لماذا انكفأت «أيباك» عن مراكز الاقتراع؟
ديربورن – «صدى الوطن»
في مفارقة بالغة الدلالة، فشل جميع المرشحين العرب الخمسة في سباق مجلس ديربورن التربوي الثلاثاء الماضي، في حين كان الفوز من نصيب المرشحة العربية الوحيدة في انتخابات مجلس كريستوود التربوي (ديربورن هايتس)، وكذلك مرشحة عربية أخرى فازت بعضوية مجلس نورثفيل التربوي، في شمال غربي مقاطعة وين.
في ديربورن، عاصمة العرب الأميركيين، ذهبت آلاف أصوات الناخبين العرب أدراج الرياح بفشلهم في إيصال أي من مرشحيهم الخمسة إلى أحد المقعدين المفتوحين لولاية مدتها ست سنوات، بالمجلس الذي يضم في عضويته عربين أميركين هما، فدوى حمود وحسين بري (من أصل سبعة).
وأسفر فرز الأصوات عن فوز العضو الحالي جيم ثورب بـ10,817 صوتاً (20 بالمئة من الأصوات الناخبة) والعضو السابقة روكسان ماكدونالد بـ 10,504 أصوات (19 بالمئة).
وجاء الخاسرون على التوالي: عادل معزب بـ9,517 صوتاً (17 بالمئة)، سينثيا باريللي بـ6,474 صوتاً (12 بالمئة)، أمان فدامة بـ5,192 صوتاً (9 بالمئة)، خليل الصغير بـ4,991 صوتاً (9 بالمئة) وبيلي أمين بـ4,505 أصوات (8 بالمئة)، وعفاف أحمد بـ2,659 صوتاً (5 بالمئة).
أما في منطقة كريستوود التعليمية في مدينة ديربورن هايتس، فقد تسابق أربعة مرشحين على ثلاثة مقاعد مفتوحة لولاية مدتها أربع سنوات، وأسفرت النتائج عن فوز المرشحة العربية سلوى فواز بالمرتبة الأولى، بواقع 4,339 صوتاً (29 بالمئة)، فيما حلت المرشحتان دونا أنسينيك ولين سنيا في المرتبتين الثانية والثالثة على التوالي، بنسبة 24 بالمئة من الأصوات الناخبة لكل منهما.
وكان لافتاً أيضاً فوز المرشحة العربية الأميركية أنجيلا جعفر بعضوية مجلس نورثفيل التربوي، حيث تسابقت –ابنة الناشط نعيم بزي وزوجة النائب الحالي لشريف مقاطعة وين (ماهر) مايك جعفر– مع ثلاثة مرشحين آخرين على ثلاثة مقاعد مفتوحة لولاية مدتها 4 سنوات.
وفي المدينة التي تفتقر لقوة عربية ناخبة، تمكنت المرشحة اللبنانية الأصل من الفوز بالمرتبة الثالثة بواقع 8,784 صوتاً (25 بالمئة)، بعد المرشحين سوزان لين ورونالد هوانغ، اللذين حلا في المرتبتين الأولى والثانية على التوالي، بنسبة 27 بالمئة من الأصوات الناخبة لكل منهما.
وفي مدينتي نورثفيل ونورثفيل تاونشب، فازت انجيلا بأغلبية الأصوات وجاءت في المرتبة الأولى، ولكن أصوات مدينة نوفاي وضعتها في المرتبة الثالثة رغم أن بقيت بين الفائزين الثلاثة، متمكنة من هزيمة عضو المجلس التربوي الحالي جيمس مازورك بفارق كبير من الأصوات.
نتائج ومعطيات السباقات الثلاثة، سالفة الذكر، تبدو جلية في أن تشتت الأصوات العربية وتناحرها في مدينة ديربورن كان لهما الأثر الأكبر في خروج المرشحين العرب من السباق بخفي حنين، حيث توزعت أصوات الناخبين العرب بين المرشحين الخمسة مما أدى إلى خسارتهم جميعاً.
وبالتدقيق في الأرقام، لا يمكن تجاهل حقيقة أن «عجقة» المرشحين –المؤهلين وغير المؤهلين– إلى جانب فوضى اللجان السياسية الوليدة، ساهمت في إفراغ الصوت العربي من قوته الوازنة وأرجحيته المؤثرة في ديربورن، فكانت الخسارة من نصيبهم جميعاً، بينما كان الفوز من نصيب مرشحتين عربيتين في انتخابات مجلسي كريستوود ونورثفيل التربويين.
وعجقة الترشيحات العربية هذه، باتت موضة شبه دارجة في أوساط الجالية بديربورن، على قاعدة «ما حدا أحسن من حدا» «في حارة كل من ايدو الو». ولا شك في أن الكثير من المرشحين العرب مؤهلون لشغل المناصب العامة والرسمية، لكن الصحيح أيضاً أن البعض الآخر متطفلون وتواقون لدخول المعترك العام رغم عدم امتلاكهم لأدنى المؤهلات، غير آخذين بعين الاعتبار التأثير السلبي لترشحهم على حظوظ المرشحين العرب الآخرين ورغبتهم بخوض غمار الخدمة العامة في ظل تدني مستوى المنافسة ونوعية المرشحين الذين لا يتوانون عن نشر الأكاذيب والافتراءات عبر كل ما أتيح لهم من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
وبحسب المحامي عبد حمود مؤسس «اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) في ديربورن عام ١٩٩٨، فإن لجوء بعض المرشحين والمنظمات السياسية الجديدة في الجالية إلى التأجيج المذهبي أو الطائفي أو على أساس الوطن الأم أو القرية أو العائلة، يؤدي إلى ظهور انقسامات مؤسفة في الجالية التي عملت «أيباك» على إبراز وزنها الانتخابي ككتلة متماسكة على مدار عقدين من الزمن.
وأوضح أنه من حيث المبدأ، لا يرى مانعاً في تنافس المرشحين العرب فيما بينهم على المناصب العامة، معتبراً أن ذلك نتيجة طبيعية لنمو الجالية وتطورها السياسي، غير أن التحريض المذهبي والمناطقي الذي يبثه البعض بين مكونات الجالية من أجل مكاسب انتخابية ضيقة يجب أن يكون خطاً أحمر للجميع.
ولفت حمود إلى أن «أيباك» –على عكس عادتها– حرصت في هذه الدورة الانتخابية، على عدم نشر مندوبيها أمام مراكز الاقتراع في ظل التواجد الكثيف لمتطوعي حملات المرشحين المتنافسين في «ظاهرة لا نراها في المدن والمجتمعات الأخرى في المنطقة».
ومنذ تأسيسها، دأبت «أيباك» في كل موسم انتخابي على إرسال عشرات المتطوعين الشباب إلى مراكز الاقتراع لتشجيع وإرشاد الناخبين. ولكنها آثرت –في الانتخابات الأخيرة– العدول عن ذلك، واكتفت بحث الناخبين من خلال الرسائل البريدية والالكترونية، وذلك تفادياً للمشاكل والصدامات التي وصلت الثلاثاء الماضي إلى حد الملاسنة والعراك واستدعاء الشرطة إلى عدد من مراكز الاقتراع.
Leave a Reply