء الأسلحة، إضافة إلى رفض أي تحرك قانوني «لحماية المدارس بمزيد من الأسلحة»، في إشارة إلى دعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تسليح المعلمين المؤهلين بعد إخضاعهم لتدريبات مكثفة.
وقد شاركت العديد من المناطق التعليمية في تنظيم الاحتجاجات في الترحيب بالمبادرة وطمأنت طلابها بأنهم لن يتعرضوا للعقاب بسبب مغادرة صفوفهم، فيما عارضت مناطق تعليمية أخرى الانخراط «للحفاظ على سلامة الطلاب» و«عدم الإخلال ببرنامج اليوم الدراسي».
مشاركة كثيفة في ديربورن
ورغم برودة الطقس، انضم طلاب ثانويات «فوردسون» و«ديربورن هاي» و«أدسل فورد» إلى الفعالية الاحتجاجية، مرتدين قمصاناً كتب عليها شعار الحملة «كفى»، كما رفعوا لافتات كتبت عليها عبارات متعددة، مثل «17 دقيقة، 17 ضحية» و«لا مكان للخوف في مدارسنا».
وفي السياق، قامت مجموعة من طلاب ثانوية «كريستوود» في ديربورن هايتس بتشكيل كلمة «كفى» بأجسادهم، مع رمز «هاشتاغ».
وأفاد منظم الوقفة الاحتجاجية في ثانوية «ديربورن هاي» آدم بزي إلى أن 80 بالمئة من طلاب الثانوية قد شاركوا بالإضراب الذي تخللته تلاوة أسماء ضحايا مجزرة ثانوية فلوريدا بواقع اسم في كل دقيقة، وقال «أعتقد أننا –نحن الطلاب– قد قمنا بإيصال الرسالة وأتمنى أن تُسمع أصواتنا». وأضاف «نريد أن نحقق شيئاً بخصوص أمن مدارسنا وجوارها».
وأشارت ريما سعد، وهي طالبة من ثانوية «فوردسون»، إلى أن «حادثة ثانوية فلوريدا هي واحدة من مئات حوادث إطلاق النار الجماعي التي شهدناها في الولايات المتحدة على مدار عدة سنوات»، وقالت «منذ بداية 2018، وقعت 18 حادثة وهذا أمر مأساوي.. نحن بحاجة للتغيير وبحاجة إلى إصلاح قوانين السلاح والتحقق من خلفيات حامليها».
تسليح المعلمين
«صدى الوطن» قامت باستمزاج آراء الطلاب حول مسألة مقترح الرئيس دونالد ترامب بتسليح المعلمين في المدارس للحد من حوادث إطلاق النارالجماعي، وووقفت على آراء متباينة في هذا الشأن، إذ رفض طالب –فضل عدم الكشف عن اسمه– هذه الفكرة من أساسها، وقال مازحاً «لست محبوباً من قبل معلمي.. وإذا أعطي سلاحاً فربما يطلق النار عليّ»، لكن طالبة أخرى –فضلت أيضاً عدم الكشف عن هويتها– أبدت عدم ممانعتها للمقترح وقالت «لا أمانع تسليح المدرسين طالما أنهم مدربون».
المشرف العام على مدارس ديربورن العامة غلين ماليكو كان حاضراً في احتجاج ثانوية «ديربورن هاي»، وأكد لـ«صدى الوطن» بأن إدارة المنطقة التعليمية ليست منخرطة في تنظيم الاحتجاجات، وقال «كما تعلمون نحن لا نشارك في تنظيم هذه الفعالية ولكن ما نفعله هو السماح للطلاب بممارسة حقهم بحرية التعبير حسب التعديل الأول في الدستور الأميركي». أضاف «حين سمعنا بهذه المبادرة قلنا إننا سنؤمن سلامة الطلاب.. نحن ندعم سلامتهم وأمنهم وهذا هو السبب في أنني متواجد هنا».
وعبر ماليكو عن فخره بطلاب المنطقة التعليمية في ديربورن، وقال «أعتقد أنه سيكون لدينا مستقبل مشرق في هذا البلد بالرغم من بعض المصاعب، فبعض الطلاب يقولون إنهم يرغبون بالتوجه للعمل في الشأن العام.. والبعض منهم ممن ناهز ١٨ عاماً يتوقون من الآن للترشح إلى المناصب الحكومية»، مشيراً إلى أن ذلك يجعله يعزز قناعته بأن «لدينا مستقبل واعد».
الحملة مستمرة
وفي الوقت الذي كان فيه طلاب المدارس الثانوية يتظاهرون احتجاجاً على مجزرة ثانوية فلوريدا، وافق مجلس النواب الأميركي على إنفاق المزيد من الأموال على أجهزة الكشف الماسحة وغيرها من الإجراءات الأمنية في المدارس. وبأغلبية 407 صوتاً مقابل 10 أصوات تم التشريع لرصد ما بين 50 إلى 75 مليون دولار سنوياً، بين العامين 2019 و2028 على برامج التدريب والأمن والسلامة المدرسية.
وفي 24 آذار (مارس) الجاري، سينظم احتجاج آخر في مختلف أنحاء الولايات المتحدة تحت عنوان «مسيرة من أجل حياتنا» وسوف تحتضن العاصمة واشنطن أبرزها. وقد ساعد طلاب في ثانوية مارجوري ستونمان دوغلاس، في تنظيم المسيرة من أجل الضغط على الكونغرس لتبني قوانين حيازة أسلحة أكثر صرامة.
كما ستنظم الحملة أيضاً إضراباً آخر في ٢٠ نيسان (أبريل) القادم تخليداً لذكرى ضحايا ثانوية كولومباين بولاية كولورادو عام ١٩٩٩، والتي كانت أول مجزرة تقع في المدارس الأميركية.
وكان البيت الأبيض أعلن في وقت سابق عن خطة بشأن تعزيز أمن المدارس في البلاد، ولكنها لا تشمل رفع السن الأدنى لشراء الأسلحة النارية من 18 إلى 21 عاماً، وهو ما تطالب به الحملة الطلابية (تفاصيل ص ١٤).
يُشار إلى أن «الجمعية الوطنية للبنادق» (أن آر أي) رفعت دعوى قضائية ضد ولاية فلوريدا بعد أن أقرت قانوناً جديداً لمكافحة الأسلحة، زاعمة أنه يشكل انتهاكاً دستورياً (تفاصيل ص ١٢)، فيما يدرس المشرعون في ميشيغن مقترحاً بسن قوانين مماثلة لحماية أمن المدارس من ضمنها تدريب المعلمين المؤهلين لحمل السلاح.
Leave a Reply