بريانا غازورسكي – «صدى الوطن»
منذ سنوات عديدة، يواجه أصحاب المنازل العرب الأميركيون ضمن حيّ «ديربورن هيلز» السكني في غرب المدينة، مشقات كبيرة ودعاوى قضائية طويلة لإجراء أي تحسينات أو توسيعات على عقاراتهم، مما دفع بعضهم إلى اتهام الجمعية المشرفة على الحي بالعنصرية.
فمن أصل سبع دعاوى قضائية، بين المالكين العرب وبين جمعية «ديربورن هيلز»، ماتزال قضية واحدة –على الأقل– عالقة في أروقة المحاكم منذ أكثر من سنتين، لمنع أحد أصحاب العقارات من توسيع منزله، بحجة القيود المنصوص عليها في عقد الملكية.
ناصر بيضون، وهو حقوقي بارز مقيم في ديربورن منذ العام 1969، اشترى منزلاً في منطقة «ديربورن هيلز»، لكنه تفاجأ برفع دعوى قضائية ضده لثنيه عن توسيع منزله حتى قبل أن ينهي صفقة الشراء، بحسب ما أفاد لـ«صدى الوطن». وقال: «لقد رفعوا الدعوى ضدي حتى قبل أن امتلك المنزل، أو أحصل على التصاريح المطلوبة لتوسيع البناء»، لافتاً إلى أن الجمعية توظف شخصاً يدعى جون كوزيك، وأنه «هو المسؤول عن كل شيء تقريباً، وإذا لم يعجبه شيء، فلن يتم».
ووفقاً للموقع الإلكتروني لجمعية «ديربورن هيلز سيفيك» على الإنترنت، فإن كوزيك هو نائب رئيس مجلس الأمناء (بورد)، وتناط به مسؤولية السجلات وخطط البناء في الحي الذي يشمل ملعب غولف وعدة بلوكات سكنية راقية، إلى الشمال من شارع ميشيغن أفنيو، وحول شارع تلغراف في غرب ديربورن.
وعزا بيضون أسباب منعه من توسيع منزله وتحسينه إلى «دوافع عنصرية»، وقال: «لا يضم مجلس الأمناء في عضويته عرباً أميركيين، أعتقد أن الأسباب التي تحول دون التوسعة تعود إلى العنصرية، لأنهم لا يقاضون سوى العرب الأميركيين القاطنين في هذا الحي».
وفي منطقة متنوعة ثقافياً وعرقياً، أعرب بيضون عن اعتقاده بأن الجمعية تتحيز ضد العرب الأميركيين لكي تثنيهم عن القدوم إلى الحي، وقال: «لم يتواصلوا معنا قطّ، لقد رفعوا دعوى ضدنا وحسب، وهم بهذه الطريقة يحاولون التنمر علينا، حتى لا ينتقل المزيد من العرب إلى هذا الحي.. هذا هو هدفهم».
وأشار بيضون الذي يرأس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية»، إلى أنه بصدد التقدم بالتماس طارئ لاستصدار أمر قضائي، مضيفاً: «هذا سيسمح لي –على الأقل– بمواصلة البناء، نحن نحاول التفاوض معهم، وكل ما أريده هو إكمال بناء بيتي».
وطالب بيضون بأن يعكس مجلس أمناء الجمعية التنوع الثقافي لسكان الحي، داعياً إلى تشكيل لجنة لتشجيع السكان العرب على المشاركة في عملية صنع القرار. وقال: «من حق العرب الأميركيبن أن يشاركوا في صنع القرار، حتى لا يكون تمثيلنا غائباً أو ناقصاً».
وفي 21 تموز (يوليو) الماضي، وصفت الجمعية الاتهامات الموجهة ضدها بـ«الأكاذيب والافتراءات»، وقالت في رسالة على موقعها الإلكتروني: «في الآونة الأخيرة، أصدرت «القناة السابعة» تقريراً إخبارياً حول مالك عقار ساخط، واثنين من السكان، لقد شعرنا بالحزن لعدم إدراج المراسل للمعلومات التي تشاركناها معه، والتي تثبت بأن الاتهامات الموجهة ضدنا بالتمييز، لا أساس لها من الصحة، وأنها مجرد افتراءات».
من جانبه، قال علي السيد، وهو مالك عقار في حي «ديربورن هيلز»: «لقد انتقلت إلى هذا الحي عام 2007، وقمت برعاية عائلتي المكونة من أربعة أطفال، ومع نمو أسرتي.. كنت بحاجة إلى توسيع المنزل، وقد تمت الموافقة على خططنا، وكنا نستعد للبناء، لكن بعد ذلك جاء مجلس جديد، ورفض خططي المعتمدة بالفعل».
وفيما أكد السيد أن الجمعية كسبت القضية في المحكمة، إلا أنه أعرب عن اعتقاده بأنه وقع –هو الآخر– ضحية العنصرية. وقال: «كنت مهتماً بالانضمام إلى مجلس الأمناء، وتم بالفعل اختياري لعضويته، وفي غضون أسبوع، أُبلغت بأن الوظيفة لم تعد متاحة».
وأكدت بيانات الجمعية على موقعها الإلكتروني بأن عمليات الموافقة على خطط البناء «تستند بشكل صارم إلى القيود المحددة في عقود ملكية العقارات»، والتي تمنح الجمعية سلطة منح الأذونات لأعمال البناء في الحي، مضيفة: «يتم قبول أو رفض الخطط بناءً على قيود عقود الملكية. وليس لجنس الشخص أو عرقه أو أصله القومي أو دينه أو توجهه الجنسي أي تأثير على اتخاذ مثل هذه القرارات».
لكن السيد دحض ما أسماها بـ«المزاعم التي لا أساس لها من الصحة»، قائلاً: «عندما أبدينا رغبة في توسيع شرفة منزلنا (بورتش)، تم رفض طلبنا، بزعم أن الشرفة التي نريد تشييدها لا تنسجم مع الحي، مع أنه يوجد العديد من المنازل المجاورة التي تمتلك تصميمات مماثلة».
خطاب الرفض الذي أرسله كوزيك إلى السيد، ذكر أن الشرفة المقترحة لن تكون منسجمة مع تصميم المنزل، لافتاً إلى أنه تمت الموافقة على بناء شرفة مماثلة قبل بضع سنوات، إلا أن ذلك المنزل كان أكبر وأوسع بشكل كبير، وكانت الشرفة متناسبة مع المنزل ومحيطه، بينما في حالتك.. الأمر ليس كذلك».
كوزيك اقترح على السيد، النظر في خيارات أخرى لتحسين منزله، وقال في رسالة: «نحن بالتأكيد ندعم رغبتك في تحسين مظهر منزلك، ونوافق على أن الشرفة الأمامية المسقوفة يمكن أن تكون مفيدة وجذابة، ولكننا نقترح أن يتم النظر في بناء شرفة أصغر وممر أضيق، مع درابزين معدني بدلاً من الخشب المطلي، فمثل هذا الشيء يمكن أن يكون أكثر جاذبية ويلبي احتياجاتك في نفس الوقت».
ووصف السيد حجج كوزيك بـ«الواهية» وأنها مدفوعة عنصرياً، وقال: «إنه لأمر محزن أننا نتحمل هذه المعاملة العنصرية.. إنهم كارهون للغاية، وهذا مؤلم»، مضيفاً: «لقد عشت في ديربورن طوال حياتي، وكنا نتعرض للتمييز والتحيز ضدنا، لقد كنت أرغب في أن تكون لدي شرفة جميلة وأن أتمكن من رؤية بناتي وهن يلعبن في الحديقة الأمامية.. إنها مجرد شرفة.. وها هم الآن لا يجيبون على مكالماتي».
وفي 13 آب (أغسطس) الماضي، طالب مجلس الجمعية –في رسالة عبر موقعها الإلكتروني– بجمع تبرعات للصندوق القانوني التابع لها، واصفاً الحي بأنه «واحة»، في إشارة إلى تميزه عن الأحياء المحيطة.
وجاء في الرسالة: «نحن مكان نحب فيه جيراننا ونحترمهم، إننا نتعامل مع الآخرين على قاعدة: عامل الآخرين كما تحب أن يعاملوك». وأضافت الرسالة: «بينما نشاهد في جميع أنحاء البلاد انقسام الناس حول قضايا العرق والسياسة، وغيرها من المسائل الأخرى، فإن ديربورن، وخاصة منطقة ديربورن هيلز، كانت ولازالت واحة، ويجب أن تكون منطقتنا مكاناً آمناً بعيداً عن كل أنواع الصراعات».
ولم تتمكن «صدى الوطن» من التواصل مع كوزيك للوقوف على رأيه حول الاتهامات الموجهة ضد جمعية «ديربورن هيلز»، فيما فضلت رئيسة الجمعية ساندي مككنتي عدم التعليق على شكاوى كل من بيضون والسيد. وقالت: «إن سياستنا هي عدم التعليق على الدعوى القضائية الجارية، ويتضمن موقعنا على الإنترنت رداً كاملاً على الادعاءات الكاذبة ومحاولات التشهير بنا»،
وأضافت: «نحن حي مرحب وشامل، ونحن ندافع عن جميع سكاننا، وقيود عقود الملكية هي التي تجعل مجتمعنا مكاناً جميلاً للعيش فيه».
Leave a Reply