فرح حرب – «صدى الوطن»
التفتيش الدقيق للعرب والمسلمين الأميركيين في المطارات والمنافذ الحدودية ليس بالأمر الجديد، ولكن الإجراءات الانتقائية التي تستهدفهم وتستهدف أمثالهم من الأقليات الأخرى، باتت تجعل من سفرهم مسألة مؤرقة تنطوي على الكثير من الإهانة والتعسف والتحقيق والتفتيش الجسدي وفحص أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة.
وتزداد المسألة تعقيداً مع الأشخاص المدرجين على قائمتي «حظر الطيران» و«مراقبة الإرهاب»، الذين يتعرضون للتمييز الخشن والمذلّ من قبل ضباط الهجرة والجمارك الذين يقومون بإنزالهم من الطائرات قبل إقلاعها، أو منعهم من ركوبها في الأساس، من دون أية مبررات واضحة.
وفي كل يوم، تطالعنا وسائل الإعلام والممنظمات الحقوقية بأخبار جديدة حول ما يتعرض له المسافرون ذوو الأصول العربية والإسلامية من معاملات تمييزية وعنصرية من قبل الوكالات الأمنية، وغيرها من الوكالات الحكومية الأخرى، التي باتت سياساتها تعكس أجواء متفاقمة من فقدان الثقة والعداء غير المبرر للأقليات والملونين، في مخالفة صريحة للدستور الأميركي الذي يحمي حقوق جميع المواطنين، بغض النظر عن ألوانهم وأعراقهم وخلفياتهم الإثنية والدينية.
وفي هذا الإطار، روى العربي الأميركي طارق بزي لـ«صدى الوطن» قصة تعرضه للاستجواب المكثف من قبل ضابط الهجرة والجمارك في «مطار أوهير الدولي» بمدينة شيكاغو، خلال قيامه –في الآونة الأخيرة– برحلة لزيارة وطنه الأم، لبنان. وقال: «كنت آخر شخص في الطابور، وقد شهدت صعود جميع الركاب إلى الطائرة ورأيتهم يدخلونها بسهولة، ولكن عندما تقدمت بجواز سفري إلى الموظف المسؤول، كانت المفاجأة، حيث طلب مني ضابط الجمارك أن أتنحى جانباً، وانهال عليّ بمجموعة كبيرة من الأسئلة».
بزي، وهو أميركي الجنسية من سكان مدينة ديربورن هايتس، أضاف: «لقد سألني إلى أين أنت ذاهب، وأين ستقيم، وقد أخبرته بأنني مسافر إلى لبنان، وأنني سأقيم في أنحاء متفرقة من البلد، لكنه أعاد علي السؤال مرة أخرى، هل أنت ذاهب إلى مكان آخر غير لبنان، وهل لديك أقارب هناك».
وتابع: «لقد أخبرته أنه لدي أقارب بعيدون في لبنان، ومع ذلك، فقد أصر على طرح السؤال مستفسراً فيما إذا كان لي هناك أشقاء أو أحد الأبوين، ولكنني أصريت على أنه فقط لدي أقارب بعيدون».
وبزي الناشط في مؤسسة «معهد هادي»، أشار إلى أنه كان مستعداً من الناحية النفسية لمثل ذلك الموقف، لافتاً إلى أنه أدرك في وقت لاحق، بأنه استفاض في الإجابة على الأسئلة بأكثر مما ينبغي، وقال: «من حيث المبدأ، لا يوجد أي سبب لكي يسألوا كل تلك الأسئلة التي لا تخص وكالة الهجرة وحماية الحدود CBP، على الإطلاق».
بعد ذلك، شعر الشاب اللبناني الأصل أن بإمكانه الاستفادة مما حصل، و«قلب الطاولة عليهم»، على حد تعبيره، حيث بادر إلى سؤال ضابط الهجرة عن السبب في كونه الشخص الوحيد التي تم استدعاؤه جانباً لتوجيه مثل تلك الأسئلة التفصيلية، كما سأله عن اسمه، فجاءه الجواب: «الضابط ستيمسون».
سئم بزي من الأسئلة الكثيرة ومن تعرضه للتمييز بتلك الطريقة، مشيراً إلى أن مسؤولة ذات رتبة أعلى من رتبة ستيمسون، سألته «بوقاحة» كيف له أن يعلم بكيفية التعامل مع الركاب الآخرين، في محاولة منها لتبرير عملية الاستجواب وكأنها إجراء طبيعي، لكن بزي أجابها بنفس النبرة، قائلاً: «لا أدعي أنني شاهدت جميع الإجراءات، ولكنني أردت –ببساطة– معرفة سبب طرح مثل هذه الأسئلة علي، دون الآخرين».
وأكد لـ«صدى الوطن»: «يمكنني القول إنني في لحظة ما بدأت أتماسك، وأصبح الضابط غير مرتاح بشكل كبير، وكان واضحاً أنه يطرح أسئلة لا مبرر لها».
وكان آخر سؤال وجهه الضابط لبزي: «أين تعمل؟»، إلا أن بزي تجاهل السؤال، وسأل الضابط فيما إذا كان بإمكانه أن يستقل الطائرة أم لا.
وعند تلك اللحظة، نظر الضابط ستيمسون إلى رئيسته وسألها عما إذا كانت تريد تفتيش أمتعة المسافر اللبناني الأصل، بالرغم من أن حقائبه كانت قد فتشت بالفعل. وعندما أجابت المسؤولة بأنها لا تريد فعل ذلك، كرر بزي سؤاله لضابط الجمارك عما إذا كان بإمكانه ركوب الطائرة، فكان الجواب: «الأمر متروك لك».
وعزا بزي أسباب التحدث إلى الصحافة حول ما جرى معه في مطار أوهير بشيكاغو، إلى كوننا «نعيش في وقت يتم فيه استهداف العرب والمسلمين الأميركيين على جميع الجبهات»، مضيفاً أن «المطارات هي الأماكن الأكثر شيوعاً لهذا التمييز».
وأضاف: «يتم استجواب الكثير من المسلمين ومساءلتهم من قبل عناصر الـ«سي بي بي» و«أف بي آي»… ومع العلم أنهم ليسوا مجبرين أبداً على الإجابة، إلا أنهم يوضعون تحت انطباع بأنهم إذا أذعنوا وتعاونوا فسوف يُتركون لحال سبيلهم».
وقال: «العكس هو الصحيح.. عندما يرى المتنمر هدفاً سهلاً، فسوف يستغل الفرصة، أما عندما يرى شخصاً قوياً فسوف يفكر مرتين قبل أن يستهدفه».
Leave a Reply