تحت شعار استعادة الثقة بنزاهة الانتخابات
لانسنغ
عبر مسار دستوري يجنبهم الحاجة إلى توقيع الحاكمة الديمقراطية غريتشن ويتمر، باشر الجمهوريون في ميشيغن، أولى خطواتهم العملية لتغيير نظام التصويت في الولاية، من خلال تقديم نصّ لعريضة شعبية تتضمن تعديلات واسعة على قواعد الاقتراع، وذلك بعد أشهر من تشكيك أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بنزاهة نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وقدّمت حملة «أمّنوا انتخابات ميشيغن» Secure Michigan Vote المدعومة من الحزب الجمهوري، نصَّ العريضة إلى هيئة الانتخابات في الولاية، لاعتمادها رسمياً قبل البدء بعملية جمع التواقيع، التي تتطلب الحصول على أكثر من 340 ألف توقيع في غضون ستة أشهر، وفق قانون العرائض الشعبية في ميشيغن.
وبحسب دستور الولاية، تصبح العريضة الشعبية –التي تجمع العدد الكافي من التواقيع الصالحة– قانوناً سارياً سواءً في حال أقرّها مجلسا النواب والشيوخ في الولاية أو في حال إقرارها عبر استفتاء انتخابي يُجرى على مستوى الولاية برمّتها.
وقبل البدء بجمع التواقيع، يجب أولاً أن توافق هيئة الانتخابات في ميشيغن على نص العريضة، في عملية قد تستغرق عدة أسابيع. وفي نهاية المطاف، يرجّح المراقبون أن تنجح الحملة في جمع العدد المطلوب من التواقيع الصالحة في غضون ستة أشهر، بسبب دعمها بشكل مباشر من الحزب الجمهوري.
ونظراً لأن الجمهوريين يسيطرون على الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ في ميشيغن، فمن المتوقع أن يحولوا العريضة إلى قانون فور المصادقة على تواقيعها ورفعها إلى السلطة التشريعية.
وقرر الجمهوريون أن يسلكوا هذا المسار الدستوري، بدلاً من أن يمرروا الإصلاحات المقترحة عبر مشاريع قوانين في مجلسي النواب والشيوخ، لأن ذلك سيجنبهم خطر استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل الحاكمة الديمقراطية التي تعهّدت في تصريحات سابقة، بمنع أي مقترح تشريعي يحدّ من حقّ التصويت، وفق تعبيرها.
وبحسب دستور ميشيغن، لا يتمتع الحاكم بصلاحية استخدام «الفيتو» ضد العرائض الشعبية التي تتبناها السلطة التشريعية، على عكس مشاريع القوانين التي يقترحها أعضاء مجلسي النواب أو الشيوخ.
وتأتي الإصلاحات المقترحة، في إطار جهود قيادة الحزب الجمهوري في ميشيغن، لاستعادة ثقة أنصاره بالعملية الانتخابية، قبل انتخابات العام 2022 التي قد تغير موازين القوى في الكونغرس الأميركي وحكومة الولاية.
وبحسب استطلاعات الرأي، يعتقد معظم الناخبين الجمهوريين أن فوز جو بايدن بسباق الرئاسة 2020 لم يكن نزيهاً، وأنه جرى تزوير الانتخابات لصالحه.
كما تبنى العديد من المشرعين الجمهوريين، مزاعم ترامب بأن «هزيمته جاءت نتيجة تزوير واسع النطاق»، وهو ما دفع الحزب في العديد من الولايات –ومن ضمنها ميشيغن– إلى تبني استراتيجية واضحة حيال تشديد قوانين التصويت وسد الثغرات التي تم من خلالها تغيير قواعد الاقتراع خلال جائحة كورونا العام الماضي.
ورغم وجود معارضة واسعة لمزاعم التزوير في أوساط الحزب الجمهوري نفسه، إلا أن رئيس الحزب الجديد في ميشيغن، رون وايزر، كان قد أعلن في آذار (مارس) الماضي، عن حرصه على إصلاح نظام الانتخابات في الولاية، كاشفاً منذ ذلك الحين عن تبنيه لمسار العريضة الشعبية، كوسيلة للالتفاف على «فيتو» الحاكمة.
وبذلك تكون ميشيغن في طريقها للانضمام إلى 19 ولاية أخرى أقرّت إصلاحات انتخابية منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، حسب مركز «برينان للعدالة». وتسارعت هذه العملية في الولايات الجمهورية وسط اتهامات لم تثبت صحتها بتزوير واسع في الانتخابات الرئاسية التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020.
التعديلات المقترحة
تقترح العريضة إصلاحات واسعة على عملية التصويت في ميشيغن، مركّزة بشكل خاص على شرط إبراز الهوية قبل الاقتراع، سواء شخصياً أو غيابياً.
ويشير ملخص العريضة إلى أن حملة «أمّنوا انتخابات ميشيغن» «تتمتع بدعم شعبي واسع لأنها تجعل التصويت أسهل والغش أصعب»
وقال جيمي رو المسؤول في الحملة: «محور خطتنا هو هوية الناخب»، موضحاً أن الهدف هو تطبيق بعض «الإصلاحات المنطقية والمدعومة على نطاق واسع لمساعدة الناخبين من الجانبَين على زيادة الثقة في أن دقة نتائج انتخاباتنا في ميشيغن».
وتتطلب العريضة من الناخبين، إبراز رخصة القيادة أو أية بطاقة رسمية أخرى عليها صورة شخصية، قبل الإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع. أما الناخبون الذين يفشلون في تلبية هذا الشرط فسيتعين عليهم التصويت عبر ورقة اقتراع مؤقتة Provisional، ستوضع جانباً إلى أن يتم التثبت من هوية الناخب بواسطة مكتب الكليرك المحلي.
كما تتضمن العريضة قواعد جديدة للتأكد من هوية الناخبين الذين يدلون بأصواتهم غيابياً.
ورداً على انتقادات الديمقراطيين الذين يرون في شرط الهوية تهميشاً للفقراء، تدعو العريضة أيضاً إلى إنشاء صندوق عام بقيمة ثلاثة ملايين دولار، لتوفير بطاقات الهوية مجاناً لمحدودي الدخل.
وتنص العريضة أيضاً على منع سكريتاريا الولاية ومكاتب الكليرك المحلية من إرسال طلبات التصويت الغيابي عبر البريد إلى الناخبين المسجلين دون أن يطلبوها هم أولاً، وذلك لعدم تكرار ما حصل في انتخابات العام 2020 بذريعة جائحة كورونا.
كما تحظر العريضة المقترحة على موظفي الانتخابات، قبول أي تمويل من طرف ثالث.
معارضة ديمقراطية
يعارض الديمقراطيون العريضة المدعومة من الجمهوريين بشدة، ويرون فيها محاولة منهم لثني الناخبين المهمشين عن الإدلاء بأصواتهم، عدا عن أنها «استمرار للكذبة الكبيرة»، التي أشاعها ترامب وأنصاره حول تزوير الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وقال النائب الديمقراطي مات كولتزار (عنمن بليموث) نائب رئيس لجنة الانتخابات والأخلاق في مجلس النواب: «أعتقد أن ما يحاول الجمهوريون فعله هنا، مخيف تماماً».
وأضاف أن «كل ما ستفعله هذه العريضة، هو أنها ستضع عوائق أمام التصويت بدلاً من ضمان أي نوع من نزاهة الانتخابات».
بل اعتبر كولتزار أن العريضة ستؤثر سلباً على نزاهة العملية الانتخابية، «لأنها ستقلل عدد الأشخاص القادرين على التصويت، ما يعني أن الانتخابات لن تعكس الإرادة الحقيقية للناخبين في ميشيغن».
أما جهود الحزب الديمقراطي لمواجهة العريضة –بحسب كولتزار– فستنصبّ على إطلاق حملة مضادة لحثّ الناخبين على عدم التوقيع على العريضة. ولكن في حال حصولها على ما يكفي من التواقيع، فسوف يتم الضغط على المشرعين الجمهوريين لعدم تبني العريضة وتركها للاستفتاء العام.
بدورها ترى رئيسة الحزب الديمقراطي في ميشيغن، لافورا بارنز، أن الهدف الحقيقي من العريضة هو «تعزيز حظوظ الجمهوريين بالفوز في الانتخابات»، مؤكدة أنهم يسعون إلى تقليل عدد الناخبين «لأنهم اكتشفوا مؤخراً ما كنا نعرفه دوماً، بأنه عندما يصوت الشعب، الديمقراطيون يفوزون».
ويرى معارضو المبادرة أن القيود المقترحة تستهدف بشكل أساسي بنوداً تسهل تصويت الأقليات ولا سيما السود الذين يميلون إلى تأييد الديمقراطيين بشكل عام.
Leave a Reply