سامر حجازي – «صدى الوطن»
منذ أكثر من أسبوعين، تعيش عائلة الميالي العراقية فـي مدينة ديربورن فـي حالة من الصدمة والقلق المضني جراء عدم معرفتها مصير ابنها الشاب سجاد الميالي (24 عاماً) الذي اختفى بطريقة غامضة تفتقر لأية خيوط يمكن أن تقود لتبرير غيابه المحير، حيث أخفقت جميع محاولات الشرطة فـي إيجاد أي أثر يمكن أن يحدد مصير الشاب.
وفـي التفاصيل، فإن الميالي كان قد شوهد للمرة الأخيرة وهو يغادر منزله، حوالي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء الواقع فـي 5 كانون الثاني (يناير) الماضي، وكان يرتدي بدلة رياضية خضراء اللون.
وفـي مساء اليوم نفسه قامت عائلة الميالي التي ساورها الشك والقلق من تأخر عودته بإبلاغ شرطة ديربورن باختفاء ابنها، كما قام أفراد العائلة بالبحث عن سجّاد، وفـي اليوم التالي تمكن شقيقه ضياء من العثور على سيارته مركونة فـي جزيرة «بيل آيل» بنهر ديترويت، وهي سيارة سوداء من نوع «فـيوجن» موديل العام 2006، وأفاد عناصر الأمن فـي الجزيرة الترفـيهية أن السيارة باتت ليلتها هناك.
لكن العثور على سيارة سجّاد زاد الأمور تعقيداً.
فقد لوحظ أن أغراضه الشخصية، بما فـيها محفظته التي تحتوي بطاقات ائتمان (كرديت كارد) ومجوهرات إضافة إلى المفاتيح موجودة داخل السيارة المقفلة الأبواب، ولا وجود لأي إشارات تدل على أن عراكاً قد حدث داخل السيارة أو حولها، بحسب المحققين. وتوجه ضياء الى جزيرة بيل آيل لعلمه بتردد أخيه سجّاد الدائم اليها، حيث كان يمارس رياضة المشي على شاطئ النهر والتمتع بالأجواء الطبيعية الهادئة هناك.
لا خيوط
شرطة ديربورن وشرطة ولاية ميشيغن، وبالمشاركة مع مبادرات من المجتمع المحلي، بذلت جهوداً مشتركة لتقصي أية خيوط يمكنها أن تقود لمعرفة مصير الشاب المفقود، بما فـيها التحقيقات فـي ممتلكاته الشخصية، حيث تمت مصادرة جهازي كمبيوتر (لابتوب وآيباد) عائدين له، إضافة إلى مراجعة سجل «الكريدت كارد» الذي أظهر أن سجّاد قام يوم اختفائه بشراء بعض الأوزان الرياضية من متجر «سبورت أوثوريتي»، فـيما كانت باقي عمليات الشراء طبيعية.
ويوم الجمعة 8 كانون الثاني (يناير) الماضي، أطلقت حملة تفتيش ضخمة للبحث عن آثار الميالي على جزيرة «بيل آيل»، ولم تفضِ الحملة -التي شارك فـيها سكان محليون وموظفون فـي وزارة الموارد الطبيعية فـي ميشيغن- إلى أية نتائج يمكن أن تفسر غياب الميالي.
كما أطلقت عملية بحث واسعة على طول شاطئ نهر ديترويت شاركت بها الزوارق والطيارات بدون طيار (درون)، وبدورها لم تتمكن من رصد أي شيء غير طبيعي.
وبحسب عائلة الميالي، فإن المحققين يقومون بمراجعة التسجيلات المصورة بكاميرات محطة الوقود ومقهى «تيم هورتونز» التي تلتقط السيارات الداخلة إلى الجزيرة والخارجة منها. يذكر أن آخر حالة اختفاء على الجزيرة كانت قد سجلت فـي شهر تموز (يوليو)، العام الماضي، إثر انقلاب قارب وقد تمكن المحققون من إيجاد جثة الغريق بعد يومين من الحادث.
وبرغم عمليات البحث والتحقيق الموسعة والمكثفة التي لم تتوصل إلى أية نتيجة، فإن عائلة الميالي تستبعد أن يكون ابنها قد قام بالانتحار، خاصة وأنه لم يتم العثور على جئة، وليس لديها فـي الوقت نفسه أية فكرة أو تفسير لما جرى.
ويؤكد أفراد العائلة أن سجّاد شخص متدين وروحاني وأنه كان صائماً فـي اليوم الذي اختفى فـيه، وبغياب أي تفسير أو قرائن مع استبعادهم لانتحاره، فإنهم حائرون جراء هذه المأساة.
وقال شقيقه ضياء: «لا نعرف ماذا حدث له.. لا نعرف إن كان قد هرب أو انتحر.. لا نعرف بماذا نفكر.. لا يوجد شيء.. إن أكثر ما يؤلمنا هو غياب الأجوبة».
شائعات
وكانت شائعات قد انتشرت فـي مجتمع الجالية العربية فـي ديربورن بعيد اختفاء سجّاد الميالي، وإحداها تقول إن الشاب قد قرر الابتعاد عن المنطقة عمدا، خاصة وأنه كان قد اقترح قبيل اختفائه على عائلته الانتقال إلى ولاية أريزونا، ولكن والده رفض العرض بسبب عدم استقرار العائلة المالي الذي يتيح لها ذلك النوع من الانتقال.
وفـي الوقت ذاته، أشيعت أقاويل أخرى تدعي أن المفقود كان يتاجر بالمخدرات ومن المحتمل أنه كان منخرطا مع أشخاص سيئين، ولكن عائلته تدحض هذه الشائعات وتؤكد أنها ملفقة وغير صحيحة.
شائعات أخرى تقول إن الشاب غير مستقر نفسياً، وفـي هذا الخصوص أكد شقيقه ضياء أن أخاه كان يعاني من اضطراب نفسي (ثنائي القطب) خلال السنوات السابقة وكان يخضع للعلاج ويواظب على مراجعة الطبيب المختص، وأشار إلى أن المفقود كان متوفقا عن أخذ الدواء قبل فترة من اختفائه.
وأضاف «كان يأخذ نفس الدواء لمدة أربع أو خمس سنوات، وكان قد توقف عن أخذه قبل شهر من اختفائه. فـي أوقات سابقة قد توقف عن أخذ الدواء ولكن لم يحدث شيء كهذا».
وشددت عائلته على أنه كان شخصاً مسالماً مع نفسه ومع الغير وقال شقيقه «إنه شخص متدين جدا ومسالم.. لا نعرف كيف نتصرف حيال هذا الأمر».
التحقيقات مستمرة
أحد زملاء الدراسة السابقين وصف الميالي بأنه كان «شخصاً محبوباً وله شعبية» فـي أيام الثانوية. وقال «كان شخصاً ودوداً للغاية.. كان منفتحاً وميالاً لرياضة الملاكمة ولم تكن لديه مشكلة مع أي شخص وكان لديه أصدقاء كثر».
لكن ضياء أكد أن دائرة أصدقاء سجاد المدرسيين اختفت تقريباً بعدما أنهى دراسته الثانوية وأضاف أنه فـي السنوات الأخيرة كان يقضي معظم وقته مع نفسه ولم يكن لديه أصدقاء كثيرون. ولفت ضياء الى أن أخاه لم يتصل بصديقه الأقرب اليه لعدة أيام سبقت اختفاءه الغامض.
وبالإضافة التي التحقيقات التي تتابعها شرطة ديربورن وشرطة الولاية، فإن عائلة الميالي استأجرت محققاً خاصاً وأعلنت عن جائزة مالية لمن يدلي بأية معلومات يمكن أن تفـيد البحث عن الشاب المختفـي، كما يتطلع المحققون فـي الولاية الى استخدام فريق من الكلاب المدربة يتألف من 28 كلبا لتمشيط جزيرة «بيل آيل» للبحث عن أي خيط يؤدي الى اكتشاف مصير الشاب.
لمن لديه أية معلومات حول اختفاء الشاب الميالي يمكنه التواصل مع المحققين عبر الرقم 2485845740 أو التواصل مع شقيقه ضياء على الرقم 3134455735
Leave a Reply