جنيف، عواصم – تفاؤل كبير وغموض أكبر يلف المفاوضات الجارية في جنيف حول الملف النووي الإيراني، وسط تقارب أميركي-إيراني «مقلق» للإسرائيليين تحديداً. وإذا نالت طهران تعاطف المفاوضين بعد الإعتداء الإرهابي على سفارتها في بيروت، إلا أن إنجاز الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة الدول الست «5+1» يكمن في تفاصيل النص الذي استنزف المفاوضين يوم الخميس الماضي، وسط توقعات باستمرار المحادثات حتى يوم السبت (بعد صدور هذا العدد). ورصدت مصادر دبلوماسية استعدادات لوجستية في جنيف لاحتمال تمديد المفاوضات حتى يوم السبت، ٢٣ الجاري، ما أثار التكهنات مجدداً حول امكان حضور وزراء الخارجية المخولين وحدهم توقيع اتفاق. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى لـ«رويترز» إن محادثات جنيف ترمي إلى ضمان أن برنامج إيران «لا يتقدم بل ويتراجع في بعض الحالات» بهدف إتاحة الوقت أمام المفاوضات بشأن تسوية نهائية للنزاع المستمر منذ عشر سنوات. وانضمام كيري الى مفاوضات «جنيف 3»، يمكن أن يكون مؤشراً لتقدم المفاوضات ولو على نحو ضئيل.
ظريف وآشتون في جنيف |
وفيما لا تزال تفاصيل النص الذي يجري التفاوض بشأنه في جنيف سرية، يبدو أنه يركز في الأغلب على وقف تخصيب اليورانيوم لدرجة أعلى وإنهاء تهديد تلك المواد.
من ناحيته، أعلن كبير المفاوضين الايرانيين، عباس عراقجي، أن اليوم الثاني (الخميس الماضي) من المفاوضات في جنيف لم يشهد أي تقدم. وأعلن نائب وزير الخارجية أن هناك خلافات في وجهات النظر حول مسائل جدية في المفاوضات. وقال عراقجي للصحفيين الإيرانيين عقب اللقاء الثنائي بين وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف والمفوضة العليا لشؤون السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي، كاثرين آشتون، الذي استمر لثلاث ساعات «إن إحدى مسائل الخلاف الرئيسية تخص استمرار تخصيب اليورانيوم على الاراضي الايرانية»، مؤكدا أن طهران لن تقبل باتفاق يحرمها حق تخصيب اليورانيوم، كما اعتبر أن واحداً من العوائق الكبيرة في عملية المفاوضات هو الشعور بعدم الثقة عند المفاوضين الايرانيين الذي ولد خلال المرحلة السابقة من المفاوضات بسبب عدم وجود موقف مشترك لدى ممثلي السداسية.
هذا ونقل صحفيون عن دبلوماسيين ايرانيين مقربين من الوفد الايراني المفاوض قولهم: ان المفاوضات صعبة، لكنها بناءة، وأضافوا: إن ممثلي الدول الأكثر تشددا في السداسية قد بدأوا يستمعون بشكل أكثر تفهما للطروحات الإيرانية.
وفي طهران، جدّد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي التأكيد على الخطوط الحمر لطهران في الملف النووي، قائلاً «أبلغنا المسؤولين الإيرانيين أن هناك خطوطاً حمر يجب أن تُراعى»، معلناً في الوقت نفسه دعمه للحكومة في إدارتها لشؤون البلاد.
خامنئي، وفي خطاب له أمام قوات التعبئة في الحرس الثوري الإيراني، أصر على ضرورة الحفاظ على حقوق الإيرانيين النووية وعدم التراجع قيد أنملة عن حقوق الشعب . وقال «إن الشعب الإيراني لن يستسلم أمام الضغوطات، متوجهاً إلى من أسماها «قوى الاستكبار العالمي» بالقول «الشعب الإيراني سوف يصفعكم إذا أقدمتم على عمل ما ولن تنسوا هذه الصفعة».
بدوره أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام مجلس الوزراء أن إيران لن تتخلى عن حقوقها نهائياً، مضيفاً «أن مطالب البعض غير المبررة في المحادثات السابقة حالت دون الوصول إلى نتيجة».
دولياً، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب محادثاتهما في موسكو يوم الاربعاء الماضي وجود إمكانية لتحقيق حل مقبول للجميع في مفاوضات جنيف، وأعرب بوتين عن أمله في نجاح هذه المفاوضات، مؤكدا أن روسيا تنظر بتفاؤل الى هذه العملية.
وبدوره، اقترح نتنياهو تسوية القضية الإيرانية مثل قضية السلاح الكيميائي السوري. ولفت الى أن المجتمع الدولي ما كان بإمكانه أن يوافق على سيناريو يقضي بإتلاف جزء فقط من الأسلحة الكيميائية السورية أو الإبقاء على البنية التحتية لصنعها. وشدد نتنياهو على أن اسرائيل تهتم بتسوية القضية الايرانية سلميا، لأن إسرائيل ستتضرر اكثر من أي آخر في حال عدم التوصل الى هذا الحل، وأشار الى أن محاولات إيران لتطوير سلاح نووي تمثل خطرا على أمن اسرائيل وأمن المنطقة.
وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد قال الأربعاء الماضي إنه من غير الواضح ما إذا كانت القوى الكبرى ستتوصل لاتفاق مع إيران. وأشار أوباما إلى أن أي اتفاق مقترح مع طهران يجب أن يحظى بقبول حلفاء متشككين كإسرائيل. وأضاف أن الاتفاق المقترح سيسمح برفع محدود للعقوبات الاقتصادية على طهران.
وكان نتنياهو قد أعلن أن كيري سيزور إسرائيل يوم الجمعة لمناقشة الملف النووي الإيراني وقضايا أخرى.
ونقلت صحيفة «فورورد» اليهودية الأميركية عن السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة اعتمار رابينوفيتش قوله إن إسرائيل أصبحت في نظر العديد من الأميركيين وحتى داخل الكونغرس جهة «مثيرة للاضطرابات» وهو أمر يدفع الأميركيين إلى النأي بأنفسهم عن إسرائيل، مشيرا إلى أن نتائج بعض استطلاعات الرأي العام الأميركي السلبية تجاه إسرائيل حيث تظهر أن جيل الشباب الأميركي لا يريد التورط مع إسرائيل بعد الآن.
وعشية استئناف المفاوضات دعا أوباما الأعضاء الأكثر نفوذاً في مجلس الشيوخ الأميركي، الثلاثاء الماضي، الى البيت الأبيض لحضهم على عدم تشديد العقوبات على إيران ما دامت المفاوضات مستمرة في جنيف. والتقى اوباما أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين يرأسون اللجان الاربع المعنية في مجلس الشيوخ، وهي الشؤون الخارجية والدفاع والاستخبارات والمصارف.
Leave a Reply