«صدى الوطن» تحاور المرشح العربي الأميركي لمنصب حاكم ميشيغن
قبل سنوات قليلة، لم يكن العربي الأميركي عبدول (عبدالرحمن) السيد يتصور أن السياسة ستكون ضمن رهاناته واهتماماته المستقبلية، ومع ذلك فقد كان المرشح المصري الأصل أول المرشحين الديمقراطيين الأربعة في التقدم بالتواقيع المطلوبة لخوض سباق حاكمية ميشيغن، كأول مرشح عربي ومسلم يخوض الانتخابات لتولي أعلى سلطة تنفيدية في الولاية.
في 6 آذار (مارس) الماضي، وقف السيد أمام مبنى سكرتاريا الولاية محاطاً بجمع كبير من المتطوعين في حملته الانتخابية، حيث تقدم بـ24 ألف توقيع تم جمعها من مختلف المناطق الانتخابية في الولاية، بزيادة 9000 توقيع عن العدد المطلوب، (١٥ ألف توقيع). متوجهاً للصحفيين بالقول: «هذه هي سلطة الناس».
بداية المسيرة
قبل أسبوع، زار المرشح الشاب مكاتب «صدى الوطن»، حيث أجرت معه الصحيفة حواراً مطولاً، استعاد فيه السيد بالذاكرة اللقاء القصير الذي جمعه بالرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في «جامعة ميشيغن» عام 2007، والذي كان مصدر إلهام لطموحاته السياسية.
عندما سأل كلينتون السيد عن سبب انتسابه لكلية الطب، مخبراً الطالب المتفوق في دراسته الأكاديمية بأنه يمتلك موهبة عظيمة في التواصل وأن بإمكانه استثمار تلك الموهبة بالترشح لمنصب سياسي.
حينها، كان قد مر ست سنوات على هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١، وكانت المشاعر المعادية للمسلمين في أوجها، وقد رد الطالب الذي حاز المرتبة الأولى في صفه على الرئيس الضيف بأنه «يحب العلوم ومساعدة الناس»، مضيفاً بسخرية لطيفة «لأنه من المستحيل انتخاب شخص يتكون اسمه من 11 حرفاً لمنصب رسمي أو حكومي»!
بعد ثماني سنوات، تولى السيد منصب مدير دائرة الصحة في بلدية ديترويت كأصغر مفوض صحي في الولايات المتحدة، وفيما بعد قرر الطبيب وأخصائي الأوبئة، السير في طريق السياسة لاسيما بعد أزمة تلوث مياه الشرب في مدينة فلنت والسموم التي خلفتها في أطفال المدينة المنكوبة.
سبب آخر دفع السيد إلى خوض مغامرة السياسة وهو «انتخاب دونالد ترامب رئيساً».
السيد الذي رزق مؤخراً بطفلة، أكد لـ«صدى الوطن» أنه ما انفك عن التفكير «في العالم الذي ستكبر فيه ابنته الوليدة»، مضيفــاً «لقـد توجـب عـلي أن أسأل نفسي.. ما هي مسؤولياتي في هذه اللحظة»، قائلاً «إنني أعرف ماذا يعني أن يترعرع المرء وهو يرى مشرعين لا يشبهونه ولا يصلّون مثله وهم يتخذون قرارات تتصل مباشرة بحياته». وشدد «نحن نتحمل المسؤولية بالوقوف ومطالبة أميركا باحتضان مثل هذا التنوع الموجود هنا في ديربورن، على سبيل المثال».
عنصرية؟
ابن الـ33 عاماً، يؤكد على أنه شخص محظوظ لأنه نشأ في منزل احتضن التنوع، تحت رعاية والديه، أبوه محمد، وهو مهاجر من الاسكندرية في مصر، وأمه جاكي، الأميركية التي ولدت وترعرعت في مقاطعة غراشيت بولاية ميشيغن.
ولكونه قد نشأ في ولاية البحيرات العظمى، فقد تمكن من معرفة الميشيغندريين عن كثب، فهم «أناس طيبون حقاً لا يعنيهم كيف يصلي المرشحون وإنما الأشياء التي يصلون من أجلها»، وقال «عندما يدرك الناس أنك تهتم بجعل حياتهم أفضل فيمكنك أن تلهمهم للتفكير فيمن ينبغي أن يكون قائداً».
وفي السياق، تدخل مدير حملة السيد الانتخابية، ماكس غلاس، للتأكيد على ما قاله المرشح العربي مشيراً إلى أن القائمين على الحملة قد أجروا مؤخراً دراسة أظهرت أن أكثر من نصف رسائل الكراهية المناهضة لترشحه مصدرها ولاية فلوريدا، بينما بلغت أقل من 7 بالمئة نسبة رسائل الكراهية الواردة من ميشيغن، على الموقع الالكتروني الخاص بحملة السيد وعبر صفحته على فيسبوك. وأضاف «فقط 28 شخصاً كتبوا تعليقات مسيئة تنم عن كراهية».
زخم شبابي
يدرك الطبيب المرشح بأنه يخوض سباقاً كبيراً في ولاية انتخبت الرئيس دونالد ترامب بفارق 10 آلاف صوت تقريباً عن منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، كما يدرك أنه بصدد مواجهة صعبة مع المرشحة الديمقراطية غريتشن ويتمر، زعيمة الأقلية السابقة في مجلس الشيوخ والنائب السابقة في مجلس نواب ميشيغن، وفي حال فوزه بتسمية الحزب الديمقراطي فسوف يواجه في الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 المدعي العام لولاية ميشيغن بيل شوتي أو نائب الحاكم الحالي براين كالي، وكلا المرشحين نجحا بجمع تبرعات ضخمة لحملتيهما تفوق بأضعاف، الأموال التي جمعها السيد.
ولكن المرشح التقدمي يعوّل على الناخبين الشباب، بحسب ما أكد لـ«صدى الوطن»، مضيفاً أن الأجيال الشابة في ميشيغن «تتطلع إلى رؤية شيء مختلف في السياسة»، وهو بذلك يراهن على الزخم الذي أشعله الرئيس السابق باراك أوباما في عامي 2008 و2012، والسناتور بيرني ساندرز في الانتخابات الرئاسية ٢٠١٦.
وأضاف «ما نقدمه هو الفرصة الفريدة لطرح رسالة تقدمية مدمجة بالمهارات التي أمتلكها كطبيب وكمفوض صحي سابق.. إضافة إلى رهاني على مشاركة الشباب التي أعتقد أنها ستكون فريدة على المستوى الوطني».
وأشار السيد إلى أن نشاطاته الانتخابية نجحت في استقطاب حوالي 50 بالمئة من الشباب للتسجيل في حملته كمتطوعين، وقد باتت أعدادهم تناهز 2800 شخص بينهم 300 متدرب، إضافة إلى 8500 من الداعمين الماليين من جميع الولايات الأميركية تقريباً، وقد مكنوا حملته من جمع ما يزيد عن مليوني دولار.
وأكد أن الجوانب المشجعة في حملته تكمن في مشاركة الشباب «من جميع الأطياف والانتماءات»، «هؤلاء الذين يرون أنفسهم في ترشحه»، تماماً كما رأى نفسه في ترشح أوباما للرئاسة الأميركية، وقال «لقد نجحنا في تنظيم تجمع شبابي متحمس يتوق لتحقيق تغيير سياسي».
وشدد «بالنسبة لنا.. الآن ليس وقت الاختباء وإنما وقت الوقوف والمطالبة بالمعاملة بالمثل لأن قيمنا تملي علينا ذلك».
وفي سياق المنافسة الانتخابية، وصف السيد منافسه شوتي بالشخص الذي «يتشوق لاغتصاب السلطة» وبأنه يهتم فقط «بالبقاء في موقع السلطة ولا يهتم بالناس الذين يخدمهم»، وقال «أنا واثق من أنه إذا نال تسمية الحزب الجمهوري في نوفمبر القادم فلن نهزمه فقط وإنما سوف نسحقه».
التغيير
ولفت السيد، الذي تجول في الكثير من مدن الولاية، إلى أن الناخبين في ميشيغن يسعون إلى تغيير وجه السياسة في ولايتهم ويتطلعون إلى سياسة توحد الناس حول إيجاد حلول للمشاكل، بدل التحزب والاستقطاب حول مختلف المسائل، وقال «الناس يسألون الأسئلة نفسها حول تطوير الاقتصاد وتحسين مستويات الدخل وتعزيز فرص العمل والحصول على التعليم الجيد والرعاية الصحية وتحسين البنية التحتية المتهالكة في الولاية».
أضاف بأنه يتحدث مع الناخبين حول إقرار برنامج شامل للرعاية الصحية ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولاراً في الساعة وإعادة تأهيل المدارس وتوفير المياه النظيفة وتعزيز الاستثمارات في البنى التحتية لشبكات المياه والصرف الصحي والطرق، إضافة إلى إغلاق خط أنابيب رئيسي لنقل النفط بهدف حماية البحيرات العظمى.
وانتقد السيد بشدة كلاً من حاكم الولاية الحالي، الجمهوري ريك سنايدر ورئيس بلدية ديترويت مايك داغن بسبب سياساتهما وقيادتهما السيئة التي وصفها بأنها «أدت إلى العديد من الأزمات في الولاية».
ولفت إلى أنه لم يطلب دعم داغن الذي عينه مديراً لدائرة الصحة في ديترويت، لكنه «طلب منه النصح والمشورة»، مشيراً إلى أنه –وخلال اجتماع بينهما– أعرب رئيس البلدية عن اعتقاده بأن السيد «سيكون حاكماً عظيماً إذا خاض الانتخابات وفاز فيها».
وانتقد السيد قرار داغن بدعم منافسته ويتمر، وقبوله للأموال من نفس المانحين الذين يدعمون ويتمر، وهو ما يظهر –بحسب السيد– أن النظام السياسي الذي تكفل بوصول داغن إلى السلطة يسعى لإنجاح ويتمر في انتخابات الحاكمية، وقال «هذا هو بالضبط النظام السياسي الذي أعارضه».
ورغم تأكيده على احترام رئيس بلدية ديترويت، لكنه أشار إلى أنه لا يتفق مع قيمه ومواقفه من مختلف القضايا بما في ذلك قرار البلدية بقطع المياه عن الأسر التي لا تستطيع تحمل التكاليف المادية، مؤكداً أيضاً أن «برنامج هدم المنازل المهجورة كان كان سبباً لتسميم مياه المدينة بالرصاص».
بنك للبنية التحتية
السيد ركز أيضاً في حديثه على ضرورة إصلاح الطرقات والجسور المتهالكة في الولاية، وقال «إن السائقين ينفقون بالمتوسط 540 دولاراً في السنة من أجل إصلاح سياراتهم لأن 29 بالمئة من الطرق و37 بالمئة من الجسور غير مطابقة للشروط الفنية». وشبه المرشح الشاب عمليات ترقيع الحفر بمعالجة الجروح العميقة بالضمادات السطحية، مؤكداً على عدم جدوى هذه الحلول.
وشدد على أن المشرعين باتوا «غير قادرين على تأمين التمويل للمشاريع الكبيرة لأن الحكومة بالكاد تمول نفسها سنوياً من خلال الميزانية». أضاف «على سبيل المثال فإن المشاريع التي تحتاج إلى سبع سنوات مهددة بالتخفيضات عند تغيير الإدارة وتغيّر الأولويات»
وتقترح حملة السيد ما يسمى «بنك البنية التحتية في ميشيغن» لتمويل المشاريع طويلة الأمد عبر الاستفادة من استثمارات القطاع خاص، وقال «لم يتوفر لدينا قط، التمويل اللازم للتفكير بشكل مبتكر، ولكن الوقت قد حان لهذا الأمر».
Leave a Reply