مرت الأسبوع الماضي الذكرى السنوية الأولى لتولي أول أفريقي أميركي سدة رئاسة أكبر دولة في العام. باراك حسين أوباما، الذي قدم عشرات بل مئات الوعود للناخبين في حملته الإنتخابية فشل في عامه الأول من تحقيق أي من أهدافه، بل تبين انه لا اختلاف في “الأجندة” عن عهد سابقه، بل يرى محللون وصحف أميركية أن أوباما وبوش وجهان لعملة واحدة، وأن جل ما تحقق حتى الآن هو السير على نهج السلف، أو تعطيل المسير، أو فتح جبهات أخرى بذات الأسلوب كما في اليمن.
هكذا، بعد عام من شعار طموح بث آمالا بـ”التغيير” في عالم أرهقته سياسات سلفه، خالقا شعبية جارفة تخطت المحيطات، بدأ الشعور بالأمل يتحول الى يأس الأمر الذي ترجم جليا في شعبية الرئيس “المنقذ” في استطلاعات الرأي وانتخابات ماساتشوستس رغم الدعم الإعلامي غير المسبوق له.
في ما يلي نقدم أبرز الوعود التي تعهدت بها حملة أوباما الانتخابية التي رفعت شعار “الأمل” و”التغيير”:
معتقل غوانتانامو
أعلن باراك أوباما يومين فقط بعد تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة الأميركية إغلاق معتقل غوانتانامو في غضون سنة. وقد حيا الديمقراطيون هذه الخطوة، وكذلك بعض الناشطين في حقوق الإنسان الذين كانوا ينتقدون طرق استنطاق المعتقلين، وبالرغم من إطلاق سراح أو ترحيل 44 سجينا من أصل 242 مازالوا محتجزين في غوانتانامو، فقد عارض مجلس الشيوخ استقبال المعتقلين على التراب الأميركي وبالتالي يبقى أمام إدارة أوباما إقناع دول أخرى باستقبالهم. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أقر أوباما أنه يتعذر إغلاق المعتقل في موعده المحدد.
الصراع العربي الإسرائيلي
في 4 حزيران (يونيو) 2009، ألقى أوباما خطابا في جامعة القاهرة دعا فيه إلى “فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي”، في محاولة لتلميع صورة واشنطن التي تضررت في عهد سلفه جورج بوش. إلا أنه في الواقع لم يقدم للمسلمين أي تقدم حقيقي، خاصة وأن الجزء الذي كان منتظرا في خطاب أوباما تجلى في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي لم يسجل على مساره أي تقدم بل تعيش عملية السلام جمود واضح دون أفق. ويستمر البيت الأبيض في تحركاته “العقيمة” لحث إسرائيل على تعليق الاستيطان، وهو “أقل الإىمان” للعودة الى طاولة المفاوضات.
إنجاز نوبل؟!!
جسد الجدل الذي خلفه قرار لجنة “نوبل” تسليم جائزة للسلام للعام 2009 لباراك أوباما في تشرين الأول (أكتوبر) التناقض الموجود بين الترحيب الواسع الذي حظي به انتخاب أوباما على رأس البيت الأبيض وطول انتظار قيام أوباما بتغييرات ملموسة على الصعيد الدولي الذي لم يترجم على أرض الحقيقة. وأعلنت لجنة نوبل أنها سلمت الجائزة لأوباما نظرا “للجهود الاستثنائية التي يبذلها لتعزيز الدبلوماسية والتعاون الدولي بين الشعوب”. وبالرغم من تبرير اللجنة قرارها، فإن الانتقادات لم تتأخر في الطفو على الواجهة معتبرة أن تسليمه الجائزة جاء سابقا لأوانه، وأن القرار غير مناسب بحكم التواجد العسكري الأميركي في أفغانستان والعراق والتدخل العسكري في بلدان أخرى، مثل اليمن والصومال.
أفغانستان والعراق
أما جبهات الحرب التي فتحها بوش بالعراق وأفغانستان فما زالت مستعرة بأعمال عنف ولا استقرار، وترد بالأوضاع المعيشية، مع وعود بالديمقراطية والرخاء ما زالت حبرا على ورق.
فالعراق الذي ينتظر موعد الانسحاب الذي تغير منذ اطلاق حملة أوباما الانتخابية مراراً، لا يزال يعيش وضعاً أمنياً دقيقاً ووضعاً سياسياً ممزقاً.
وعلى المسار الأفغاني صعد أوباما من سياسة سلفه بوش، فبعد عدة أشهر شهدت اجتماعات مغلقة، أعلن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي إرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان في أفق 2010. وفي خطاب تلفزيوني ألقاه من مقر الأكاديمية العسكرية “ويست بوينت”في نيويورك، دعا إلى تسريع أجندة القوات الأميركية بهدف “زعزعة وتفكيك وحل تنظيم القاعدة في كل من أفغانستان وباكستان” وتمكين القوات الأميركية من بدء انسحابها في أفق 2011. وحظي أوباما بدعم حلفائه في الحلف الأطلسي، دون أن يلتزم هؤلاء بإرسال تعزيزات جديدة كما طلب أوباما. وقد دعمت أغلبية الجمهوريين، وعلى غير عادتهم، قرار أوباما.
النظام الصحي
حاول العديد من الرؤساء الأميركيين في السابق، إطلاق إصلاح جذري للنظام الصحي، غير أن أوباما، هو الرئيس الوحيد الذي جعل من هذا الملف إحدى أولوياته واقترب بالفعل من إدخاله حيز التطبيق، رغم اعتراض شعبي واضح على خطته. فبعد عدة مفاوضات ساخنة، وافق مجلس النواب والشيوخ على عدة نسخ من الإصلاح الذي من شأنه أن يمكن الحكومة الأميركية من السيطرة على القطاع الصحي لتأمين ملايين الأميركيين.
الإرهاب والأمن القومي
مع مرور الأشهر الأولى من ولاية أوباما، وإلغاء مصطلح “الحرب على الإرهاب” حاول ما يسمى تنظيم “القاعدة” ضرب العمق الأميركي في يوم عيد الميلاد، حيث حاول شاب نيجيري تفجير طائرة أميركية كانت متوجهة إلى ديترويت، لكن محاولته باءت بالفشل. وبعد توقيفه، أعلنت “القاعدة باليمن” أنها درّبت الشاب النيجيري في اليمن. وقد حاطت علامات الاستفهام عدم انتباه السلطات الأميركية لهذا الحادث قبل وقوعه. وانتقد الجمهوريون المسؤولة عن الأمن القومي جانيت نابوليتانو التي اعتبرت أن النظام الأمني “لم يعرف أي خلل”.
وتحمل الرئيس مسؤوليته معترفا بأن مصالح الاستخبارات لم تحسن استغلال المعلومات التي كانت تتوفر عليها بخصوص منفذ الاعتداء الفاشل، متعهدا بإعادة النظر بالمنظومة الأمنية والتواصل بين مؤسساتها.
الأزمة المالية
في خضم حملة أوباما الانتخابية، التي كانت أعلى كلفة في التاريخ الأميركي قدم الرئيس عدد كبير من الوعود للطبقات الفقيرة والوسطى الأميركية لم يترجم أي منها.
فقد وعد بعدم رفع الضرائب.. وفعل. وبعدم توظيف العاملين في لوبيات الضغط المالية داخل إدارته.. وفعل، وتعهد بمحاسبة البنوك وسن قوانين تحمي المستهلك.. ولم يفعل.
كما ارتفعت نسبة البطالة رغم ضخه لمئات مليارات الدولارات من حسابات دافعي الضرائب الأميركيين لمصلحة البنوك التي اكتفى بتوبيخها.
وكذلك في الإطار الاقتصادي فشلت صناعة السيارات واستحوذت الحكومة على فخر الصناعة الأميركية “جنرال موترز” ويستمر مسلسل انهيار البنوك الصغيرة والمتوسطة، فيما حصلت البنوك الكبرى على الأموال حتى لا ينهار الاقتصاد الأميركي حسب فلسفة أعضاء إدارة أوباما المالية، الذين كلهم عملوا في هذه البنوك.
Leave a Reply