ديربورن - تم اختيار مساعد المدعي العام الفدرالي السابق، عبد حمود، رئيساً مشاركاً لمنتدى «بريدجز» بعد موافقة أعضاء اللجنة التأسيسية –الأسبوع الماضي– على تعيين المحامي اللبناني الأصل خلفاً لرئيس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ناصر بيضون، الذي شغل المنصب منذ أيار- مايو- عام 2019.
«بريدجز»، ومعناها بالعربية: جسور، هي اختصار للعبارة الإنكليزية: «بناء الاحترام مع المجموعات المتنوعة لتعزيز الحساسية»، كانت قد تأسست بمنطقة ديترويت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، في مسعى من الوكالات الفدرالية وقادة المجتمع المحلي في منطقة ديترويت لاحتواء ردود الفعل السلبية ضد الجاليات الإسلامية والشرق أوسطية وإيجاد قناة للتواصل الدوري بين الطرفين.
وللمنتدى رئيسان مشاركان، أحدهما عن الجانب الحكومي، والآخر عن الجانب المدني الممثل للمجتمعات العربية والإسلامية في المنطقة. وقد تمت محاكاة تجربة «بريدجز» الرائدة في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة، عبر تشكيل العديد من المنظمات المشابهة، لمعالجة التداعيات الناجمة عن هجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
ويضم منتدى «بريدجز»، الذي يعقد لقاءات دورية مفتوحة كل ثلاثة أشهر، ممثلين عن مختلف الوكالات الحكومية، بما في ذلك مكتب الادعاء العام الفدرالي في شرق ميشيغن، و«دائرة الجمارك وحرس الحدود»، و«دائرة خدمات الهجرة والتجنيس الأميركية»، و«وكالة الهجرة والجمارك» (آيس)، و«مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي)، إضافة إلى هيئات إنفاذ القانون المحلية، وممثلين عن مؤسسات الجاليات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت.
حمود، الذي يتحدّر من بلدة تبنين في جنوب لبنان ويعتبر من أبرز الوجوه القانونية في الجالية العربية، أعرب عن شكره وامتنانه لقرار تعيينه في المنصب الجديد، لافتاً إلى أنه سيوظّف خبرته السياسية والمهنية لإنجاز المهام الموكلة إليه، بطريقة «تعزز العلاقات بين وكالات إنفاذ القانون ومجتمعاتنا المتنوعة، من أجل تحقيق الأهداف التي تم إنشاء بريدجز من أجلها».
وأوضح حمود بأنه سيركّز جهوده خلال المرحلة القادمة لضمان مواصلة عمل المنتدى «الذي يخلق قناة تواصل موثوقة بين مجتمعنا وبين الحكومة الفدرالية».
ولفت حمود إلى أن اللقاءات الدورية لـ«بريدجز»، التي تجمع المسؤولين الفدراليين بالنشطاء العرب والمسلمين الأميركيين، تسعى إلى مناقشة وحلّ القضايا الشائكة، مثل المضايقات التي يتعرض لها العرب والمسلمون في المطارات والمعابر الحدودية، إلى جانب قوائم «حظر الطيران» و«مراقبة الإرهاب»، إضافة إلى قضايا الهجرة والتبرعات الخيرية والحساسيات الثقافية وسياسات إنفاذ القانون والهجرة.
وقال حمود لـ«صدى الوطن»: «في الوقت الراهن، لدينا اجتماعات دورية مع مكتب الجمارك وحماية الحدود في منطقة ديترويت، وهذا مهم لأن هذه الوكالة هي إحدى الوكالات الفدرالية التي تحدث معها معظم المشاكل بين أبناء مجتمعنا وبين الحكومة الفدرالية».
نبذة عن حمود
يعتبر المحامي عبد حمود أحد أبرز روّاد العمل السياسي العربي الأميركي، بالإضافة إلى مسيرته المهنية اللامعة التي تمتد إلى تسعينيات القرن الماضي.
وكان حمود (56 عاماً) قد هاجر من لبنان للدراسة في فرنسا عام 1985، وبعد حصوله على شهادتي البكالوريوس والماجستير، التحق بعائلته في الولايات المتحدة عام 1990، حيث حط رحاله في مدينة ديربورن والتحق بكلية الحقوق في جامعة «وين ستايت»، التي وجد فيها ضالته لتعميق معرفته بالوطن الجديد وتعزيز انخراطه واندماجه بالمجتمع الأميركي.
وخلال دراسته الحقوق، تدرّب حمود في مكتب الادعاء العام بمقاطعة وين، وتم تعيينه –بعد التخرّج– في نفس المكتب برئاسة المدعي العام كيم وورذي، التي عمل معها لقرابة 15 عاماً، قبل أن ينتقل إلى مكتب الادعاء الفدرالي في ديترويت.
وإبّان سنوات عمله في مقاطعة وين، صبّ حمود جهوده على تشجيع الشباب العرب والمسلمين للانخراط في الخدمة العامة، وكذلك حثهم على شغل وظائف في الدوائر المحلية والفدرالية، بدلاً من الاكتفاء بالعمل في القطاع الخاص الذي يدر عليهم أرباحاً أكبر، مقارنة بعوائد الوظائف الحكومية.
وفي نهاية 2006، تم تكليف حمود بقيادة «وحدة مكافحة جرائم الاحتيال العقاري» بمقاطعة وين، وهي وحدة تشكلت قبل أزمة الرهون العقارية في 2008. وقد تمكن حمود من تحصيل منح فدرالية لتوسيع فريقه، وأصبحت الوحدة معروفة على المستوى الوطني، لتفوز على أثر ذلك، بالعديد من الجوائز الهامة.
وخلال ترؤسه لـ«وحدة مكافحة جرائم الاحتيال العقاري»، قام حمود بصياغة مشاريع قوانين تتصدى لاحتيال الرهون العقارية، وقد تم تبني مشاريع تلك القوانين من قبل مجلس ميشيغن التشريعي في 2011. ونظراً للتداخل بين الاحتيال البنكي والاحتيال العقاري، فقد جذبت خبرة حمود اهتمام المدعين العامين، وبوجود منصب شاغر في مكتب المدعي العام الفدرالية السابقة في ديترويت، باربرا ماكويد، سنحت الفرصة أمام القانوني اللبناني الأصل لتحويل مسيرته القضائية إلى المستوى الفدرالي.
وفي أيار (مايو) من العام 2011، أدى حمود اليمين الدستورية كمساعد مدع عام فدرالي في شرق ميشيغن، حيث انضم إلى وحدة مكافحة «جرائم ذوي الياقات البيض»، وهو مصطلح يطلق على الجرائم غير العنيفة والمرتكبة لدوافع مالية من قبل رجال الأعمال وأصحاب النفوذ.
وخلال السنوات الثماني التي قضاها في منصب مساعد المدعي العام الفدرالي، تبنّى حمود الكثير من القضايا البارزة، قبل أن يستقيل مؤخراً لممارسة المحاماة من مكتبه الخاص في ديترويت، حيث يتولى قضايا القانون الجنائي، في المحاكم المحلية والفدرالية على حد سواء.
وأدت خبراته اللغوية ومعرفته الثقافية بشؤون الشرق الأوسط، إلى اختياره مستشاراً قانونياً لوزراتي العدل والخارجية الأميركيتين، في سفارتي الولايات المتحدة لدى مصر والكويت، خلال عامي 2016 و2017.
أما على المستوى السياسي والمجتمعي، فقد بادر حمود إلى تأسيس «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) في 1998، حيث قام في البداية بإنشاء المنظمة وتسجيلها، ثم دعا مجموعة من المهنيين العرب الأميركيين للانضمام إليها، كان في مقدمتهم ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، معلناً عن إطلاق «أيباك» كجهد جماعي، تمخض في العقدين الماضيين عن تحقيق نجاحات هائلة في إيصال الكثير من المرشحين إلى مواقع القرار والمسؤولية، على المستويين المحلي والفدرالي.
وترأس حمود «أيباك» حتى عام 2001، عندما تنحى عن منصب الرئيس ليخوض انتخابات رئاسة بلدية ديربورن، متحدياً بذلك، السلطة السياسية لرئيس البلدية –آنذاك– مايكل غايدو. ونجح أول مرشح عربي أميركي في سباق بلدية ديربورن في اجتياز الجولة التمهيدية، ولكنه خسر الانتخابات العامة التي صادف إجراؤها بعد هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، والتي تسببت بحالة من الذعر وعدم اليقين في منطقة ديترويت.
تجدر الإشارة إلى أن حمود هو من سكان مدينة ديربورن، وهو متأهل من السيدة منى حمود، ولهما ابنان: مازن (27 عاماً)، ومصطفى (28 عاماً) الذي يشغل حالياً عضوية مجلس ديربورن البلدي.
Leave a Reply