ديربورن – خاص «صدى الوطن»
في منزل العائلة بديربورن والى جانب أطفالها الخمسة (ابنان وثلاث بنات) تستضيف ميسون أبو عمارة، وزوجها محمد، الطالبة الفلسطينية أسيل (١٦ عاماً) في إطار برنامج التبادل الطلابي الذي تموله وزارة الخارجية الأميركية والذي أتاح لأسيل التسجيل في «ثانوية فوردسون» حيث ستتم عامها الدراسي في الصف العاشر.
وعن ظروف اقامة أسيل مع عائلتها، تقول ميسون أبو عمارة إن أسيل أصبحت جزءاً من الأسرة «وواحدة من أطفالنا الستة»، وقد احتفلت الأسرة مؤخراً بعيد ميلادها السادس عشر في وسط عائلي بهيج.
وبفضل إجادتها للغة الإنكليزية تمكنت أسيل من التكيف سريعاً مع محيطها الجديد الذي يتميز أصلاً بوجود جالية عربية كبيرة، ولكن ذلك لم يمنع الطالبة الفلسطينية من التفاعل مع الثقافة الأميركية حيث شاركت منذ قدومها الى الولايات المتخدة الصيف الماضي في العديد من المناسبات، مثل عيد الهالوين وعيد الشكر. أما خلال فترة راحتها فتحب أسيل أن تذهب إلى «المول» للتسوق من متجرها «فُور أفر ٢١».
ولم تحصر أسيل نشاطاتها في بيت الأسرة المضيفة ومنطقة ديترويت، فقد زارت العاصمة واشنطن، حيث حضرت على مدى أسبوع كامل ندوة تدريبية مع غيرها من الطلاب الأجانب الذي قدموا الى الولايات المتحدة ضمن برامج التبادل الطلابي قبل أن يتوزعوا في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
كما زارت أسيل مدينة الألعاب «سيدر بوينت» في ولاية أوهايو، حيث قضت الأسرة عطلة نهاية أسبوع عيد الهالوين، كما قامت بزيارة عمها في شيكاغو قبل أن تعود الى ديربورن لإتمام عامها الدراسي في ثانوية «فوردسون» حيث حصلت في الفصل الأول على معدل 3.6 (جي <ـي أي).
تقول أسيل إن وجودها هنا في الولايات المتحدة بدأ بمزحة مع أصدقائها فهي لم تكن تتصور أنه سيتم اختيار اسمها من بين الأسماء المسجلة في إطار برنامج التبادل الطلابي الذي أطلقته وزارة الخارجية الأميركية بعد احداث «١١ أيلول» بهدف بناء جسور التفاهم بين الطلاب في الشرق الأوسط وطلاب الولايات المتحدة.
ولم يتم قبول طلب أسيل للإنخراط في برنامج التبادل الطلابي المعروف اختصاراً بـ«يس» إلا بعد ثمانية اشهر من تسجيل اسمها، حيث خضعت خلال هذه المرحلة لمقابلات مكثفة وتحريات ولكن ظلت المشكلة الأكبر أمام انتقال أسيل الى الولايات المتحدة هي العثور على أسرة مستعدة لاستضافتها.
وفي هذا الصدد تقول ميسون، وهي عضو مجلس إدارة «صندوق إغاثة أطفال فلسطين»، «لقد كان أمراً مفاجئاً بالنسبة لي.. فلم أكن قد تهيأت له، لكن القائمين على البرنامج الطلابي اعتقدوا اني الشخص المناسب لاستضافة أسيل».
ويقول محمد إنه وزوجته ميسون كانا يبحثان على تبني أو توفير المأوى لطفل، لذلك شجع ميسون على قبول استضافة الطالبة من فلسطين.
وتبدي ميسون أسفها لتردد الأسر العربية التي لا ترغب في السير على خطاها ومد يد العون لأطفال الشرق الأوسط، وتقول ميسون «أشجع كل أسرة للتفكير في هذا الموضوع، على الأقل، لأنّ فوائده مجزية للغاية، فذلك سيساعد شخصاً ما على تحقيق النجاح».
وعن استضافتها لـ أسيل تقول ميسون «هي طفلة من الله، فكيف يمكن ان نقول لا لاستضافتها، لكن الأمر كان صعباً لأنه كان لدينا طالب آخر من المملكة العربية السعودية، لم نتمكن من إيجاد عائلة لاستضافته في ولاية ميشيغن وانتهى به المطاف في ولاية ويسكونسن في ضيافة عائلة أخرى.. إنه أمر محزن فعلاً».
وترى ميسون أنه من الطبيعي أن تتردد العائلات المسلمة في استضافة شخص غريب في منزلها، ولكن استضافة ميسون لم تتسبب بأيّة مشكلة لعائلتنا».
كما تساهم بقية الاسرة في مساعدة الطالبة الفلسطينية على الإندماج بمحيطها الجديد، إذ يقول بلال (20 عاماً) وهو الابن الأكبر في عائلة أبوعمارة إن أسيل أصبحت «مثل أخت رابعة». وتدرس اثنتان من الأخوات في «ثانوية فوردسون» مع أسيل.
ومنذ استضافة أسيل، أصبحت ميسون أكثر انخراطاً في برنامج التبادل الطلابي حيث أصبحت المنسق المحلي لمنظمة «خدمات التبادل الثقافي الأميركي» المرتبطة ببرنامج التبادل الحكومي. وهي تعمل على المساعدة في استضافة المزيد من الطلاب الاجانب في ميشيغن في المستقبل ويرمي مخططها الى استقدام طالب اجنبي واحد على الأقل الى كل من ثانويات ديربورن الثلاث: «فوردسون» و«أدسل فورد» و«ديربورن هاي». كما تأمل ميسون في العثور على عائلات محلية تكون على استعداد لاستضافتهم.
رغم استمتاع أسيل بوقتها في الولايات المتحدة، فإنها تقول بأن فلسطين لا تزال جزءا كبيراً من حياتها اليومية. وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، شاركت أسيل في الاحتجاجات المحلية ضد إسرائيل.
وتقول أسيل إنه عندما تم الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة في الأمم المتحدة قامت بمناقشة الموضوع في صفها الدراسي في «فوردسون» حيث شرحت لزملائها وجهة النظر الفلسطينية من الحدث.
أما بالنسبة لمستقبلها، فتأمل اسيل في العودة لاحقاً الى الولايات المتحدة للحصول على درجة جامعية، حيث تريد دراسة الطب أو العلاج الفيزيائي، أملاً في تتبع خطى والديها، فوالدها جراح عظام وأمها اخصائية اجتماعية.
وتقول أسيل إنه في حال عودتها الى الولايات المتحدة فإنها ستعيش في ميشيغن ولكنها ترغب أيضاً في زيارة ولاية كاليفورنيا أو قضاء عطلة في هاواي، ولكن المؤكد بالنسبة لأسيل هو أنها ستكون «دائماً ممتنة لعائلة أبو عمارة» التي وفرت لها فرصة القدوم واستضافتها في بيتها كواحدة من أفراد العائلة. «اصبحوا مثل عائلتي الآن، وسأشتاق اليهم كثيراً عند عودتي الى فلسطين ولكن سنبقى على اتصال دائم».
من جهتها، تشجع ميسون العائلات العربية الأميركية الاخرى للمشاركة في برنامج التبادل الطلابي الذي يوفر سنوياً ٧٥٠ منحة دراسية تقدمها وزارة الخارجية الأميركية لطلاب اجانب من أكثر من 20 دولة للقدوم إلى الولايات المتحدة وقضاء عام دراسي فيها. كما يوجد أيضا برنامج للطلاب الأميركيين للدراسة خارج الولايات المتحدة، على أن تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عاماً.
لمزيد من المعلومات حول هذه البرامج، يرجى الاتصال بميسون على رقم الهاتف: 313.790.2703 أو زيارة الموقع التالي www.exploretheworld.org
Leave a Reply