ديربورن – إعتقلت السلطات الأميركية الثلاثاء الماضي رجلا في منزله بديربورن يعمل بائع آيس كريم ومتهما بقتل إثنين من الجنود الإيرلنديين عام 1980 ويتوقع ترحيله على خلفية إنتهاكه قانون الهجرة الأميركي. ويواجه محمود بزي (71 عاماً) إجراءات الترحيل هذا الأسبوع بحسب خالد وولز وهو المتحدث باسم مكتب الهجرة والجمارك الأميركية «آيس» في ديترويت، والذي قال إن بزي إعتقل بهدوء عند الساعة العاشرة والنصف صباحا. ولم يشر وولز ما إذا كان بزي وهو مواطن لبناني سيرحل إلى لبنان أم إلى دولة أخرى.
ويبدو أن إعتقال بزي جاء على خلفية دخوله الولايات المتحدة قادما من الشرق الأوسط بجواز سفر مزور قبل 21 عاما، ولم يذكر وولز ما إذا كان بزي سيواجه إتهامات تتعلق بتعذيب وقتل إثنين من الجنود الإيرلنديين في لبنان، كانا ضمن قوات حفظ السلام الدولية على الحدود بين لبنان واسرائيل، وقيل إنه قتلهما إنتقاما لمقتل شقيقه الأصغر في إشتباك مسلح مع القوة الإيرلندية قبل ذلك بـ 10 أيام. وكانت جرت مطالبات على مدى عدة سنوات من أسر وأصدقاء الجنديين (ديريك سمولهورن، طوماس باريت) لإتخاذ إجراءات ضد بزي، وكان هؤلاء يتساءلون كيف منحت الولايات المتحدة بزي الإقامة الدائمة، وقالوا إنهم لم يتلقوا إستجابة شافية حتى الثلاثاء الماضي.
كارين باريت والتي كان عمرها 6 سنوات حين قتل والدها، أجهشت بالبكاء حين علمت بإعتقال بزي الثلاثاء وقالت ان عائلتها انتظرت 34 عاما لإتخاذ إجراء ضد بزي وقالت من منزلها في مدينة كورك «نحن في حالة صدمة كاملة» أكاد لا أصدق كل ما حدث. في الآونة الأخيرة وتحديداً في 5 من الشهر الحالي نظم مئات من الجنود الأيرلنديين المتقاعدين وقفة احتجاجية أمام السفارة الأميركية في دبلن، معظمهم إرتدى القبعات الزرق وساروا حول مبنى السفارة في تشكيلات وهم يعزفون الموسيقى العسكرية، ووقفوا دقيقة صمت حداداً على أرواح رفاقهم الذين سقطوا أثناء تأدية الواجب.
وكان بزي الذي قال انه لا يتحدث الانكليزية وتم الإستعانة بمترجم، قال في مقابلتين مع صحيفة «فري برس» في الأسابع الماضية بأنه بريء، وبسؤاله إن كان قتل أحدا رد بالقول «لا». من جانبه قال وولز للصحيفة الشهر الماضي بأنه لا يستطيع تأكيد أو نفي ما إذا كانت سلطات الهجرة إستجوبت بزي، لكنه قال الثلاثاء بأن الولايات المتحدة تعتزم ترحيله.
تجدر الإشارة الى أن ايرلندا على مدى عقود رفدت قوات حفظ السلام الدولية «اليونيفيل» بالجنود، وفي أواخر السبعينيات من القرن الماضي نشبت حرب أهلية في لبنان وإحتل الجيش الاسرائيلي أجزاء من الجنوب اللبناني، ومن ثم تمركزت قوات اليونيفيل على الحدود بين لبنان واسرائيل. في تلك الأثناء كانت هناك ميليشيا مسيحية موالية لاسرائيل اشتبكت مع قوات تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووقعت قوات اليونيفيل في الوسط.
وقال إثنان من شهود العيان لصحيفة «فري برس» هما أوماهوني وصحفي أميركي إختطفته المجموعة وأطلق سراحه بأن بزي كان قائد تلك المجموعة التي قامت بإختطافهم ونقلهم الى مدرسة مهجورة، بل إن أوماهوني قال إن بزي هو من أطلق النار عليه داخل المدرسة وترك مصابا، ثم ما لبث رأى أن سيارة يقودها بزي أخذ فيها الجنديين وانطلقت بسرعة، ولاحقا في نفس اليوم أعيدت جثتاهن وعليهما آثار التعذيب وعيارات نارية. وعقب ذلك بفترة قصيرة وقف بزي ليعلن أمام عدسات الكاميرات التلفزيونية في لبنان مسؤوليته عن قتل الجنديين قائلاً بأنه فعل ذلك إنتقاما لمقتل شقيقه.
لكن بزي قال في المقابلات الصحفية الشهر الماضي بأنه كان كاذبا حين ادعى المسؤولية عن مقتل الجنديين أمام عدسات الكاميرا، مضيفا انه لم يكن القاتل ولكنه أرغم على ذلك من قبل قائد الميليشا الذي هدده بقتل افراد اسرته اذا لم يعلن أنه هو من قام بقتل الجنديين. ولم ينكر بزي للصحيفة بأنه كان حاضرا في مشهد الاختطاف إلا أنه غادر المكان قبل أن يصب أحد بأذى.
على مر السنين ركزت وسائل الاعلام الايرلندية بصورة دورية على هذه الجريمة والتي كانت مأساة نادرة لقوات حفظ السلام الايرلندية، لكن السلطات الاميركية لم تعط الموضوع إهتماما يذكر، وقبل 14 عاما تابعت وسيلة إعلام ايرلندية، بزي في ديترويت وواجهه الصحفيون أمام حديقة منزله، حينها اعترف بانه حضر الواقعة وانه لم يكن القاتل.
لم تكن حادثة مقتل الجنديين الايرلنديين لتثير اهتمام السلطات الاميركية، لحين نشر مذكرات الصحفي الاميركي السابق في اسوشيتد برس الذي سبق له ان تعرض للاختطاف، والذي قال ان وزارة الامن الداخلي اتصلت به الصيف الماضي، وقالت له ان بزي قدم طلبا للحصول على الجنسية الاميركية، وترغب الوزارة بمعرفة ما اذا كان هيندي وأوماهموني سيشهدان ضد بزي، كلا الرجلان قالا «نعم» ولكنهما لم يسمعا من الوزارة شيئا بعد ذلك.
Leave a Reply