صنعاء – بعد حوالي شهرين على توقيع المبادرة الخليجية لنقل السلطة في اليمن وما صاحب هذه الفترة من تظاهرات احتجاجية طالبت بمحاكمة أركان النظام اليمني وفي مقدّمهم الرئيس المنتهية ولايته علي عبد الله صالح، غادر الأخير صنعاء الأسبوع الماضي حاملا “الحصانة القضائية الكاملة” التي أقرها مجلس النواب التزاماً ببنود اتفاق الرياض، وذلك بعدما ودّع اليمنيين بكلمة طلب فيها “العفو من أبناء الوطن” وقدّم الاعتذار لهم، لكن ذلك لم يمنع آلاف اليمنيين من الاحتجاج في صنعاء ضد قانون الحصانة وطالبوا بمحاكمة صالح على جرائم قالوا إنه ارتكبها طيلة فترة حكمه.
وشككت جماعات معارضة لم تشارك في اتفاق نقل السلطة، في سلطة البرلمان للموافقة على قانون الحصانة. وقال مانع المطري وهو زعيم لجنة شكلها شبان قادوا الاحتجاجات ضد حكم صالح “سنستمر في التظاهرات والاحتجاجات حتى تحقيق المطالب كافة التي خرجنا من أجلها، وهذا البرلمان غير شرعي ونحن متمسكون بالقانون الدولي”.
وقال مسؤولون يمنيون إن صالح غادر مطار صنعاء الى سلطنة عمان، حيث سيتوجه منها الى الولايات المتحدة للعلاج. وجاءت مغادرة صالح للبلاد غداة إقرار مجلس النواب قانونا يمنح “الحصانة الكاملة” لصالح وموافقته على تزكية نائبه عبد ربه منصور هادي مرشحاً توافقياً للانتخابات الرئاسية المقرر ان تجري في 21 شباط (فبراير) المقبل. كما وافق المجلس على منح معاوني الرئيس حصانة جزئية.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) عن صالح قوله في كلمة وداع “سأذهب للعلاج في الولايات المتحدة الأميركية وأعود إلى صنعاء رئيساً للمؤتمر الشعبي العام وننصب الأخ عبد ربه منصور هادي رئيساً للدولة بعد 21 شباط في دار الرئاسة”. وأضاف صالح “أطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساء عن أي تقصير حدث أثناء فترة ولايتي، واطلب المسامحة وأقدم الاعتذار لكل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحانا”. وتابع “مرة ثانية تحياتي وتقديري لكل أبناء الوطن في الداخل والخارج على الصمود الرائع وأدعوهم إلى العودة إلى مساكنهم والتزام الهدوء”.
ومُنح صالح (حكم اليمن منذ 33 عاماً)ً “الحصانة التامة من الملاحقات القانونية والقضائية”، بحسب نص القانون، الا ان “المسؤولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والامنية” سيحظون بحصانة من “الملاحقة الجنائية في ما يتصل بأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها اثناء ادائهم لمهامهم الرسمية”، فيما لا تنطبق الحصانة لمساعدي صالح “على أعمال الارهاب” بحسب النص.
وفيما رحّب مبعوث للأمم المتحدة الى اليمن جمال بن عمر بتعديل القانون، معتبراً في الوقت نفسه “أن نطاق القانون لا يزال واسعاً لأنه يمنح الحصانة من بعض الجرائم ضد الإنسانية”، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي إنه ربما ينتهك القانون الدولي.
ويشكل إقرار قانون الحصانة خطوة هامة في إطار تطبيق الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية بعد تشكيل حكومة الوحدة وتشكيل اللجنة العسكرية لرفع المظاهر المسلحة والدعوة لانتخابات مبكرة. وبموجب المبادرة، بات نائب الرئيس يمسك بالسلطات التنفيذية الأساسية لرئيس الجمهورية الى ان يتم انتخابه رئيساً خلفاً لصالح.
وكان الرئيس اليمني أصدر قبل مغادرته البلاد قراراً جمهورياً بترقية نائب رئيس الجمهورية من رتبة فريق إلى رتبة مشير. وجاء ذلك بعد إقرار مجلس النواب تزكية هادي بإجماع الأصوات كمرشح توافقي وحيد للانتخابات الرئاسية المبكرة.
Leave a Reply