الاعتداء على القوات الدولية حرب «القاعدة» ضد «الصليبيين»
في الوقت الذي كان اللبنانيون منشغلون في ازمتهم الداخلية، وما سيحمله العرب من حل لها، جاءتهم من الجنوب رسالة دموية عبر استهداف ثالث للقوات الدولية، خلال ستة اشهر بتفجير عبوة ناسفة في سيارة ايرلندية، وبعيداً عن منطقة عمل هذه القوات، اذ حصل الاعتداءان السابقان في سهل مرجعيون ضد دورية اسبانية وقتل ستة من افرادها في حزيران الماضي، وكان هذا هو الاعتداء الاول ضد قوات الطوارئ بعد حوالي عام على انتشارها جنوب الليطاني مع الجيش اللبناني، ووقع الاعتداء الثاني ضد دورية تانزانية قرب نهر القاسمية وجرح جنديان منها.وفي الاعتداءين الاول والثاني، تم اعتقال متورطين بهما من قبل الاجهزة الامنية اللبنانية، وتبين انهم ينتمون الى تنظيمات اصولية فلسطينية حيث ذكرت المعلومات الامنية، ان الاشخاص الذين اعتدوا على الدورية التانزانية، هم من مخيم الرشيدية، ولهم ارتباطات مع «جند الشام» التنظيم الفلسطيني الاصولي المنتشر في مخيم عين الحلوة والذي شاركت عناصر منه في معارك مخيم نهر البارد، وان احد المسؤولين فيه «ابو هريرة» قتل في طرابلس على يد دورية لقوى الامن الداخلي.ولا تستبعد مصادر امنية ان تكون عناصر اسلامية اصولية، وراء الاعتداء على الدورية الايرلندية التي كانت قادمة من بيروت الى الجنوب، وتم تفجيرها في منطقة الرميلة بالقرب من صيدا، بعبوة ناسفة موجهة ضد سيارتها، وهو الاسلوب الذي استخدم في اعمال تفجير سابقة استهدفت شخصيات لبنانية، ومنها محاولة اغتيال المقدم سمير شحادة الضابط في فرع المعلومات التابع لقوى الامن الداخلي.ولم يخف تنظيم «القاعدة» الاعلان عن انه سيهاجم القوات الدولية، بعد انتشارها في ايلول الماضي اثر العدوان الاسرائيلي على لبنان في صيف 2006، وخرج الرجل الثاني في هذا التنظيم ايمن الظواهري، ووجه رسالة تلفزيونية مباشرة، اكد فيها بدء الجهاد ضد «القوات الصليبية» التي انتشرت في جنوب لبنان، وتقف سداً لمنع وصول المقاومين الى فلسطين لتحرير المقدسات من اليهود. وكان كل اعتداء على قوات الطوارئ الدولية، يسبقه اطلاق صواريخ «الكاتيوشا» على المستعمرات الاسرائيلية، ومجهولة المصدر، ولم تكشف التقارير الامنية عن الجهات التي تقف وراءها بعد ان اعلن «حزب الله» انه ليس معنياً بهذا الموضوع، وهو ملتزم بالقرار 1701.وادى سقوط صاروخي «الكاتيوشا» على مستوطنة شلومي، وقبل ساعات من الاعتداء على دورية القوات الدولية في الرميلة، الى خلق بلبلة داخل الكيان الصهيوني، اولاً بسبب التباين في الاراء داخل صفوف القادة السياسيين والعسكريين، حيث ذكرت المعلومات بأن الصاروخين من مخلفات حرب تموز، فيما اعلن وزير الدفاع ايهود باراك ان الصاروخين اطلقا من لبنان، وحمّل الحكومة مسؤولية الحادث الذي وصفه بالخطير، ورفع من حالة الاستنفار في صفوف القوات الاسرائيلية.ومع توجيه باراك تحذيره للبنان، فان قيادات اسرائيلية رسمية وفي المعارضة، اعلنت ان الحرب على لبنان كانت فاشلة، ومازالت صواريخ «الكاتيوشا» تهدد اسرائيل ليس من «حزب الله» بل من تنظيمات صغيرة لم تحددها. الا ان اللافت في التطورات الامنية في لبنان، هو ظهور مسؤول تنظيم «فتح الاسلام» شاكر العبسي، الذي ذكرت قوى الامن الداخلي انه قتل في معارك مخيم نهر البارد، ودار لغط حول وفاته، حيث اكدت زوجته ان جثة العبسي تعود لزوجها، وكذلك اعلن شقيقه من الاردن، الا ان لغز العبسي بقي غامضاً، الا ان تم توزيع تسجيل صوتي له، هدّد فيه قيادة الجيش وتحديداً العماد ميشال سليمان بأنه سينال منه ومن الجيش الذي وصفه بـ«الصليبي»، وان ترشيح سليمان لرئاسة الجمهورية كان ترضية له من الرئيس الاميركي جورج بوش لخوضه معارك نهر البارد ضد «فتح الاسلام».وقد توقف المراقبون امام رسالة العبسي، وطالبوا بضرورة معرفة حقيقة ما حصل له، وهل هو صحيح انه موجود في مخيم عين الحلوة، كما ذكر قبل فترة امين عام الجبهة الشعبية – القيادة العامة احمد جبريل، وهل تهديده الاخير سيكون مقدمة لقيادة الجيش للطلب من المنظمات الفلسطينية البحث عنه وتسليمه للسلطات الامنية.وجاء التهديد الذي قيل انه بصوت العبسي ضد الجيش اللبناني، لاستعادة عملية اغتيال مدير العمليات في قيادة الجيش اللواء فرنسوا الحاج، وما اذا كانت الجريمة مرتبطة بالتهديد الاخير للعبسي، وقد كشفت مخابرات الجيش انها توصلت الى معرفة الاشخاص الذين اشتروا السيارة التي انفجرت باللواء الحاج وهم من مخيم عين الحلوة، وقد جرت عمليات اعتقال في صفوف عناصر اسلامية في الجنوب والبقاع، تبين ان بعضهم ينتمي الى «جند الشام»، مما يشير الى ان هذا التنظيم قد يكون وراء اغتيال الحاج، كما وراء العبوات الناسفة ضد القوات الدولية، كذلك اطلاق صواريخ «الكاتيوشا».وهذا التطور الامني الخطير، يكشف ان تنظيم «القاعدة»، ومن خلال حركات اسلامية متعددة، اصبح له حضور في لبنان، بعد ان نقل نشاطه الفعلي اليه، مع اعلان الظواهري انه تحول الى ارض جهاد وليس ارض رباط، ومنه بدأت المعركة ضد القوات الدولية او القوات الصليبية كما يطلق الوصف عليها، كما ضد الجيش اللبناني الذي يشاركها الامن في الجنوب.
Leave a Reply